الدبور – أفاقت سلطنة عمان حزينة على خبر رحيل ما أطلق عليه لقب بطل السرطان، الشاب العماني سعيد المعمري. بعد صراع مرير مع عدة امراض إجتمعت به وحاربها جميعها وحده بإيمان وثقة وإبتسامة.
وقال رواد مواقع التواصل في ”تويتر“ إن ”سعيد حارب الثلاسيميا (اضطراب دم وراثي) ثم حارب مرض السرطان مرتين، ومات وهو يصارع فيروس كورونا“.
وكتبت صديقة بطل السرطان تغريدة مؤثرة على صفحتها حيث قالت: “المحارب الشُجاع ‘ سعيد المعمري ‘ في ذمة لله. ⁃إنا لله وإنا إليهِ لراجعون –
و أضافت ما نصه: “اليوم أخذ السرطان شخصاً آخر من أصدقائي المُحاربين، ينتابني الحزن في كل مره، أبكي، يؤلمني قلبي، ولكنني على يقين بأن رحيلهم رحمة من الله عليهم. هنا سأكتب حتى تبقى ذِكراه – ونغمره بالدعوات”
و أضافت بتغريدات عن بطل السرطان وقالت: أعود للوراء، قبل شهور بالتحديد في ٢٠٢٠/١/٢٦. كان لدي موعد في المستشفى، وكالعادة في وقت الإنتظار أقوم بزيارة المرضى. لعل ذلك يُخفف عليهم ثُقل ما أصابهم، ويمنحهم الأمل. في ذلك اليوم قمت بزيارة المحارب سعيد المعمري، حيث تم إخباري قبل ذلك أنه يدرس في كُليتنا.
وإنه يقطن في المستشفى مُنذ أسابيع وبدأ بتلقي العِلاج الكيميائي.. إستجمعت قواي وذهبتُ لزيارته أحمل في يديَ كِتاب لأنك الله بداخِله ورقة كتبتُ بِها قصة كِفاحي مع المرض، لعلها تمنحه الأملَ والقوة.. طرقتُ باب غرفة العزل ٦ ودخلت، ألقيتُ التحية وعرفتُ بنفسي.
إقرأ أيضا: شاهد لماذا إعتذر مفتي سلطنة عمان الشيخ أحمد الخليلي الذي لا يخاف لومة لائم
“وقال بأنه يعرفني فقد أخبره عميد الكلية أنً طالبة في الكلية أُصيبت بالمرض وتشافت منه. إبتسمت وقلت: نعم أنا رجاء، وها أنا أقف أمامك اليوم بعد أن قضيت أشهراً هُنا فالمستشفى، لذا لا تفقد الأمل يا سعيد، كن قويا وتغلب على المرض. أخبرني أنه أُصيب بالأمراض من قبل وليست المرة الأولى.”
فأخبرته أن لا شيء صعب وأنك قادر على التغلب عليه للمرة المليون. إستأذنت وهممت بالخروج حتى لا أتأخر على دكتوري الإستشاري، وقلت له: المره القادمه عِندما أقوم بزيارتك سأحضر أصدقائي في الكلية، إبتسم سعيد وقال: إن شاء الله، ولكنني كُنت أعني ذلك.
مرت الأيام ولا يزال سعيد يتلقى العِلاج الكيميائي في مستشفى الجامعه. وفي اليوم العالمي للسرطان قررنا أن نُقدم شيئا يبعث الأمل في قلبه، شيئا يُخبره أننا جميعا معك يا سعيد وننتظر عودتك.
فقمنا بجمع الكثير من الرسائل الورقيه، كتبها طلاب وطالبات كلية صحار، رسائل مليئة بالدعوات، الأمل، والتفاؤل. وفي يوم ٢٣/٢/٢٠٢٠، ذهبنا نحن طُلاب الكلية وعدد من أصدقائة، نحمل الرسائل، وإبتسامتنا، والنتيجة أننا رأينا إبتسامة سعيد، وفي نهاية ذلك اليوم كان سعيد سعيداً.
بعد ذلك إجتاح كورونا العالم الذي لن أغفر له ما حييت. ولم يستطع أحد زيارته، بقي في المستشفى لأشهر عديدة، وكان يتمنى أن يخرج ليوم واحدِ فقط. ولكن المرض لم يرحمه، ولم يكن بيدينا سوى الدعاء، بأن يقويه الرب ويزيده صبراً فوق صبرهِ.
في بداية هذا الشهر دخل سعيد للعناية المركزة، أُصيبَ بكورونا، ولأن مناعته ضعيفه جِداً لم يتحمل هذا الفيروس الأحمق، ف دخل للعنايه المركزه. لم أيأس من شِفاءِه وكنتُ أقول لأمه أن ولدكِ قوي وسيصبح أفضل مما سبق.
بطل السرطان وقصة مؤثرة
يوم الأحد الفائت ١٣/٩/٢٠٢٠، كان لدي موعد في المستشفى، فإنتابني شعور أن أسأل الدكتور عن وضعهِ الصحي، فقال لي كيف تعرفيه؟ فأخبرته أنه يدرس معنا في ذات الكلية، فقال: الله يرحمه ! شعرتُ بداقتِ قلبي تتسارع ولم أستطع أن أنطق، فنظر إلىَ الدكتور وقال: أليس لذيكِ خبر بذلك؟
فقلت: دكتور سعيد ما توفى بعده حي.. فقال أنه لم يرى إِسمه اليوم في القِسم، ولكنه أمسك بهاتِفهِ وأتصل بالدكتور المسؤول عنه فأخبره أنه لا يزال حي، حينها إستطعت التنفس، ولكنً قلبي لم يطمئن تماماً، وكنتُ في اليومين السابقين أقول في سجودي: يا رب سعيد.
كتمتُ ما حدثً في ذلك ولم أخبر أحداً، لم أرغب أن أرسل الرُعب الذي أصاب قلبي لأحد، تفائلت وأخبرتُ نفسي أنه سيكون بخير.. اليوم ١٥/٩/٢٠٢٠، إتصلت بي صديقتي عِند أذان المغرب، وشعرتُ من صوتها بأن شيئا قد حدث، فقالت: رجاء صحيح الخبر؟ صمت قليلاً وقلت: سعيد صح !
وأكملت صديقته المحاربة السابقة ذكرياتها المؤثرة بقولها: “رَحل سعيد. وبقيت ذكراه في كل مكان، لا أعلم إن كان ما قتله كورونا أم السرطان ! ولكنها إرادة الله وإنا لله وإنا إليه لراجعون. سعيد كان صابراً شاكراً لله في السراء والضراء، يحب الحياة رغم كل شيء. ويتمنى أن يعيش مرتاحا، كان يطمح لإكمال دراسته.
كان يُحب أمه حُبا جما ويتمنى أن يكون بخير لأجلها. ولكنني على على يقين أن رحيله رحمة من الله عليه من شقاء الدنيا وتعبها. اللهمّ إنّه صبر على البلاء فلم يجزع، فامنحه درجة الصّابرين، الذين يوفّون أجورهم بغير حساب، فإنّك القائل ” إنّما يوفّى الصّابرون أجرهم بغير حساب “.
تعليق واحد
اللهم اشفي عليه رحمتك و اعفو عنه واكرم مدخله وتجاوز عن خطاياه واغفر له