الوطن – أحرجت تسريبات البنتاغون لوثائق “سرية للغاية” من وزارة الدفاع الأمريكية. الولايات المتحدة الأمريكية أمام العالم. سواء من الأصدقاء أو الأعداء.
والتسريبات بدأت عبر “ديسكورد” وهي منصة دردشة يستخدمها لاعبو الألعاب الإلكترونية، سرعان ما انتشرت على موقع “تويتر” وتطبيق “تلغرام” للتواصل الاجتماعي، وكانت أولى الأوراق متعلقة بسير الحرب في أوكرانيا.
وتحدثت تلك التسريبات التي تعود إلى شهر آذار/مارس الماضي، عن خطط معارك القوات الأوكرانية واستعداداتها للهجوم المضاد هذا الربيع. بعدها بدأت كرة الثلج بالتدحرج، وتوسع نشر التسريبات لتتجاوز أوكرانيا وتصل الشرق الأوسط وكوريا الجنوبية، ما سبب صدمة لحلفاء واشنطن خصوصا أنها تكشف عن تجسسها عليهم.
وفحوى هذه الوثائق هي تبادل المعلومات الحساسة بين واشنطن ودول أخرى، إلى جانب إحاطات أمنية لكبار المسؤولين بالولايات المتحدة عن أحداث مختلفة حول العالم.
وأعلنت وزارة العدل الأمريكية يوم الجمعة أنها على اتصال بوزارة الدفاع وبدأت تحقيقا في تسريب الوثائق المزعومة.
وأمس الإثنين، اعتبر البنتاغون أنّ عملية التسريب تشكّل خطراً “جسيما جدّاً” على الأمن القومي للولايات المتّحدة. وقال كريس ميغر، مساعد وزير الدفاع للشؤون العامة، في تصريح للصحافيين إنّ الوثائق التي يتمّ تداولها على الإنترنت تشكّل “خطراً جسيماً جدّاً على الأمن القومي ولديها القدرة على نشر معلومات مضلّلة”.
روسيا وتسريبات البنتاغون
اعتبرت روسيا المتهم الأول في تسريب وثائق البنتاغون أنها “مثيرة للاهتمام”، مؤكدة أنه “يتم دراستها وتحليلها”.
وقال دميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين أمس الإثنين، إن “التسريبات مثيرة للاهتمام للغاية، تتم دراستها وتحليلها، ومناقشتها على نطاق واسع”، وفق ما نقلت عنه وكالة “سبوتنك” الروسية.
وحول الاتهامات الموجهة إلى بلاده، أضاف أن “الميل إلى إلقاء اللوم على روسيا في كل شيء، هو مرض شائع”.
وأردف: “في الواقع، هناك ميل لاتهام روسيا في كل شيء، دائمًا وفي كل مكان، وإلقاء اللوم على روسيا في كل شيء، لكن هذا مرض شائع الآن، لذلك لا يوجد شيء للتعليق عليه”.
وكشفت الوثائق المسربة عن مدى اختراق أمريكا لأجهزة الأمن والاستخبارات الروسية، وقدرتها على تحذير كييف من أي مخططات أو تحركات تعدها موسكو قبل وقوعها.
كما كشفت عن مدى معاناة الجيش الروسي في الحرب التي دخلت عامها الثاني قبل شهرين، بالإضافة إلى الخسائر البشرية التي لحقت به هنالك.
أوكرانيا و تسريبات البنتاغون
تكشفت وثائق متعلقة بأوكرانيا تفاصيل الهجوم المضاد المتوقع هذا الربيع، والجدول الزمني لتسليم الأسلحة الغربية لكييف، وقائمة بوحدات الجيش والتمركزات.
من جهتها أفادت شبكة “سي أن أن ” الأمريكية أن أوكرانيا اضطرت لتعديل بعض خططها العسكرية قبل الهجوم المضاد الذي طال انتظاره بسبب تسريب الوثائق الأمريكية السرية.
ووفق الشبكة فقد كشفت إحدى الوثائق أن واشنطن كانت تتجسس على الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي.
لكنها نقلت عن مصدر مقرب من الرئيس قوله إن هذا ليس مفاجئًا، لكن المسؤولين الأوكرانيين محبطون للغاية بشأن التسريب.
وبحسب الوثيقة فإن زيلينسكي اقترح في أواخر شباط/فبراير “ضرب مواقع انتشار روسية في روستوف أوبلاست الروسية باستخدام طائرات بدون طيار. لأن أوكرانيا ليس لديها أسلحة بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى تلك المسافة”.
كما كشفت وثائق عن تجسس واشنطن على كبار المسؤولين العسكريين والسياسيين الأوكران لمعرفة تقييمات استراتيجيات القتال لكييف. بالإضافة إلى تقييمات بشأن جيشها ومعاناته مع نقص الذخائر وسير المعارك.
وتشير إحداها إلى المكاسب التي حققتها روسيا في منطقة باخموت شرقي أوكرانيا في الأسابيع الأخيرة.
من جهته، قال ميخائيلو بودولياك المسؤول بالرئاسة الأوكرانية في بيان: “هذه مجرد أدوات معروفة في ألاعيب العمليات التي تصنعها المخابرات الروسية. ولا شيء أكثر من ذلك”.
مصر لم تسلم من التسريبات
أظهرت إحدى الوثائق السرية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمر بإنتاج 40 ألف صاروخ لتشحن سرا إلى روسيا.
وقالت الوثيقة التي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن السيسي خطط لتزويد موسكو بقذائف المدفعية والبارود، لمساعدتها في حربها على أوكرانيا.
ولم يصدر أي تعليق من القاهرة بهذا الشأن. فيما اعتبر الكرملين على لسان المتحدث باسمه دميتري بيسكوف أنها “تقارير ملفقة”.
وأضاف بيسكوف اليوم الثلاثاء: “هي أنباء مزيفة (مضللة، ملفقة) أخرى، يوجد منها الكثير الآن، لذا يجب التعامل مع مثل هذه التقارير على هذا الأساس”.
الكيان المحتل
تكشف إحدى التسريبات أن المخابرات الأمريكية اعترضت اتصالات لقادة في جهاز الموساد الإسرائيلي يشجعون فيها موظفي الوكالة المخابراتية والمواطنين الإسرائيليين على المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي عصفت بالبلاد، في آذار/مارس الماضي.
وبحسب الوثائق المسربة. وهو تقييم منسوب إلى تحديث للمخابرات المركزية الأمريكية في الأول من آذار/مارس الماضي. دعا قادة الموساد موظفي الجهاز والمواطنين الإسرائيليين إلى الاحتجاج على الإصلاحات القضائية المقترحة من قبل الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة نتنياهو.
رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتمع يوم الأحد الفائت، مع رئيس الموساد ديفيد بارنيا. وطالبه بشرح موقفه من هذه التسريبات، وفق ما أوردت القناة 12 العبرية.
وأبلغ بارنيا نتنياهو أن ما سُرب “تحليل خاطئ من قبل مسؤولي المخابرات الأمريكية”.
ووصف الموساد التسريبات الأمريكية، بالـ”كاذبة والسخيفة”. مشيرا إلى أن “قادته وموظفيه الحاليين لم يتعاملوا مع موضوع التظاهرات على الإطلاق. وظلوا أوفياء لقيمة أنهم رجال دولة، التي تقود الوكالة منذ إنشائها”.
وقال مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في بيان إن التقرير الأمريكي “كاذب ولا أساس له على الإطلاق”.
وأضاف أن “الموساد وكبار مسؤوليه لم يشجعوا، ولا يشجعون، أفراد الجهاز على الانضمام إلى المظاهرات المناهضة للحكومة أو المظاهرات السياسية أو أي نشاط سياسي”.
السلطة الفلسطينية وفضيحة التنسيق
أكدت إحدى الوثائق المسربة أن السلطة الوطنية الفلسطينية واصلت التنسيق الأمني مع إسرائيل، رغم إعلانها أنها وقفه في نهاية شهر كانون الثاني/يناير الماضي.
وأوضحت الوثيقة التي يرجع تاريخها إلى 28 شباط/فبراير الماضي. أي بعد يومين من اجتماع العقبة الخماسي أن “العمليات الإسرائيلية الفلسطينية لتحديد مكان المسلحين الفلسطينيين لا تزال مستمرة”.
وتشير الوثيقة إلى أن الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، ستتفاقم. إلى جانب تفاقم العمليات الفلسطينية وهجمات المستوطنين. ولم يصدر أي رد من السلطة بشأن هذه الوثائق.
كوريا الجنوبية
سربت وثيقة تتضمن تفاصيل مناقشات داخلية بين مسؤولين كوريين جنوبيين حول الضغط الأمريكي على سول للمساعدة في تزويد أوكرانيا بالأسلحة.
واستند التقرير الأمريكي جزئيا فيما يبدو إلى معلومات مخابراتية جرى اعتراضها عن طريق الاتصالات. وهو ما يشير إلى أن الولايات المتحدة ربما كانت تتجسس على كوريا الجنوبية، أحد أهم حلفائها.
وقالت الوثيقة، التي لا تحمل تاريخا، إن كوريا الجنوبية وافقت على بيع قذائف مدفعية لمساعدة الولايات المتحدة في إعادة تكوين مخزوناتها. مؤكدة على أن “المستخدم النهائي” يجب أن يكون الجيش الأمريكي.
وبينت أنه “لكن على المستوى الداخلي كان كبار المسؤولين الكوريين الجنوبيين يخشون من أن تحول الولايات المتحدة وجهة تلك القذائف إلى أوكرانيا”.
أزمة التسريبات دفعت مسؤولًا أمنيًا كبيرًا في كوريا الجنوبية اليوم الثلاثاء، للقول إن المعلومات التي تضمنتها الوثائق السرية الأمريكية المزعوم تسريبها “غير حقيقية” و”محرفة”. وفق ما ذكرت “رويترز”.
أدلى نائب مستشار الأمن القومي كيم تاي هيو بتصريحاته لدى مغادرته إلى واشنطن قبل زيارة رسمية يقوم بها الرئيس يون سوك يول إلى الولايات المتحدة يوم 26 نيسان/ أبريل، وشدد على أن تحالف الدولتين لا يزال قويا.
وقال كيم للصحافيين: “يتفق البلدان في الرأي بأن الكثير من المعلومات المنشورة محرفة”، مضيفا أن التقرير المتعلق بكوريا الجنوبية “غير صحيح”.