الدبور – كشف موقع بريطاني عن وثيقة صادرة عن وزارة الإعلام السعودية، تتضمن تفاصيل “خطة سرية” تبنتها المملكة بهدف إفشال قمة كوالالمبور الإسلامية أواخر العام الماضي.
وذكر “ميدل إيست آي” أن الوثيقة تضمنت أمرا من الحكومة السعودية للصحفيين المحليين بانتقاد القمة التي استضافتها ماليزيا والتقليل من أهميتها، وتوجهت كذلك نحو وسائل إعلام في بلدان أخرى بما فيها ماليزيا وإندونيسيا وعدد من الدول العربية.
واستهدفت الحملة الإعلامية السعودية، بحسب الوثيقة، إبراز دور منظمة التعاون الإسلامي في خدمة قضايا الأمة الإسلامية، وإلقاء الضوء على حجم المساعدات التي قدمتها السعودية للعالم الإسلامي، والتقليل من أهمية قمة كوالالمبور وما يمكن أن يصدر عنها من قرارات في ظل غياب أو تخفيض مستوى مشاركة دول إسلامية ذات دور محوري في قيادة العالم الإسلامي وخدمة قضاياه.
وتضمنت الوثيقة طلبا من وزارة الإعلام السعودية للصحفيين السعوديين بكتابة ما يفيد أن عقد القمة المصغرة في ماليزيا خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي من شأنه أن “يشجع على قيام كيانات مماثلة بين دول إسلامية أخرى لم توجه لها الدعوة لعقد قمم أخرى، من المنظمة”.
كما طلبت الوزارة من الكتاب تسليط الضوء على انسحاب رئيس وزراء باكستان “عمران خان” من القمة، باعتبار أن “غياب دول الإسلامية محورية عن قمة ماليزيا يعكس عدم قناعة أحد أبرز الدول المؤسسة لهذه القمة بعدم إمكانية تحقيق أي نجاح خارج إطار منظمة التعاون الإسلامي”. أما “آليات التنفيذ” التي اقترحتها الوثيقة، فاشتملت على “توجيه كتاب الرأي بنقد أي تكتل لأغراض سياسية ضيقة خارج منظمة التعاون الإسلامي التي تعتبر ثاني أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة” بالإضافة إلى “إعداد تقارير إخبارية تلفزيونية تبرز دور المملكة في تأسيس منظمة التعاون الإسلامي” وكذلك “استضافة محللين سياسيين لتسليط الضوء على الأدوار الهامة التي لعبتها منظمة التعاون الإسلامي لخدمة المسلمين”.
ولفت الموقع البريطاني إلى أن وزارة الإعلام السعودية أرسلت هذه الوثيقة إلى مجموعة كبيرة من القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية والصحف خارج المملكة، منها “دون وديلي جانغ” و”نوائي وقت” في باكستان، و”الرأي” و”الدستور” و”عمون” في الأردن، إضافة إلى مجموعة من القنوات والمطبوعات الأخرى في مصر والسودان والعراق ولبنان وإندونيسيا والهند.
وبحسب تقرير “ميدل إيست آي”، فإن السعودية أصيبت بذعر شديد بسبب اجتماع دول إسلامية كبيرة في قمة كوالالمبور في 19 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، خارج سيطرة منظمة التعاون الإسلامي التي تترأسها.
وحضر القمة الإسلامية زعماء كل من إيران وتركيا وقطر وشاركت فيها وفود من 56 بلدا، وكان من أبرز الغائبين عنها “عمران خان”، زعيم ثاني أكبر بلد تسكنه أغلبية من المسلمين، وذلك بعد جهود مضنية بذلها معه السعوديون للحيلولة دون حضوره القمة.
وكان ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” قد أعلن في فبراير/شباط من العام الماضي عن حزمة من الاستثمارات بقيمة 20 مليار دولار في باكستان، وخضع للضغوط التي مارسها السعوديون عليه وأرسل وزير خارجيته بديلا عنه، ولكنه ما لبث بعد ذلك أن ندم على قراره.
وخرج “خان” في وقت مبكر من هذا الشهر في مؤتمر صحفي إلى جانب مضيف قمة كوالالمبور، رئيس وزراء ماليزيا السابق “مهاتير محمد”، ليقول: “شعر بعض أصدقائنا المقربين بأن المؤتمر قد يشتت شمل الأمة، ولم يكن ذلك بتاتاً هو الغرض من المؤتمر. أشعر بأن من واجب البلدان المسلمة تثقيف البلدان الغربية وغيرها من البلاد حول حقيقة الإسلام”.
وفيما لم يعلق مكتب رئيس الوزراء في ماليزيا على الوثيقة، التي جاء الكشف عنها بعد يومين من تقديمه استقالته (24 فبراير/شباط)، نقل الموقع البريطاني عن مسؤول تركي، اشترط عدم الإعلان عن هويته، أن السلطات السعودية لم تتوقف عن شن حملة دعائية مغرضة ضد تركيا منذ جريمة قتل الصحفي السعودي “جمال خاشقجي” في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وقال المسؤول التركي: “لم يعد أي من هذه الأمور يفاجئنا، فهم لا يتوقفون عن السعي لتشويه صورة تركيا وتلطيخ سمعتها، ولم يقلصوا من الجهود التي يبذلونها للنيل من المساعي التركية. بل هم ينفقون الملايين من الدولارات التي يثرون بها الشركات الأمريكية والبريطانية لتزويد ببغاواتهم بأفكار سخيفة حتى ينشروها ويستمروا في ترديدها”.
ولفت إلى أن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” غضب من المسؤولين السعوديين والإماراتيين لما مارسوه من ضغوط على “عمران خان” حتى يلغي مشاركته في القمة، مضيفا: “ظن السعوديون بأن تركيا وقطر تحاولان تشكيل كيان منشق جديد بالتحالف مع بلدان جنوب آسيا وذلك أيضاً من خلال إضافة إيران إلى الصورة. وهم في ذلك مخطئون تماماً. بل إن دول تلك المنطقة هي التي دعت تركيا وقطر، ولم تكن أنقرة هي التي تتزعم المشروع”.
وكان “أردوغان” قد صرح حينها بأن “خان” تعرض لضغوط حتى يلغي مشاركته في القمة، وقال في حديث له مع الصحفيين بالعاصمة الماليزية في ديسمبر/كانون الأول الماضي: “ليست هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها المملكة العربية السعودية وأبوظبي مثل هذا السلوك. من المؤسف أننا نشاهد المملكة العربية السعودية وهي تمارس الضغوط على الباكستان. فهناك وعود (سعودية) لباكستان في ما يتعلق بمصرفها المركزي. وعدا عن ذلك كله، فإنه يعمل في المملكة العربية السعودية ما يقرب من 4 ملايين عامل باكستاني”.
وأضاف أردوغان: “يهددهم السعوديون قائلين إن بإمكاننا أن نطردهم، وأن نستبدل بهم عمالا من بنغلادش. وفي المقابل يقولون لباكستان بخصوص مصرفها المركزي بأنهم قد يسحبون أمولهم منه. وبعد تهديدات مشابهة، وجدت باكستان، التي تعاني من أحوال اقتصادية قاسية، نفسها في وضع اضطرها لاتخاذ القرار بعدم حضور القمة”.