الدبور – لقد عبَّر الشعب العُماني عن امتعاضه للطريقة التي تتعامل بها دولة الإمارات العربية المُتحدة مع المُواطنين العُمانيين، بكل تلك القسوة التي لا مثيل لها بين الجوار من الدول، فما بال هذا الجوار الذي تأسس قبل خمسين عامًا تقريباً، فهل يعقل أن تصبح المدينة الواحدة- التي قسمها الاستعمار من جانب واحد- مجزأة على ثلاثة أقسام؛ فدبا التي قسمت تقسيماً قبلياً إلى دبا الحصن، ويسكنها (القواسم) ودبا الفجيرة، ويسكنها (الشرقيين) في الإمارات، ودبا البيعة، ويسكنها (قبائل الشحوح) في عُمان، فأصبحت كحال الكوريتين التي قسمهما الغرب الاستعماري إلى كوريا الشمالية، وكوريا الجنوبية، ولكن هل يُعقل أن يتأثر الإخوة في الإمارات بقيم المُستعمر الإنجليزي؟!
كيف يعقل أن يُقنص شخص عُماني من سكان دبا البيعة برصاصتين في الصدر، وذلك من قبل طائرة مروحية تابعة لحرس حدود دولة الإمارات العربية المتحدة، حسبما تمَّ تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد قيل إنَّ طائرة عمودية أرسلت خصيصًا لقنصه.
وإنه من المعلوم أن الطائرات لا تقلع إلا بأمر عمليات كما هو معروف، والشهيد/ سيف بن راشد الشحي من فخيذة (المقدحي) وهو من سكان الجبال وأهله أصحاب ماشية وعسالين، وهذا الوقت موسم البحث عن عسل النحل وجنيه، ولا يوجد (شبك) على الجبال توضح الحدود، وإنما خطوط وهمية، ومثبتة على الخرائط، وشخص كالمواطن سيف لا يعرف قراءة الخرائط، والمنطقة التي يسكنها المرحوم تسمى “الخبة” وفيها مواشي للقبائل من الجانبين، وهي تتخالط في المرعى، والنَّاس على تفاهم تام.
وحسب الإفادة من أحد أعيان المنطقة، إنَّ المغدور عندما لم تصبه الرصاصات الأولى، اتصل بأهله قائلاً لهم إنهم يريدون قتله عمداً، فلما هرعوا لنجدته وجدوه قد فارق الحياة.
لكن .. هل الشخص المفقود منذ أكثر من أسبوعين وفي نفس المنطقة قد لقي نفس المصير؟! إنَّ المواطن العُماني الآخر، ويدعى فايز بن محمد اللصمي الشحي، هو من نفس المنطقة وبنفس طبيعة وظروف سيف المقدحي الشحي، وقد كانت الجهات المعنية في السلطنة، قد سيرت الفرق والطائرات العمودية للبحث عنه، ولما أخبروا الجانب الإمارات بذلك، قيل لهم إنهم سيواصلون البحث من جانبهم بطائرة عمودية؟! فربما كانوا يخشون أن تزل الطائرة العُمانية عن مسارها، فتدخل الأرض الأكثر قدسية في الطرف الآخر، وبما أنَّ المواطن فايز الشحي ما يزال مفقوداً، فلماذا لم يظنوا بسيف؟! أنه هو فايز المفقود؟! وحاولوا إنقاذه طالما شاركوا في البحث عنه، حقيقة إنه لأمر مريب، وقتل النفس لم يعد شيئاً عظيماً كما حذرنا القرآن الكريم منه.
إنَّ السلطنة والإمارات في حالة سلم وسلام وأخوة وأمان ووئام، كما نشعر نحن على الأقل في عُمان ونتصور ذلك، وليستا في زمن أزمة وحرب، وحتى ولو كان هناك شيء من هذا- لا قدَّر الله- فإنَّ المقاتل- وليس المواطن العادي- ينذر بتسليم نفسه، ويؤخذ أسيراً حتى تضع الحرب أوزارها، هذا في حالة الحرب طبعاً، فما بالنا بمواطن أعزل، ذهب خلف مواشيه وأغنامه، وباحثاً عن مناحل العسل الجبلية، كما هو معروف عن أهله وسكان منطقته. وعُمان يشهد الله لها أولاً، ثم العالم أجمع أنها تسعى بالسلم بين الدول لوقف الحروب، وحل الخلافات بينهم، لا أن تشعلها هي حرباً ضد جوارها، أو ترسل مُتسللين من المخربين عبر الحدود، وعُمان إذا أعلنت الحرب على أحد، ستكون قد استنفذت كل سبل الخير، وإن أعلنتها- حينذاك- للدفاع عن نفسها ومواطنيها، وليس اعتداءً وبطراً على غيرها، أو طمعاً في ثرواته وخيرات بلاده.
إقرأ أيضا: مستشار بن زايد عبد الخالق عبد الله يهاجم الوزير العماني يوسف بن علوي !
حفظ الله عُمان وأبعد عنها الشَّر والبلاء، وأيد الله جلالة السلطان الأمين هيثم بن طارق المُعظم- بالنصر على أعدائه، وأعداء الأمة إنِّه سميع مجيب الدعاء.
بقلم: حمد بن سالم العلوي