الدبور – التقشف الذي أعلنت عن السعودية قبل أيام، في وقت تواجه المملكة تدهور في أسعار النفط بسبب مراهقات بن سلمان، رغم وجود أزمة فيروس كورونا بالأساس وقلة الطلب على النفط، هذا التقشف والقطع في النفقات و المصاريف لا يشمل الرفاهية التي تعيشها العائلة المالكة و التي تقدر ب ١٠ مليارات دولار سنويا، فقط مصاريف.
حيث توفر مبيعات النفط مليارات الدولارات سنويا للخزانة العامة السعودية، ولكن هناك حصة لا يستهان بها من هذه الأموال لا تدخل بشكل رسمي إلى موازنة الدولة، ولكن يتم توزيعها على أعضاء العائلة المالكة، الذين يتقاضى معظمهم أيضا رواتب مجزية من وظائف صورية في القطاع العام، ناهيك عن العديد من الامتيازات الأخرى.
ولا يوجد تقدير رسمي لعدد الأمراء والأميرات في المملكة، لكن مؤلف كتاب “الخلافة في المملكة العربية السعودية”، الكاتب الأمريكي “جوزيف كيشيشيان”، قال إنه يوجد ما بين 12 إلى 15 ألف من الأمراء ومثلهم من الأميرات. وتقدر الأميرة المعتقلة، منذ العام الماضي، “بسمة بنت سعود” عدد أفراد العائلة المالكة بـ15 ألف أمير وأميرة.
ولا تعرف طريقة ومعايير إدارة الشؤون المالية للعائلة المالكة، لكن تسريبات أمريكية، قبل سنوات، أفادت أن مخصصات الأمراء تتراوح بين 270 ألف دولار شهريا لأبناء الملك المؤسس، إلى 8 آلاف دولار شهريا لأبناء الأحفاد.
ويحصل الأمراء على منح تصل قيمتها إلى 3 ملايين دولار في صورة هدايا زفاف لتأسيس قصورهم، وتخصص لهم أراض، إضافة إلى حصولهم على قروض ضخمة ميسرة، وتسهيلات لإقامة مشروعات استثمارية عملاقة. وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن إجمالي نفقات العائلة المالكة السعودية يصل إلى 10 مليارات دولار سنويا. وفي وقت سابق أشارت وكالة “رويترز” نقلا عن وثائق “ويكيليكس” إلى أن هناك خمسة أو ستة أمراء يحصلون على عوائد بيع مليون برميل من النفط يوميا.
البذخ السعودي لم يتوقف عند المخصصات المالية الضخمة لأعضاء العائلة المالكة، بل امتد إلى الحصول على امتيازات عديدة دون مقابل. ومن أبرز تلك الامتيازات آلاف الهواتف المحمولة المجانية وغيرها من الهدايا التي قرر العاهل السعودي الراحل، الملك “عبد الله بن عبد العزيز” إلغائها العام 2005؛ للحد من فاتورة بذخ العائلة الملكية.
كذلك جرى وقتها تقليل عدد الرحلات غير المحدودة التي يتمتع بها الأمراء على الخطوط الوطنية السعودية، وتحديد عدد المرافقين لكل أمير في الرحلات الخارجية، ووقف تغطية تكاليف إقامة الأمراء في الأجنحة الفاخرة بفنادق المملكة، وتقليل ممارسات الاستيلاء على الأراضي والمتاجرة في التأشيرات.
وفي يناير/كانون الثاني 2018، فجرت واقعة اعتقال 11 أميرا، احتجوا على قرارات ملكية، جدلا صاخبا حول سبب الاحتجاج الذي جاء بسبب إلغاء مرسوم ملكي يقضي بدفعهم فواتير الماء والكهرباء.
إقرأ أيضا: فيديو مؤثر ومؤلم.. وفاة محام أردني وهو على البث المباشر وسط صرخات أطفاله
وفي ما اعتبر وقتها مغازلة للعائلة الملكية بعد حملة اعتقالات طالت عددا من الأمراء أواخر 2017، جرى رفع مخصصات بعض أفراد العائلة الملكية بنسبة 50%، ومد العلاوات في الراتب الشهري لتشمل فروعا أبعد من العائلة بخلاف أحفاده وأبناء أحفاده المباشرين. وتعد الرواتب الشهرية للأمراء موضع شكاوى مكتومة بين السعوديين، كما أنها تثير الشكوك حول مدى جدية الحكومة في كبح البذخ، وترشيد الإنفاق، بحسب شبكة “بلومبيرج” الأمريكية.
وتشمل التدابير الجديدة التي أعلنت عنها الشعودية، إيقاف بدل غلاء المعيشة، بدءا من شهر يونيو/حزيران المقبل، وكذلك رفع نسبة ضريبة القيمة المضافة من 5% إلى 15% بدءا من يوليو/تموز المقبل.
ومن المتوقع إقرار حزمة أخرى من إجراءات التقشف، بعد صدور توصيات اللجنة الوزارية المشكلة لدراسة المزايا المالية التي تصرف لجميع العاملين والمتعاقدين، خلال 30 يوما، وكل هذه القرارات و الإجراءات يدفع ثمنها المواطن البسيط ولن يتضرر منها الامراء وحاشيتهم.
وتضم المملكة عشرات القصور والاستراحات الملكية، وتحظى بميزانيات ضخمة، لا تخضع لأية رقابة، وتحتوي هذه القصور على أطقم عمل وضيافة كاملة، ويحرسها المئات من عناصر الحرس الملكي السعودي.
وإلى جانب ذلك، هناك قصور خارجية للملوك والأمراء السعوديين خارج المملكة، على رأسها قصرا الملك “سلمان” في فرنسا، وفي جزيرة ماربيا في إسبانيا، إضافة إلى قصره الضخم بمدينة طنجة المغربية، الذي يقضي فيه أجازته الصيفية بفاتورة إنفاق سنوية تبلغ 100 مليون دولار، بحسب صحيفة “الإندبندنت” البريطانية.
ولم تكتف المملكة بذلك، بل تخطط لإبرام عقود بناء 5 قصور ملكية في مدينة “نيوم” على البحر الأحمر، بقيمة 15 مليار ريال، بحسب بيانات شركة “ميدل إيست إيكونوميك دايجست” المتخصصة في البيانات الاقتصادية.
وتبلغ تكلفة قصر لويس التاسع عشر الذي اشتراه “بن سلمان” في فرنسا، العام 2015، 300 مليون دولار، بحسب صحيفة “واشنطن بوست”. وفي العام ذاته، اشترى “بن سلمان” اللوحة الأغلى في العالم “سلفاتور موندي” (مخلّص العالم) بـ450 مليون دولار.
وتصل قيمة اليخت الذي اشتراه ولي العهد السعودي من رجل الأعمال الروسي “يوري شيفلر”، والذي يضم مهبطي طائرات ومنتجع كامل التجهيز و3 أحواض سباحة، إلى 550 مليون دولار.
ووفق مؤسسة “براند فينانس” المالية الأمريكية، يبلغ صافي الثروة المملوكة للأسرة الحاكمة في المملكة العربية السعودية 1.4 تريليون دولار. ويرجح كثيرون أن أسرة “آل سعود” ربما تكون هي الأغنى في العالم، وهي تشتهر بحيازة الطائرات الخاصة ومروحيات الهليكوبتر واليخوث الفخمة والقصور الفارهة واللوحات الفنية باهظة الثمن.
ويعد تصريح “بن سلمان” عام 2018، معبرا عن وضع الأسرة المالكة ماليا، حينما صرح في مقابلة مع شبكة “سي بي إس نيوز” الأمريكية، قائلا إن “أموره المالية شأن خاص، وأنه ليس بحاجة إلى تقديم اعتذار على عيشته المترفة”، مضيفا: “أما عن إنفاقي فأنا شخص غني ولست فقيراً كما أنني لست غاندي أو مانديلا”.
ويبدو أن حياة البذخ الملكية لا تعبأ بخطاب الأزمة والتقشف الذي دائما ما يوجه للشعب السعودي، وهو ما عبرت عنه “نيكول بولارد بايم”، الرئيسة التنفيذية لشركة الأزياء الأمريكية “لالالوكس”، بالقول إن زبائنها من العائلة المالكة السعودية اشتروا حقائب مصنوعة من جلود التماسيح ومرصعة بالألماس والذهب، مضيفة: “الاقتصاد السعودي يشهد أزمة، لكنهم لم يتوقفوا عن الإنفاق”.