التقارير

فضيحة تبادل بيانات: استقالة مسؤول بارز في مصلحة الضرائب الأمريكية

بين حماية الحدود وانتهاك الخصوصية: جدل متصاعد حول تبادل المعلومات الضريبية

الوطن – في تطور مفاجئ، أعلنت مصادر مطلعة أن مفوضة مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS) بالإنابة، ميلاني كراوس، قدمت استقالتها. احتجاجًا على اتفاق جديد يقضي بمشاركة بيانات المهاجرين الضريبية مع إدارة الهجرة والجمارك (ICE). بهدف تحديد وترحيل المقيمين بصورة غير قانونية داخل الولايات المتحدة.

وكانت كراوس قد تولت منصبها في فبراير الماضي خلفًا لدوجلاس أودونيل. الذي تقاعد بعد نحو أربعين عامًا من الخدمة، إثر جدل واسع أثارته قرارات إدارة الرئيس دونالد ترامب بشأن الوصول إلى بيانات دافعي الضرائب.

الاتفاقية المثيرة للجدل، التي وُقعت يوم الاثنين من قبل وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم. تتيح لإدارة الهجرة تقديم أسماء وعناوين المهاجرين إلى مصلحة الضرائب لمقارنتها بسجلات الضرائب الرسمية. ووفقًا لمسؤولين تحدثوا لوكالة “أسوشيتد برس” بشرط عدم الكشف عن هويتهم، جاءت استقالة كراوس اعتراضًا على هذا التوجه.

تقول وزارة الخزانة إن هذا الاتفاق يهدف إلى دعم جهود الرئيس ترامب لتأمين الحدود الأمريكية. ضمن حملة أوسع لمكافحة الهجرة غير النظامية شملت عمليات ترحيل ومداهمات أماكن العمل، وحتى تفعيل قوانين قديمة تعود للقرن الثامن عشر لترحيل مهاجرين من فنزويلا.

التعاون بين مصلحة الضرائب وإدارة الهجرة: بين الأهداف الأمنية والمخاوف القانونية

ورغم التبريرات الرسمية. واجه الاتفاق انتقادات حادة من منظمات حقوقية، حيث اعتبر نشطاء أن مشاركة بيانات الضرائب مع وزارة الأمن الداخلي ينتهك خصوصية الأفراد. ويقوض ثقة المهاجرين بالنظام الضريبي، مما قد يؤدي إلى تراجع الالتزام الضريبي بين مجتمعات المهاجرين.

من جهته، حذر توم بومان، المستشار السياسي في مركز الديمقراطية والتكنولوجيا. من أن الاتفاق “يخلق سابقة خطيرة لاستغلال بيانات الخصوصية في برامج اتحادية أخرى”. مشيرًا إلى أن تأثيره لن يقتصر على المهاجرين بل قد يطال جميع دافعي الضرائب الأمريكيين.

تجدر الإشارة إلى أن تغييرات أخرى شهدتها مصلحة الضرائب مؤخرًا. إذ تمت إقالة المستشار القانوني بالوكالة وليام بول، ليحل محله أندرو دي ميلو، المعروف بدعمه لإدارة كفاءة الحكومة (DOGE) بقيادة إيلون ماسك، وفقًا لمصادر مطلعة.

ومع تصاعد الجدل. يبقى التساؤل مطروحًا حول مدى تأثير هذه السياسات على علاقة الأمريكيين، مواطنين ومهاجرين، بمؤسساتهم الحكومية ومستوى ثقتهم بها

أكد تود ليونز، مدير إدارة الهجرة والجمارك (ICE) بالإنابة، خلال مشاركته في معرض أمن الحدود بمدينة فينيكس يوم الثلاثاء، أن الاتفاقية الجديدة مع مصلحة الضرائب ستساعد في تعقب الأفراد الذين يحصلون على مزايا حكومية بشكل غير قانوني ويختبئون “بصورة علنية” باستخدام هويات مزورة.

وأوضح ليونز أن التعاون مع وزارة الخزانة والجهات الأخرى سيكون “مخصصًا فقط للقضايا الجنائية الكبرى”. في محاولة منه لطمأنة الرأي العام حول نطاق استخدام هذه المعلومات الحساسة.

مصلحة الضرائب في مرمى الانتقادات: استقالة المسؤولين ومخاوف قانونية

وكانت إدارة الهجرة قد استعانت بالفعل بمصلحة الضرائب مطلع هذا العام لدعم جهودها في التصدي للهجرة غير الشرعية. حيث أرسلت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نوم، في فبراير الماضي، طلبًا رسميًا إلى وزير الخزانة سكوت بيسنت لاستعارة موظفين من قسم التحقيقات الجنائية في مصلحة الضرائب. وفقًا لوثيقة حصلت عليها وكالة “أسوشيتد برس”. وقد استند الطلب إلى التمويل الإضافي الذي حصلت عليه مصلحة الضرائب بموجب “قانون خفض التضخم” الذي أقره الديمقراطيون، رغم أن جزءًا كبيرًا من هذا التمويل قد تم تقليصه لاحقًا.

وفي انتقاد قانوني حاد، حذر خبراء قانون الضرائب في مركز قانون الضرائب بجامعة نيويورك من أن الاتفاقية “تهدد بانتهاك الحقوق التي يتمتع بها الأمريكيون بموجب قوانين قديمة تحمي سرية معلوماتهم الضريبية”.
وأكد الخبراء أنه “من الصعب تصور كيفية إفصاح مصلحة الضرائب عن هذه المعلومات لوزارة الأمن الداخلي دون انتهاك قوانين الخصوصية الضريبية”. محذرين من أن مسؤولي المصلحة الذين يوافقون على مشاركة هذه البيانات قد يواجهون عواقب قانونية تصل إلى العقوبات الجنائية والمدنية.

ورغم أن المذكرة الرسمية للاتفاق تنص على أن التعاون بين مصلحة الضرائب وإدارة الهجرة “سيتم بطريقة تراعي وتعزز حق الأفراد في الخصوصية. وتلتزم بالقوانين والأنظمة وأفضل الممارسات الإدارية”. إلا أن موجة الاعتراضات المستمرة تعكس قلقًا متزايدًا بشأن مستقبل خصوصية البيانات في الولايات المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى