الدبور – بعد إعلان دولة الإمارات الصادم تأييدها لكل ما جاء بـ”صفقة القرن” التي طرحها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ( 28 يناير 2020)، والتي لاقت غضباً فلسطينياً ورفضاً وتحفظاً عربياً ودولياً واسعاً، باتت التساؤلات تُطرح عن مكانة ودور القيادي الفلسطيني محمد دحلان، المستشار الخاص لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في هذه الصفقة.
ورغم أن دحلان أصدر بياناً عبر فيه عن رفضه للصفقة، ودعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإعلان دولة فلسطينية، قبل ساعات من خروج ترامب برفقة رئيس الوزراء الإسرائيلي (المنتهية ولايته)، بنيامين نتنياهو، لإعلان بنود الصفقة رسمياً، فإن هذا الموقف لم يقنع السياسيين والمراقبين، الذين اعتقدوا أن لدحلان “يداً قوية وخفية” في الخطة الأمريكية.
كل ذلك فتح باب التساؤلات حول الأدوار الخفية التي يؤديها دحلان، رجل بن زايد، في إتمام الكثير من الصفقات التي تسعى الإمارات لإنجازها في دول المنطقة، مع تأييد أبوظبي الكبير لصفقة ترامب وما رافقه من حضور للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، في مؤتمر الإعلان، وحرص الإمارات على مسابقة الزمن في تطوير وتوطيد علاقاتها مع “إسرائيل”.
وعقب مؤتمر إعلان بنود “صفقة القرن” أصدر العتيبة بياناً أكد فيه دعم بلاده للخطة، معتبراً أنها “بمثابة نقطة انطلاق مهمة للعودة للمفاوضات”، فيما لم يصدر بعد ذلك عن دحلان المقيم حالياً في الإمارات أي بيان أو تصريح رسمي.
وأعلن ترامب الخطوط الرئيسية لخطته؛ وتتضمن إقامة شبه دولة فلسطينية “متصلة” في صورة أرخبيل تربطه جسور وأنفاق بلا مطار ولا ميناء بحري، وعاصمتها “في أجزاء من القدس الشرقية”، مع جعل مدينة القدس المحتلة عاصمة موحدة مزعومة لـ”إسرائيل”.
إقرأ أيضا: البحرين تكتفي بإبعاد إماراتي من عيال زايد بعد شروعه في قتل ابن طليقته البحرينية
أيادي دحلان والإمارات
عضو المجلس الثوري لحركة “فتح”، يحيى رباح، اتهم دولاً عربية -من بينها الإمارات- بالضلوع في خطوات تقزيم وتصفية القضية الفلسطينية؛ من خلال دعم وتأييد “صفقة القرن” بشكل علني، رغم الرفض الفلسطيني والعربي والدولي القاطع للصفقة.
وفي تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين” أكد رباح أن للإمارات دوراً “مؤسفاً ومخزياً بهذه الصفقة؛ حين أخذت أدواراً ليست لها تتعلق بالقضية الفلسطينية، وأعلنت دعمها المطلق لبنود خطة ترامب”، مشيراً إلى أن هذه المواقف أهانت الإمارات بها نفسها.
وعن علاقة دحلان بالصفقة كونه يعمل بالإمارات ويعد أهم رجال بن زايد، لفت رباح إلى أن من “قَبل على نفسه أن يكون جاسوساً لا تستغرب منه أي تصرف ضد قضيته”، معتبراً موافقة أو دعم أو مناقشة هذه الصفقة تعد خيانة وخروجاً عن الصف الفلسطيني.
وذكر القيادي الفتحاوي أن “صفقة ترامب” أكبر بكثير من بن زايد ودحلان اللذين حاولا بشكل كبير الدخول بها من خلال اللقاءات السرية، أو تقديم المقترحات ووعود التنفيذ على أرض الواقع، معتبراً المواقف التي صدرت من دول عربية كالإمارات وسلطنة عمان والبحرين مثل من “رمى نفسه في النار”.
هذا وعلم “الخليج أونلاين” من مصادر مصرية رفيعة المستوى أن دحلان سيترأس وفداً عربياً، الأسبوع المقبل، لزيارة عواصم عربية وأجنبية دعمت “صفقة القرن” لمناقشه بنودها بشكل معمق ووضع آليات التنفيذ، بطلب وتوجيه من محمد بن زايد.
وكان موقع “لوبي لوغ” الأمريكي كشف، في سبتمبر 2019، أن دحلان هو من ستوكل له مهمة تنفيذ بنود “صفقة القرن”، بتوجيهات ودعم من ولي عهد أبوظبي، في حين أكدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن ترامب وصهره جاريد كوشنر اعتمدا بشكل أساسي في صياغة بنود الصفقة على مقترحات قدمها محمد بن زايد، الذي قدم أول “رؤية للتسوية” من الخارج للقضية الفلسطينية، بحسب الصحيفة.
دحلان يقود مرحلة التنفيذ
بدوره أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الفلسطينية، عبد الستار قاسم، أن لدولة الإمارات ورجلها دحلان دوراً كبيراً في إتمام الصفقة الأمريكية وإيصالها لما وصلت إليه الآن، مؤكداً في حديث خاص مع “الخليج أونلاين” أن “الدور عليهم (الإمارات ودحلان) سيكون في مرحلة التنفيذ”.
وأوضح قاسم أن ما جرى من مشهد سفراء ثلاث دول عربية يصفقون لترامب خلال إعلانه صفقته السياسية أمر “مهين” لتلك الدول التي وضعت على عاتقها تصفية القضية الفلسطينية والانصياع للإملاءات الأمريكية والإسرائيلية، مشيراً إلى أن التحركات للتنفيذ ستبدأ خلال المرحلة المقبلة بقيادة الإمارات ودحلان.
وذكر قاسم أن الحديث عن عدم علاقة دحلان والإمارات بالصفقة، خاصة البيانات الأخيرة التي صدرت عن الطرفين، مخالف للواقع تماماً، فما يجري داخل الغرف من لقاءات سرية واجتماعات وتحركات يؤكد أن بن زايد ورجله دحلان متورطان بهذه الصفقة، التي يشارك فيها الرئيس محمود عباس أيضاً؛ بسبب عدم تنفيذه القرارات السابقة للمجلسين الوطني والمركزي التابعين لمنظمة التحرير بمواجهة واشنطن و”تل أبيب”.
ودحلان قيادي سابق في حركة فتح، وسياسي فلسطيني، ورئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني السابق في غزة، وقائد سابق لمنظمة شبيبة فتح، وعضو العلاقات بمنظمة التحرير الفلسطينية، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح في انتخابات 2009.
الجدير ذكره أن كلاً من تركيا وفلسطين تلاحق دحلان بعدة تهم؛ أبرزها القتل، والفساد، والتجسس الدولي، والضلوع بمحاولة الانقلاب العسكري التي شهدتها تركيا منتصف يوليو 2016، فقد أدرجته الداخلية التركية، في 13 ديسمبر الماضي، ضمن “القائمة الحمراء”، وهي أخطر قوائم الإرهابيين المطلوبين في البلاد.
أما في فلسطين فقد أصدر القضاء ضده أحكاماً بالسجن، ويعمل قسم الشرطة الدولية (الإنتربول) في السلطة الفلسطينية على إلقاء القبض على مجموعة من الفلسطينيين المتهمين بالفساد والهاربين خارج فلسطين، دون تسميتهم، وتواردت أنباء لم تؤكدها السلطة الفلسطينية أن “دحلان” من بين تلك الشخصيات.
المصدر الخليج أونلاين