الدبور – نشر موقع ميدل إيست آي تقريرا عن مصير العلاقات بين أمريكا و ديكتاتور ترامب المفضل السيسي. بعد فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بإنتخابات الرئاسة. و بينما كان الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” أول زعيم عربي يهنئ الرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن” بفوزه في الانتخابات. من المتوقع أن تكون خسارة “دونالد ترامب” إيذانا ببدء حقبة سياسة أمريكية أقل تسامحا تجاه النظام في مصر.
وبصرف النظر عن المجاملات، قد يكون المزاج السائد في دوائر صنع القرار في القاهرة هو القلق. بالرغم أن هزيمة “ترامب” كانت متوقعة. ويرى المراقبون أن مجيء “بايدن” إلى المكتب البيضاوي قد يطرح على طاولة المفاوضات قضايا قد لا ترغب القاهرة في مناقشتها. بما في ذلك حقوق الإنسان، بالرغم من تناقض إرث “بايدن” فيما يتعلق بالدفاع عن قضايا حقوق الإنسان في مصر.
وفي الأيام الأولى لثورة 25 يناير عام 2011. دافع “بايدن”، نائب “أوباما” آنذاك. عن “حسني مبارك”، قائلا إنه يعرفه “جيدا إلى حد ما”. وأنه “لن يشير إليه على أنه ديكتاتور”. واستشهد بموقف “مبارك” الذي وصفه بـ “المسؤول للغاية” تجاه جهود السلام في الشرق الأوسط. لا سيما فيما يتعلق بتطبيع القاهرة لعلاقتها مع (إسرائيل).
ومع ذلك، خلال حملته الانتخابية في عام 2020، انتقد “بايدن” دعم “ترامب” لـ “السيسي”. ما يشير إلى تغيير محتمل في الخطاب في الإدارة الجديدة. وفي تغريدة في يوليو/تموز الماضي، أصدر “بايدن” تحذيرا شديد اللهجة لـ”السيسي”. قائلا إنه إذا تم انتخابه رئيسا “فلن يكون هناك المزيد من الشيكات على بياض لديكتاتور ترامب المفضل. في إشارة إلى “السيسي” كما وصفه “ترامب” أمام الصحفيين.
وتتهم جماعات حقوقية دولية الجنرال العسكري، الذي تحول إلى رئيس، بالإشراف على أسوأ حملة ضد حقوق الإنسان في تاريخ مصر الحديث، حيث يقبع عشرات الآلاف من منتقديه في السجون. فضلا عن إعدام عشرات السجناء السياسيين.
إقرأ أيضا: حملة سعودية لمقاطعة المنتجات الإماراتية لهذه الأسباب.. شاهد الفيديو
وقبل أيام من صدور نتائج الانتخابات الأمريكية، أطلقت مصر سراح مئات السجناء السياسيين. وكان آخرهم أقارب المدافع المصري الأمريكي عن حقوق الإنسان “محمد سلطان”، الذي أعلن يوم الجمعة، قبل ساعات من فوز “بايدن” المتوقع، أنه تم الإفراج عن 5 من أقاربه المحتجزين.
وكان “بايدن” قد سلط الضوء على قضية “سلطان” في انتقاده لـ”السيسي” قبل 4 أشهر، ما دفع المحللين للقول بأن الإفراج عن أقارب “سلطان” كان علامة على تراجع “السيسي” بمجرد أن أصبح فوز “بايدن” أكثر احتمالا. ويتوقع البعض أن تتخذ القاهرة المزيد من الإجراءات في الفترة المقبلة لتحسين سجلها في مجال حقوق الإنسان لتخفيف التوترات المحتملة مع “بايدن”.
-
ديكتاتور ترامب المفضل في عهد “أوباما”
وتسبب سجل حقوق الإنسان في مصر في تدهور العلاقات بين “السيسي” وإدارة الرئيس الأمريكي السابق “باراك أوباما”، قبل دخول “ترامب” البيت الأبيض عام 2017. والتقى “أوباما” بـ”السيسي” مرة واحدة فقط في سبتمبر/أيلول 2014، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وخلال معظم الاجتماع، رفض الرئيس الأمريكي السابق النظر إلى ضيفه المصري، وسط تقارير عن توترات حول الوحشية التي تعامل بها “السيسي” مع المعارضة، خاصة جماعة “الإخوان المسلمين”، الحركة التي ينتمي لها الرئيس الراحل “محمد مرسي”، الذي أطاح به “السيسي” في يوليو/تموز 2013 عبر انقلاب عسكري.
وقالت “نادية حلمي”، أستاذة العلوم السياسية بجامعة بني سويف: “تسببت أحداث 2013 في مصر في تدهور العلاقات بين القاهرة وواشنطن بسبب معارضة الولايات المتحدة للطريقة التي أُطيح بها بمرسي”. وأعاقت التوترات بين الإدارتين التعاون بين القاهرة وواشنطن على عدة جبهات. وفي سبتمبر/أيلول 2014، حجب الكونجرس الأمريكي مساعدات اقتصادية بمئات الملايين من الدولارات لمصر.
وكذلك، تأثر التعاون العسكري بين الجانبين بشكل سلبي. فعلى سبيل المثال، تأخرت الولايات المتحدة في تسليم طائرات مقاتلة من طراز “إف-16” إلى القاهرة كانت مصر قد أرسلتها في وقت سابق إلى الولايات المتحدة لإصلاحها.
-
الانسجام بين “السيسي” و”ترامب”
لكن وصول “ترامب” إلى السلطة قدم لـ “السيسي” وإدارته متنفسا بعيدا عن التوتر مع “أوباما” بشأن قضايا حقوق الإنسان. وكان “السيسي” أول رئيس دولة يتصل بـ “ترامب” لتهنئته بفوزه في الانتخابات. وقبل انتخابه، قال “ترامب” إن هناك تناغما بينه وبين الزعيم المصري.
وقالت “نادية حلمي”: “انعكست الكيمياء بين ترامب والسيسي بشكل إيجابي للغاية على العلاقات بين مصر والولايات المتحدة. لقد أحدثت فصلا جديدا في العلاقات بين البلدين، فصل يقوم على المصالح المشتركة”.
وكان “ترامب” داعما قويا للرئيس المصري. لا سيما في ملفات مهمة مثل الخلاف بين مصر وأثيوبيا بشأن سد النهضة. وفي أواخر أكتوبر/تشرين الأول. قال “ترامب” لرئيس الوزراء السوداني المؤقت “عبد الله حمدوك” إنه لا يمكن لأحد أن يلوم مصر إذا قصفت السد الأثيوبي.
وامتنع مسؤولو إدارة “ترامب” عن انتقاد سجل مصر السيئ في مجال حقوق الإنسان. بالرغم من تقارير وزارة الخارجية الأمريكية التي تسلط الضوء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في عهد “السيسي”. وبالعكس، أشادت إدارة “ترامب” بالقاهرة لدورها في “محاربة الإرهاب. وتمكين المرأة وإصلاح الاقتصاد وتعزيز الحريات الدينية”، وهي أمور ينكرها منتقدو الحكومة.
وكان “ترامب” أكثر صراحة من أسلافه في الاعتراف بأن استبداد “السيسي” لن يحرم مصر من الدعم الأمريكي. وهو ديكتاتور ترامب المفضل. وأكد محللون أن القضايا التي تسببت في توتر العلاقات بين الولايات المتحدة ومصر في عهد “أوباما” ستفسد على الأرجح العلاقات بين القاهرة وواشنطن في عهد “بايدن”.
وقال “طارق فهمي”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: “من المرجح أن تتسبب حقوق الإنسان في توترات بين الجانبين، لكن هذا لن يدمر العلاقات بينهما”. وأضاف: “في النهاية، يحرص البلدان على الحفاظ على علاقات قوية”.
-
حليف قوي
ومع امتلاكها أكبر عدد من السكان في الشرق الأوسط العربي، وسيطرتها على قناة السويس، أحد أكثر الممرات المائية استراتيجية في العالم، لا يمكن لأي رئيس أمريكي أن يتجاهل مصر، حسبما قال عضو برلماني مؤيد لـ “السيسي”.
وقالت “داليا يوسف”، عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري: “من الصعب على أي رئيس أمريكي تجاهل مصر”. والحقيقة أن الولايات المتحدة لا تستطيع حماية مصالحها في المنطقة في ظل غياب حليف قوي مثل مصر.
ويعد الوصول البحري عبر قناة السويس مكونا رئيسيا في العلاقات الأمريكية المصرية. وتسهل البحرية المصرية عبور الوحدات البحرية الأمريكية عبر القناة، بما في ذلك آخرها في مايو/أيار 2019 عندما نشرت الولايات المتحدة حاملة الطائرات “أبراهام لينكولن” ومجموعتها الضاربة عبر قناة السويس، وسط تصاعد التوترات مع إيران حول مضيق هرمز. وستؤدي هذه الاعتبارات بالضرورة إلى موازنة المشاكل في العلاقات بين البلدين.
-
النفوذ الروسي
وقال محللون إن البلدين سيظلان بحاجة إلى إيجاد طريقة لتجنب التوترات في الفترة المقبلة، خاصة فيما يتعلق برغبة مصر في تنويع مصادر الأسلحة لجيشها، حيث تحاول مصر تقليل اعتمادها على إمدادات الأسلحة الأمريكية. وقد أبرمت القاهرة صفقات أسلحة في الأعوام الـ 6 الماضية مع فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة والصين، والأهم من ذلك روسيا.
وقد تؤدي التقارير التي تفيد بأن مصر تخطط لشراء طائرة مقاتلة روسية من طراز “سوخوي سو-35”. إلى فرض عقوبات أمريكية على مصر بموجب قانون مكافحة النفوذ الروسي في أوروبا وأوراسيا لعام 2017.
وفي 8 أبريل/نيسان 2019. كتبت مجموعة من 17 عضوا في مجلس الشيوخ من الحزبين رسالة إلى وزير الخارجية “مايك بومبيو” للتعبير عن القلق بشأن احتمال شراء مصر للطائرة الروسية. وفي اليوم التالي، في شهادته أمام مجلس الشيوخ. قال “بومبيو” إن الإدارة الأمريكية أوضحت أن شراء هذه الأنظمة سيؤدي إلى فرض عقوبات على النظام المصري بموجب القانون المذكور.
ويرى محللون في القاهرة أن هذه ستكون قضية شائكة في العلاقات بين القاهرة والإدارة الجديدة في الولايات المتحدة، خاصة إذا لم تقتنع واشنطن بالتبرير المصري حول ضرورة تحديث جيشها لمواجهة التحديات التي تواجهها في تأمين حدودها ومصالحها الاستراتيجية في المنطقة ومحاربة “الإرهاب” في سيناء.