الوطن – الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مشغول بالكارثة التي حلت على بلاده نتيجة أكبر وابشع زلزال شهدته تركيا. والمعارضة مشغولة بعقد الإنتخابات بوقتها ومهاجمته في كل مناسبة.
وعلى الرغم من التوقعات السابقة بأن هول كارثة الزلزال الذي خلف حتى الآن أكثر من 35 ألف قتيل في تركيا. سوف تدفع كافة الأحزاب إلى تحييد حساباتها السياسية لأسابيع وحتى أشهر. إلا أن المعارضة التركية بدأت بفتح النار على الرئيس رجب طيب أردوغان مبكراً. وحتى قبل مرور أسبوع واحد فقط على الزلزال. وسط مطالبات من معظم قادة المعارضة بضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي كانت مقررة في يونيو/ حزيران المقبل في موعدها.
ووجّه قادة أحزاب سياسية معارضة رسائل مختلفة. تضمنت انتقادات حادة لطريقة تعامل الحكومة وأردوغان مع أزمة الزلزال. وطالبوا بإجراء الانتخابات في موعدها. محذرين من أي مخطط لتأجيلها، وصولاً إلى وصف أي محاولة لتأجيل الانتخابات بأنها “محاولة القيام بانقلاب مدني”.
بولنت أرينتش، رئيس البرلمان التركي السابق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم. قال في تصريح مكتوب إنه سيكون من المناسب تأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق. مقترحاً إجراء الانتخابات في نوفمبر 2023 أو بالتزامن مع الانتخابات المحلية آذار/ مارس 2024 أو التوافق على أي موعد لاحق.
لكن رسمياً لم يتحدث أي مصدر رسمي من الحكومة أو حزب العدالة والتنمية الحاكم عن توجه حقيقي نحو تأجيل الانتخابات. إلا أن تصريح أرينتش اعتبرته المعارضة محاولة من الحزب الحاكم لجس نبض الشارع ورد فعل المعارضة.
وحتى الآن، تشير تصريحات وكتابات لمسؤولي العدالة والتنمية. إلى أن الحزب لا يفكر بعد في تأجيل الانتخابات. وأن “أردوغان اكتسب على الدوام شرعيته من الانتخابات ولن يتخلى عن هذه القوة”. في حين اعتبر مقربون من حليفه حزب الحركة القومية، أنه “لن يسمح بأن يحاول البعض تصوير أردوغان وكأنه خائف أو يتهرب من الانتخابات”.
أردوغان مشغول بالكارثة والمعارضة بمهاجمته
المعارضة التركية بدورها ردت على الفور بالتأكيد على أن تأجيل الانتخابات ممكن في حالة الحرب فقط. وغير ذلك سيكون بمثابة انتهاك للدستور التركي. إلا في حال حصول توافق كامل بين كافة الأحزاب السياسية في البرلمان. وهو أمر غير موجود حالياً، مع إصرار العديد من أحزاب المعارضة على إجراء الانتخابات في موعدها. محذرة من الضغط على لجنة الانتخابات أو محاولة استغلال إعلان حالة الطوارئ في المحافظات العشرة المنكوبة من الزلزال من أجل تأجيل الانتخابات.
كمال كليتشدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري. أكبر أحزاب المعارضة التركية، وجّه منذ وقوع الزلزال سلسلة انتقادات حادة جداً للحكومة وأردوغان. معتبراً أنهما “فشلا بشكل ذريع” في إدارة الأزمة، وحمّلهم المسؤولية أيضاً عن حجم الكارثة التي تسبب بها سقوط آلاف المباني الحاصلة على إعفاء حكومي شرعن المخالفات القانونية في طريقة البناء غير المقاومة للزلازل.
وفي أحدث تغريدة له. شدد كليتشدار أوغلو على أن الانتخابات سوف تجرى في موعدها. وكتب مخاطباً أردوغان: “هذه البلد منحنك 20 عاماً، بسببك عايشت الانقلاب. جعلتها بحاجة للكمامات في أزمة كورونا، احترقت غاباتنا ولم تجد طائرات إطفاء.
هدمت الاقتصاد، تهدمنا من الزلزال وكنت على الدوام غير كفء.. لا يوجد لدينا عام آخر لنمنحك إياه. ولا حتى يوما واحدا.. لا نستطيع تحمل مزيد من عدم الكفاءة.. لا تخف من الانتخابات، أو حتى لو خفت، ستجرى الانتخابات في موعدها”.
قانون تأجيل الإنتخابات
وبحسب الدستور التركي. من المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية بشكل متزامن في الثامن عشر من يونيو/ حزيران المقبل.
وقبيل الزلزال، كانت تجرى استعدادات نهائية لإعلان حل البرلمان في الثالث عشر من الشهر الجاري من أجل إجراء الانتخابات بشكل مبكر في الرابع عشر من مايو/ أيار المقبل. إلا أن كافة التكهنات تشير إلى احتمال أن يلجأ أردوغان إلى تأجيل الانتخابات، وهو الملف الذي لم يصرح بأي شيء حوله بعد.
حليف أردوغان السابق وزعيم حزب المستقبل حالياً أحمد داود أوغلو. وجّه انتقادات حادة لعمل الحكومة في أزمة الزلزال، وحذر أردوغان من أي توجه لتأجيل الانتخابات. وقال في فيديو نشره عبر تويتر: “يا أصحاب السلطة، إياكم أن تحاولوا القيام بانقلاب مدني من خلال سيناريوهات تأجيل الانتخابات. بينما الأمة غارقة في آلام الزلزال”.
وأضاف داود أوغلو: “محاولتكم استغلال كارثة الزلزال وتأجيل الانتخابات من أجل محاولة البقاء لمزيد من الوقت في السلطة سوف تكون أكبر ظلم للشعب. لا نريد مجرد التفكير بالانتخابات في هذا الوقت الصعب الذي نعيش آلامه. لكن أنتم والمقربون منكم بشكل مباشر أو غير مباشر، تروّجون لسيناريوهات تأجيل الانتخابات. لا تفعلوا ذلك، أي خطوة للضغط على لجنة الانتخابات أو تجاوز الدستور، هي انقلاب مدني”.
تحذيرات من تأجيل الإنتخابات
في السياق ذاته، وجّه علي باباجان زعيم حزب الديمقراطية والتقدم، انتقادات لاذعة للحكومة وأردوغان. وحليفه دولت بهتشيلي زعيم حزب الحركة القومية، معتبراً أن الحكومة فشلت في الوصول إلى كافة المواطنين والوقوف معهم ومساندتهم عقب كارثة الزلزال.
كما حذرت أوساط في حزب الجيد المعارض، من إمكانية التوجه نحو تأجيل الانتخابات. واعتبرت أن الأمر غير متاح دستورياً إلا في حالة واحدة، وهي توافق كافة الأحزاب بالبرلمان. وهذا أمر غير متوفر حاليا. وأشارت إلى أن “الانتخابات التي فيها الخير للشعب، يجب أن تجرى في موعدها، الشعب سيتمكن من تجاوز هذه المحنة مع اختياره حكومة جديدة قوية”.
من جهته، اعتبر الزعيم السابق لحزب الشعوب الديمقراطي الكردي. أن أي محاولة لتأجيل الانتخابات هي “انقلاب سياسي واضح”، مؤكداً على أن الدستور التركي يتيح تأجيل الانتخابات في حالتين فقط. هما وجود البلاد في حالة حرب معلنة رسمياً، أو التوافق الكامل بين أحزاب البرلمان، وهو ما لا ينطبق على واقع تركيا الآن.