الدبور – يبدو أن الوقت قد حان لرفع الغطاء عن العمليات السرية والشائنة ل الإمارات في الولايات المتحدة، خصوصا في فترة حكم الرئيس السابق ترامب، وسيتم الكشف عن ما فعله اللوبي الإماراتي وقتها للتدخل في الإنتخابات الرئاسية والسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب.
في يوليو/تموز الماضي، اتهم المدعون الفيدراليون الأمريكيون “توماس باراك“، رئيس لجنة تنصيب الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب”، بالعمل كوكيل غير مسجل لدولة الإمارات، والتآمر مع أبوظبي للتأثير على إدارة “ترامب”، وعرقلة العدالة من خلال الكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي.
وتم الإفراج عن “باراك” بعد إيداعه سندات ضخمة بقيمة 250 مليون دولار لضمان مثوله أمام محكمة فيدرالية لمواجهة اتهامات بالتصرف كوكيل لجهة أجنبية. وفي الأسبوع الماضي، حدّثت وزارة العدل لائحة اتهام “باراك”، مضيفة أنه سعى للحصول على أموال من صناديق الثروة السيادية في أبوظبي بشكل من شأنه تعزيز أجندة إدارة “ترامب” وثروته الشخصية.
وتستشهد لائحة الاتهام برسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية في أبريل/نيسان 2017 حول طلب “باراك” التمويل من ولي العهد آنذاك “محمد بن زايد”
وتتضمن لائحة الاتهام الجديدة أيضًا أدلة تشير إلى أن “باراك” كان يعمل تحت إشراف “بن زايد” وممثليه للتأثير على إدارة “ترامب” لتبني سياسات مواتية لدولة الإمارات.
إقرأ أيضا: هل تحسنت العلاقات بين الإمارات وسلطنة عمان؟ أم إنها علاقات رسمية فاترة؟
وقدم ممثلو الادعاء رسالة بريد إلكتروني تظهر أن “باراك” صاغ شخصيا خطابا لـ”ترامب” تضمّن مدحا في “بن زايد”. وكان الرد من أبو ظبي سعيدا بهذا الخطاب: “لقد أحبوا ذلك كثيرًا! هذا شيء عظيم”، كان هذا رد “راشد المالك”، وسيط حكومة الإمارات الذي وجُهت إليه لائحة اتهام مع “باراك” لكنه ظل خارج الولايات المتحدة.
وتقول لائحة الاتهام إن “باراك” تلقى تعليمات من مدير حملة “ترامب” السابق “بول مانافورت”، الذي سُجن في 2018 لعمله كوكيل غير مسجل للحكومة الروسية وعرقلة سير العدالة والتلاعب بالشهود، قبل حصوله على عفو من “ترامب” خلال أيامه الأخيرة في الرئاسة.
ورطة الإمارات و بن زايد في أمريكا
وتظهر رسائل البريد الإلكتروني احتياجات حكومة أبوظبي التي يتم تكييفها حسب الطلب في برنامج الحزب الجمهوري خلال حملة “ترامب” الانتخابية عام 2016 وخلال رئاسة “باراك” للجنة تنصيب “ترامب”. وبحسب لائحة الاتهام، فإنه نفذ طلبا من “المالك” بدفع حملة “ترامب” للتركيز على الشرق الأوسط ودعم أبوظبي. وبحسب المراسلات، قال “المالك”: “سيجعلنا ذلك في وضع جيد”.
وتتحدث لائحة الاتهام المحدثة بعبارات لا لبس فيها عن أن “باراك” دفع سرا من أجل تعزيز مصالح الإمارات داخل البيت الأبيض، وكان يدافع عن أبوظبي في وسائل الإعلام، بينما كان يعمل كوكيل غير معلن للإمارات، في مخالفة واضحة للقانون.
إقرأ أيضا: سيناتور أمريكي يطرح بتغريدة تساؤلات عن فضيحة الإمارات مع الملياردير توماس باراك
ويواجه “باراك” اتهامات بـ”التأثير على الرأي العام والسياسة الخارجية لترامب والحصول على معلومات حول مواقف الولايات المتحدة وعملية صنع القرار داخل داخل حملة ترامب، وفي بعض الأحيان، داخل حكومة الولايات المتحدة؛ وتطوير خط اتصال خلفي مع الحملة، وأحيانًا مع مسؤولي حكومة الولايات المتحدة، ووضع خطط لزيادة النفوذ السياسي لدولة الإمارات وتعزيز تفضيلاتها في السياسة الخارجية”.
في نهاية المطاف، تكشف لائحة الاتهام المحدثة ضد “باراك” مجرد غيض من فيض جهود الإمارات للتأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل جعلها تبرز كواحدة من أقوى المؤثرين على الطبقة السياسية الأمريكية.
وتثير لائحة الاتهام المحدثة ضد “باراك” أسئلة أخرى حول مدى تدخل الإمارات وحكومات الخليج العربي الأخرى في الانتخابات الأمريكية. وخلال جلسة استماع بشأن التدخل الروسي في انتخابات عام 2016، قال رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب “آدم شيف” إن الولايات المتحدة “يجب أن تعرف ما إذا كانت الإغراءات المالية من أي دولة خليجية لعبت دورا مشابها للدور الروسي”.
وما نعرفه هو أن اللوبي الإماراتي تلقى أموالا هائلة أنفقها للتأثير على الكونجرس خلال العقد الماضي، ولم تكافأ أبوظبي بصفقات أسلحة قياسية فحسب، بل بالصمت تجاه الانتهاكات بحق المعارضين والعمالة الوافدة. وتعد المحاكمة القادمة لـ”باراك” برفع الغطاء عن العمليات السرية والشائنة للإمارات في الولايات المتحدة.