الدبور – أسهل شيء ممكن أن يحصل عليه أي مواطن في مصر هو كمية تهم ترسله إلى ماوراء الشمس، ولا تقتصر التهم فقط على جماعة الغخوان، بل ممكن لأي ضابط صغير إعطاء أي متهم كمية تهم جاهزة ومفصلة قد توصله إلى حبل المشنقة، وهذا ما حصل مع الناشطة المصرية حنين حسام التي أثارت ضجة واسعة خلال الأيام الماضية بعد نشرها فيديو على حسابها، قيل إنه يدعو للفجور.
وبغض النظر عن ما قامت به حنين سالم إن كان بالعرف صح أم لا، وبغض النزر عن رأي المجتمع بتصرفاتها وما تنشره، وبغض النظر عن طريقة كلامها ولبسها وحجابها، فإن كمية ونوعية التهم التي حصلت عليها أقل ما يمكن وصفها بالمخيفة و المرعبة و بل بالجديدة.
فقد أنهت النيابة العامة المصرية تحقيقاتها مع ناشطة تطبيقي “تيك توك” و”لايكي” حنين حسام حيث وجه لها تهما من بينها “الاعتداء على مبادئ وقيم أسرية في المجتمع المصري”. وشملت التهم أيضا “إنشائها وإدارتها واستخدامها مواقع وحسابات خاصة عبر تطبيقات للتواصل الاجتماعي بشبكة المعلومات الدولية بهدف ارتكاب وتسهيل ارتكاب تلك الجريمة، وارتكاب جريمة الاتجار بالبشر بتعاملها في أشخاص طبيعيين هن فتيات استخدمتهن في أعمال منافية لمبادئ وقيم المجتمع المصري للحصول من ورائهن على منافع مادية”.
وأشار البيان إلى أن حنين “استغلت حالة الضعف الاقتصادي وحاجة المجني عليهن للمال، والوعد بإعطائهن مبالغ مالية، وقد ارتكبت تلك الجريمة من جماعة إجرامية منظّمة لأغراض الاتجار بالبشر تضم المتهمة وآخرين”.
وأكد البيان أنه “رصِدَت إحدى الظواهر الجديدة التي استغلت الظروف العامة الراهنة التي أحدثتها جائحة فيروس كورونا، واستحدثت طرقًا جديدة للتسلل إلى المجتمع المصري إضرارًا به، والتغرير بالشباب فتيان وفتيات قُصَّر وبالغين”.
ونوهت النيابة العامة في البيان إلى أن وحدة الرصد بمكتب النائب العام كانت قد رصدت تفاعلًا واسعًا من مشاركي مواقع التواصل الاجتماعي، وورد إلى حسابها الرسمي بموقع “فيس بوك” مطالبات عِدة بالتحقيق مع المتهمة المذكورة لنشرها مقطعا مُصوَّرا أذاعته عبر حساب لها بتطبيقٍ للتواصل الاجتماعي، دعت خلاله الفتيات للمشاركة في مجموعة إلكترونية أسمتها “الوكالة” أسستها عبر التطبيق المذكور، لتذيع الفتيات فيها بثًا مباشرًا لهن متاحًا للكافة مشاهدته، والتعارف والتحدث إلى متابعيه مقابل حصولهنَّ على أجور بالدولار الأمريكي.
وأكدت التحريات والمتابعة “إحداث المقطع موضوع التحري صدمة عنيفة للمجتمع المصري، لِـمَا احتواه من دعوة مباشرة من المتهمة للفتيات بارتكاب أعمال مخالفة للآداب العامة وقيم ومبادئ المجتمع المصري، ومحاولتها التحايل على ذلك بادعائها عبر المقطع بشرعية ما تقوم به، وتحريض الفتيات على ما دعت إليه لتحقيق أعلى نسب ممكنة لمتابعة ما يَعرِضنَه عبر التطبيق المذكور سعياً وراء الربح”.
وأوضح أن “هذه المتابعات تُفضِي إلى أحاديث غير سويَّة بين الفتيات والرجال وعقد وترتيب لقاءات جنسية مؤثمة بينهم في غرف مغلقة للتحاور تنتهي إلى تحريض على الفسق، وأن الفتيات يُدْفَعنَ إلى إثارة الرجال بأفعال منافية للآداب سعياً وراء رفع نسبة متابعي البث إلى حد معين اشترطته الشركة المالكة عليهنَّ لحصولهنَّ على المقابل المادي الذي وُعِدنَ به”.
وأنكرت المتهمة ما نسب إليها من اتهامات، وقررت بتعاقدها منذ عامين مع شركة صينية مالكة لتطبيقٍ للتواصل الاجتماعي ينشر المشاركين فيه مقاطع مصورة قصيرة فيما بينهم، حيث تواصلت إلكترونيًا مع مديرة الشركة والتي ضمتها إلى مجموعة عبر أحد تطبيقات التواصل.
وواصل البيان أن مديرة الشركة أرسلت إليها تعاقدًا إلكترونيًا بينها والشركة على تصويرها شهريًا نحو عشرين مقطع مصور لنفسها حال أدائها بعض الأغاني ونشرها عبر التطبيق مقابل تقاضيها نحو أربعمائة دولار شهريًا بتحويلات بنكية، على أن يزيد أجرها بزيادة متابعيها عبر التطبيق.
وأضافت المتهمة في أقوالها أنه “ربطتها علاقة ببعض القائمين على إدارة الشركة المالكة للتطبيق المتعاقدة معه – من بينهم مصريون وصينيون – حيث اضطلع أحدهم وهو مصري الجنسية بحمايتها إلكترونيًا من المضايقات أو محاولات حذف أو حجب مقاطعها المصورة المنشورة، كما ربطتها علاقة بآخريْن مصرييْن مسؤوليْن عن البث المباشر للتطبيق بالشرق الأوسط”.
ونفت المتهمة ما أعلنته صراحة بالمقطع موضوع التحقيق من امتلاكها أو تأسيسها ما أسمته “بالوكالة” عبر التطبيق المتعاقدة مع شركته، دافعة ذلك عنها بعدم تحريرها سجلًا تجاريًا أو ضريبيًا لهذه الوكالة، وأنها قالت ذلك على سبيل الدعاية وتنفيذًا لما كُلِّفت به من الشركة لاستغلال الفتيات من متابعيها لكثرة عددهنَّ، وأنها عقب نشر الإعلان تلقت ثناءً من الشركة عليه ووُعِدَت بتقاضيها عنه نحو ثلاثة آلاف جنيه تحول إلى حسابها البنكي.
وبمواجهة النيابة العامة المتهمة بمقطع سبق أن نشرته بأحد حساباتها تضمن محادثة جنسية بين رجل وفتاة، أقرت بنشره مدعية أنه كان يخلو من المحادثة الجنسية المشار إليها، وأن أحدًا أضافه إليه عقب نشره، بينما تبين للنيابة العامة من مطالعة المقطع إعلان المتهمة فيه اعتذارها للمشاهدين والمستمعين عن المحتوى الإباحي الذي سيتضمنه المقطع.
وقررت النيابة العامة استكمالًا للتحقيقات طلب تحريات قطاع الجريمة المنظمة والإتجار بالبشر بوزارة الداخلية حول الواقعة، والاستعلام من البنك المركزي عن حسابات المتهمة البنكية في ضوء تصريح مقدم منها بذلك. كما قررت ندب مختص بالجهاز القومي للاتصالات لفحص حسابها عبر التطبيق الذي تعاقدت عليه لبيان مُنشِأه وكيفية إدارته والمسؤول عنه وكيفية التعامل عليه وإنشاء الحسابات به، وبيان محتوى حساب المتهمة وما تم نشره وحذفه به إن وجد، وعما إذا جرى العبث بأي من محتوياته، ومدى إمكانية استرجاع المحذوف منه.
https://youtu.be/-ozEY6i145Q