الدبور – الصراع بين بن سلمان والجبري وصل إلى الصراع على عقارات فاخرة في بوسطن الأمريكية وليس صراع على التقطيع فقط والفساد والملاحقة السياسية.
حيث باتت مجموعة من العقارات السكنية في أرقى مناطق مدينة بوسطن بولاية ماساتشوستس الأمريكية جزءا من الصراع داخل النظام السعودي. وهو صراع على السلطة له تداعيات سياسية عالمية. ويسلط أيضا الضوء على مكانة بوسطن كملاذ للمستثمرين العقاريين الدوليين.
وتزعم دعوى قضائية رفعها صندوق استثمار سعودي (صندوق الاستثمارات العامة)، الأسبوع الماضي، في مقاطعة سوفولك. أن “سعد الجبري” أحد كبار مستشاري ولي العهد السعودي السابق، “محمد بن نايف”. سرق 3.5 مليار دولار من الأموال العامة. وأن جزءا صغيرا من هذه الأموال ذهب لشراء 8 وحدات سكنية في بوسطن.
لكن “الجبري”، الذي كان سابقا مسؤولا رفيعا في المخابرات السعودية، ينفي صحة هذه المزاعم. ويقول إن هذه الشقق تم شراؤها بطرق مشروعة. متهما ولي العهد السعودي الحالي “محمد بن سلمان” باستهداف “منافس سياسي تحت ستار حملة تطهير ضد الفساد”.
في كلتا الحالتين، فإن النزاع، كما هو موضح في ملفات القضية يسلط الضوء على التجارة الدولية في الشقق الفاخرة في جميع أنحاء بوسطن. حيث يتم عقد صفقات بملايين الدولارات بما يساعد في تعزيز الاتجاه نحو بناء أبراج عالية. ويقول النقاد إنه يسلط الضوء على كيف يمكن أن تعمل الطبقة الراقية الناشطة في سوق العقارات في بوسطن في كثير من الأحيان كخزنة للثروة العالمية.
إقرأ أيضا: الفنان إبراهيم الحربي يروي تجربته القاسية مع فيروس كورونا في أول ظهور له
وقال “تشاك كولينز”، الباحث البارز في معهد الدراسات السياسية، وهو مركز أبحاث درس بيع الشقق باهظة الثمن في بوسطن. إن هذا النمط من المبيعات يعيد التأكيد على فكرة أن العقارات الفاخرة تعد سبيلا لتخزين الثروة. “فسواء ربحتها بذكاء أو سرقتها من شعبك؛ فهذا مكان جيد لجلب أموالك”.
لقد بدأ “الجبري” في شراء العقارات في بوسطن، منذ عام 2013، عندما كان مساعدا لولي العهد آنذاك “محمد بن نايف”. حيث أشرف على صندوق استثماري كبير تأسس في ذلك الوقت لغرض تمويل عمليات مكافحة الإرهاب. تم استثمار هذه الأموال في جميع أنحاء العالم. وانتهى الأمر بجزء صغير منها كثمن لعقارات في بوسطن. حيث كان نجل “الجبري” يدرس في كلية الطب هناك في ذلك الوقت، وفق ما ذكره شخص مطلع على الصفقات.
وتظهر الدعوى القضائية وسجلات مقاطعة سوفولك أن شركات “الجبري” دفعت 6.6 ملايين دولار لشراء 5 وحدات فاخرة. بما في ذلك شقة “بنتهاوس” في “ميلينيوم بليس”، وهو مبنى فاخر بالقرب من فندق “ريتز كارلتون” في منطقة داون تاون كروسينج. وفي عام 2017 ، أنفقت إحدى شركاته 4.3 ملايين دولار لشراء شقة بفندق “ماندارين أورينتال” في شارع بويلستون. وفي يناير/كانون الثاني 2020، أبرمت الشركة ذاتها اتفاقا بقيمة 13.75 مليون دولار لشراء وحدتين في الطابق 52 من أعلى ناطحة سحاب في المدينة “وان دالتون”.
وتشير الدعوى والسجلات إلى أن جميع هذه الوحدات مستأجرة، من بينها شقتان تم تأجيرها، في أكتوبر/تشرين الأول، مقابل 20 ألف دولار شهريا. وحاليا، تظهر الدعوى وإعلانات على مواقع عقارية أن جميع الوحدات الثماني مستأجرة.
وإجمالا، حسب ادعاءات القضية. تجمع شركات “الجابري” ما يقرب من 80 ألف دولار شهريًا من تأجير ممتلكات في بوسطن. وهو جزء صغير من محفظة ضخمة من العقارات والشركات التي يسعى لاستعادتها “بن سلمان” الذي أطاح بـ”بن نايف” عام 2017، وهو الآن الوريث المنتظر لخلافة والده على العرش السعودي.
وقال ممثل لشركاء “ميلينيوم”، التي بنت “ميلينيوم بليس”، إن الشركة تتبع “جميع إجراءات التدقيق النظامية” قبل بيع الشقق.
بن سلمان و الجبري وصراع على السلطة
وفي مواجهة القضية التي رفعتها الحكومة السعودية ضده، يناشد “الجبري” حكومة الولايات المتحدة للحصول على المساعدة.
ففي أغسطس/آب 2020، وبعد بضعة أشهر من اعتقال “بن سلمان” لاثنين من أبناء “الجبري” الذين كانا لا يزالان يعيشان في السعودية. رفع الأخير دعوى قضائية في محكمة اتحادية بواشنطن.
وأوردت الدعوى تفاصيل الجهود المزعومة التي بذلها عملاء “بن سلمان” لتعقب “الجبري” وأفراد عائلته أثناء إقامتهم في بوسطن عام 2017. وزعمت أن ولي العهد السعودي أرسل لاحقا فرقة من القتلة لاغتياله في كندا، وهي مؤامرة أحبطتها السلطات الكندية.
كان ذلك في عام 2018. وبعد أسابيع فقط من مقتل الصحفي “جمال خاشقجي” في صحيفة “واشنطن بوست”. وهي عملية اغتيال ألقت وكالة المخابرات المركزية باللوم فيها على “بن سلمان”.
ويقول “الجبري” إن حياته في خطر مماثل، وأن دعاوى “بن سلمان” والإجراءات الأخرى هي جزء من “حملة عنيفة لإسكاته”.