الدبور – حذرت أمريكا مواطنيها من السفر الى مدينة محددة في دولة الكويت وهي جليب الشيوخ لخطورتها وعدم إستقرار الأمن فيها حتى اليوم.
فقد جددت الخارجية الأمريكية تحذيراتها لمواطنيها بضرورة عدم السفر إلى منطقة جليب الشيوخ، جنوب غرب العاصمة الكويتية.
وقالت الوزارة، إنها تحذ من السفر لتلك المنطقة، بسبب زيادة معدلات الجريمة بها.
إقرأ أيضا: شمس الكويتية: بالروح بالدم نفديك يا عراق مع رقصة عراقية في الشارع (فيديوهات)
وكانت الوزارة قد حذرت من قبل مواطنيها من السفر إلى تلك المنطقة، في أكتوبر/تشرين الأول 2021، وكذلك حذرت من السفر إلى المنطقة الصحراوية قرب الحدود مع العراق بسبب انتشار الذخائر غير المنفجرة منذ حرب الخليج 1990-1991.
وتوصف منطقة جليب الشيوخ بأنها منطقة لا علاقة لها بالكويت، حيث تنتشر هناك الفوضى والجرائم، بحسب تقارير لصحف كويتية، ويتركز فيها أعداد كبيرة الوافدون من بنجلايش ودول عربية، لاسيما من أصحاب الوظائف الدنيا، والغالبية العظمى منهم من مخالفي نظام العمل الإقامة، بحسب تحقيق أجرته صحيفة “القبس” في مايو/أيار 2019.
إقرأ أيضا: وزارة الخارجية الأمريكية: الإمارات باتت مركزا لدعم المنظمات الإرهابية ماليا
صحيفة القبس تكتب عن جليب الشيوخ:
ما إن تخرج من «أشبيلية» باتجاه «جليب الشيوخ» ومن تحت الجسر، حتى تفاجأ بدخولك «عالماً آخر» لا علاقة له بالكويت.. وإذا ما أكملت طريقك وعلى امتداد شارع محمد بن القاسم، فستواجهك القطعة رقم 2 على يسارك والقطعة رقم 3 على يمينك، وهنا ستجد ضالتك التي تبحث عنها.
سلكت هذا الطريق مرتين، الأولى مع الزميل أحمد شمس الدين وأحد الاصدقاء بسيارة دفع رباعي، للاستطلاع والاستكشاف وتحديد الأماكن التي تحتاج الى السير بالأقدام، والثانية برفقة المصور الزميل حسني هلال، الذي اكتسب خبرة ميدانية على مر السنوات العشرين بالمواقع الاستراتيجية التي يلتقط فيها الصور المعبِّرة، وبصحبة أحد ساكني جليب الشيوخ من الوافدين العرب..
وعلى مدى أسبوع، كانت لنا جولات ميدانية في جليب الشيوخ، عايشنا فيها الأحوال عن قرب، والتقينا عددا لا بأس به من أصحاب المحال والبسطات، وجلسنا معهم نتبادل الحديث، وهذا قبل أن نقوم بتجميع المعلومات التي تعيننا على معرفة هوية المنطقة ومن أصحاب الاختصاص والشأن، ولهم باع طويل في المتابعة الأمنية والتحقيقات وعمل الدراسات الاقتصادية والمجتمعية.
أشار بيده للشارع المؤدي الى القطعة 2، قائلا «كنت أسكن هنا، لكني غيّرت سكني ثلاث مرات، وانتقلت الى «العباسية» بعدما اكتشفت أن هناك بيوتا مشبوهة».. هكذا تحدث الوافد العربي الذي رافقني في الجولة، ليقدم صورة باتت معروفة عما يدور هنا!
دخلنا القطعة الثانية في جليب الشيوخ، الذائعة الصيت، بعد أن أوقفنا السيارة على مسافة بعيدة، نظرا إلى صعوبة السير بها في شوارع تغص بالناس وبالبسطات المقامة على الجانبين، وبمياه المجاري التي لا تفارقك أينما اتجهت.
أول صدمة تتلقاها، أن أسماء المحال والأماكن بلغة «الأوردو» فهنا لا شيء يوحي بأنك في بلد عربي، تجمعات من البنغال تملأ المكان، تحشر نفسك بينهم وبالكاد يسمح لك بالمرور.
البعض يقدر عددهم بــ150 ألف بنغالي يتواجدون على مساحة لا تتعدى أربعة كيلوا مترات مربعة. نقترب من «سوق الخضرة» وهو عبارة عن بسطات خشبية سهلة النقل، يفرشون عليها بضاعتهم وبالأغلب بضاعة يفضلها البنغال والهنود. تقف أمام بائع السمك الذي تغطيه كمية من الذباب، تحجب عنك رؤية السمكة فيلجأ الى «المهفة» ليشير إليك بالشراء من دون أن ينطق بكلمة عربية واحدة.
تحاول أن تستوضح: من أين أتيت بهم؟ لا جواب.. يدفعك الأمر فضولا لتدخل البيوت الملاصقة للبسطات، وهنا «مخازن» خلفية تجد فيها كل ما يخطر على البال من: أكياس خيش، صناديق كرتون تحت الأدراج، وفي ممرات مظلمة، ومن غرفة الى أخرى، لتقع عيناك على مجموعات من البنغال يطالعونك وباستغراب، ولسان حالهم يقول: ماذا تفعل هنا؟!
تخطو الى الأمام ونحو السرداب، لتفاجأ بأن عالماً ثانياً يعيش هنا.. فوقهم مخازن وتحتهم سكن، وسط حبال منصوبة على الجانبين، عُلقت عليها الثياب وكأنها «خزائن» توضع فيها الملابس! كان من الصعب الدخول إلى غرفهم، لكن يكفي أن تدقق بالغسالات القديمة والحديد وبقايا الإطارات والبراميل الفارغة حتى تلم بالمشهد الذي لا يخلو من التساؤل عما يجري هنا؟! تعود الى الضوء، وتتقدم خطوات، لتشاهد لحوم الجمال، «رأس الجمل»، معروضة للبيع، إلى جانب أرطال من اللحوم الحمراء، مفروشة على خشب مرتفع قليلا عن الأرض!
جلسنا عند بائع «دجاج بياض» وهو من الجنسية المصرية، وراح يسهب بالكلام عن البنغاليين وعاداتهم، وطريقة التعامل معهم، وهو جالس يشرب الشيشة.. في محل لا تتجاوز مساحته ستة أمتار.. «هنا عليك ان تتكيف مع هؤلاء البنغاليين»، كما يقول.
وقد شاهدت كيف ان أحد العسكريين «الكوايتة» يتسبب وجوده هنا في الرعب، فالبنغاليون يخافون منه، يأتي الى السوق ويقوم بإتلاف الخضروات المغشوشة ويتم إلقاء القبض على المخالفين، وفورا يُساقون الى «الإبعاد»، وكل من يتم إمساكه يخرج ولا يعود.. لكن في اليوم التالي تعود الأمور الى ما كانت عليه، كأن ما حصل أمر عابر، وأصبح الناس معتادين عليه.. ومن عجائب هذا الوضع، يقول صاحب محل الدجاج إن بعض رجال الأمن أصبحوا يتحدثون «الاوردو» لحاجتهم إليها، وللتفاهم مع البنغاليين القاطنين هنا!