الدبور – الحرب القادمة على الأردن والتي يحذر منها الخبراء ليست حرب نووية ولا حرب على الأرض، ولا حتى على كرسي العرش والإنقلابات والثورات التي إنتشرت في عدة دول عربية، بل هي حرب الماء والعطش القادم على الأردن بشكل كامل.
الأردن يعاني منذ سنوات من قلة الماء، وكان أحد الأسباب هو دولة الإحتلال التي سحبت كل المياه الجوفية في الأردن بدون حسيب أو رقيب، ولكن هذه المعناة زادت خلال السنوات الماضية، فحصة الفرد من المياه في الأردن تعتبر صفر إذا ما قورنت بحصة الفرد في دولة الإحتلال. حيث تبلغ حصة الفرد 80 مترا مكعبا في السنة.
ويسيطر الخوف على الأردنيين من تعرض الأردن لأزمة مائية غير مسبوقة، بعدما كشفت الحكومة أخيراً عن جفاف ثلاثة سدود حتى الآن بالكامل وانخفاض كميات المياه المخزنة في السدود الأخرى لمستويات تاريخية، ما يهدد العديد من الأنشطة، لا سيما القطاع الزراعي، الذي يعتمد بشكل كبير على السدود لتلبية احتياجاته وري المزروعات. ويأتي جفاف السدود مع تراجع المواسم المطرية خلال السنوات الماضية وتأخر هطول الأمطار في الموسم الحالي، بينما المصادر المتاحة حالياً لا تغطي سوى الحد الأدنى من احتياجات البلاد.
إقرأ أيضا: قرقاش الإمارات فقد ما تبقى من عقله بعد تصريح الشيخ حمد بن جاسم (صورة)
وقال مساعد أمين عام وزارة المياه والري، المتحدث باسم الوزارة عمر سلامة، إن الكميات المخزنة في السدود الأردنية البالغ عددها 14 سداً انخفضت إلى حوالي 19% من طاقتها التخزينية المقدرة بنحو 336 مليون متر مكعب، بسبب عدم هطول الأمطار وتراجعها بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. وأضاف سلامة أن “ثلاثة سدود هي الوالة والموجب والتنور، جفت بالكامل حتى الآن، وانخفضت الكميات المخزنة فيها إلى 20 مليون متر مكعب من أصل طاقتها التخزينية البالغة 75 مليون متر مكعب”.
وتابع أن وزارة المياه تعمل على إيجاد مصادر بديلة للمياه لمواجهة هذه المشكلة من خلال حفر الآبار وتنفيذ مشروع الناقل الوطني للمياه الذي يقوم على تحلية مياه البحر الأحمر جنوباً وضخها لباقي المناطق لغايات الشرب والزراعة وبكلفة مقدرة بحوالي 180 مليون دولار إضافة إلى تقليل الفاقد من المياه.
وأكد سلامة أن الأردن من أفقر دول العالم في المياه، حيث تبلغ حصة الفرد 80 مترا مكعبا في السنة، فيما الحصة العالمية تبلغ 500 متر مكعب، مشيرا إلى أن الضغوط على المياه في المملكة ارتفعت خلال السنوات الست الماضية بسبب استضافته 1.3 مليون لاجئ سوري، إضافة إلى ارتفاع الطلب للاستخدامات الأخرى.
الحرب القادمة على الأردن: العطش
وسمحت الحكومة، وبسبب تفاقم مشكلة نقص المياه، بحفر الآبار الارتوزاية لسد النقص الحاصل في مياه الشرب ولري المزروعات، وخاصة في مناطق الأغوار التي تعتمد على السدود لري المزروعات.
ومع تفاقم مشكلة المياه والعجز الكبير الذي زاد هذا العام، تعاقدت الحكومة مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي لشراء حوالي 50 مليون متر مكعب من المياه، فيما تعمل جاهدة لملاحقة المعتدين على خطوط المياه وسرقتها للاستخدامات الزراعية.
وحذر رئيس الاتحاد العام لمزراعي الأردن عدنان خدام، في تصريح لـ”العربي الجديد”، من مخاطر شح المياه مع جفاف السدود التي يتوقع ازدياد حدتها مع استمرار انحباس الأمطار.
وقال خدام إن القطاع الزراعي سيتأثر كثيراً بسبب قلة المياه وستتوقف الزراعات في مناطق الأغوار، التي تعتبر سلة غذاء الأردن وبعض الزراعات لغايات التصدير إلى الأسواق الخارجية. وشدد على ضرورة إسراع الحكومة في إيجاد المعالجات اللازمة لإنقاذ القطاع الزراعي.
الحرب القادمة على الأردن والتي ستدمر كل شيء
وقال الجيولوجي محمد الفرجات “لا نريد أن نشهد شحا في الخضار في الأسواق وجنونا في أسعارها مقابل انخفاض العرض وزيادة الطلب”، مشيرا إلى أهمية ترشيد مياه الري من جانب مزارعي وادي الأردن وإدارة مزارعهم لتتمكن من التعايش مع الوضع. وأضاف “إن لم تتساقط أمطار بكثافة عالية فقد لا تستطيع السدود الوفاء برفد زراعاتنا”.
وفي إبريل/ نيسان الماضي، وافقت حكومة الاحتلال الإسرائيلي على طلب الأردن تزويده بكميات إضافية من المياه استناداً إلى اتفاقية السلام بين البلدين. ووفق تصريحات سابقة للمتحدث الرسمي باسم وزارة المياه الأردنية، فإنّ “حصة الأردن السنوية من مياه نهري اليرموك والأردن تبلغ بموجب اتفاقية السلام الموقّعة مع الاحتلال 55 مليون متر مكعب سنوياً، ويتمّ تخزينها من خلال قناة الملك عبد الله، ويحق للجانب الأردني طلب كميات إضافية زيادة على حصته الأساسية”.
ونهر الأردن البالغ طوله قرابة 360 كيلومتراً، يقع 97% منه في الأردن وسورية ولبنان والأراضي المحتلة عام 1967، بينما 3% فقط من حوضه يقع في الأراضي التي تحتلها إسرائيل عام 1948.
وبحسب الدراسات، فإن 75% من التغذية المائية للنهر تأتي من الأردن وسورية ولبنان، فيما يأتي الباقي من الأراضي المحتلة. كذلك فإن حوض نهر اليرموك يقع بالكامل في سورية والأردن بنسبة 80% للأولى، و20% للثانية، وبالتالي لا يصح منح إسرائيل حصصاً مائية في نهر اليرموك الذي لا يقع أي جزء منه داخل الأراضي المحتلة عام 1948.