الدبور – رجل الاعمال السلطان الجديد لسلطنة عمان السلطان هيثم بن طارق، يواجه تحديات كثيرة يجب أن يتغلب عليها ويسعى إلى تحقيقها خلفا للسلطان قابوس بن سعيد الذي توفاه الله يوم السبت عن عمر ٧٩ عاما، فهل يستطيع السلطان الجديد الذي يبلغ من العمر ٦٥ عاما مواجه كل التحديات التي تنتظره، وأهمها تنويع الإقتصاد وعدم الإقتراض من الخليج حتى يحافظ على إستقلالية وحيادية القرار العماني كما فعل سلفه لعقود طويلة؟
و يُعرف عن سلطنة عمان أنها دولة محايدة سياسيا بشكل كبير رغم وقوعها في منطقة تشهد توترات سياسية وتعج بصراعات أيدلوجية وطائفية. غير أن السلطان الراحل “قابوس” تمكن بحنكة يُحسد عليها من النأي ببلاده بعيدا عن التجاذبات السياسية، وخاصة الصراع الكبير بين السعودية وإيران. كما نجح السلطان الراحل في تقديم بلاده للعب دور الوسيط الإقليمي والدولي.
ويُجمع المراقبون -تقريبا- على أن عمان ستحافظ على نفس المسار الحيادي في السياسة الخارجية بعهد السلطان الجديد؛ تجنبا لنقل الانقسامات السياسية إلى ملعبها الداخلي، وللحيلولة دون التورط في عداوات مع أي من الأطراف المتصارعة، وهو ما يفقدها ثقلها الدبلوماسي كوسيط نزيه.
ويواجه السلطان الجديد أيضا أطماع جارته الإمارات، وما قامت به في عهد السلطان قابوس من إرسال خلاليا تجسس ومحاولة دعم حملات إنقلاب على السلطان قابوس لأنه كان يشكل لهم عقبة في طريق توحيد الخليج تحت قرار واحد وهو القرار الإماراتي، ورفض عمان الإنصياع لشيطنة دولة قطر و المشاركة في حصارها أضعف موقف بن زايد كثيرا، وسبب له أزمة مع السلطنة التي قرر محاربتها بالخفاء ولكنه فشل.
وسيحاول ولي عهد أبوظبي التقرب من السلطان الجديد لمعرفة توجهاته في الفترة المقبلة وإن كان سيغير من سياساته في المنطقة أم سيتبع سياسات الراحل السلطان قابوس، فأمام السلطان تحديات في كيفية التعامل مع أي محاولات تخريبية أو تجسسية قد يقوم بها بن زايد، كما فعل بالسابق، وتعامل معها السلطان بكل هدوء وحكمة.
ويبدو أن السلطان الجديد يدرك جيدا أن من مصلحته الحفاظ على وصفة بلاده السحرية لعزل نفسها عن الصراعات العسكرية والتوترات الطائفية في المنطقة، وهو ما أبرقه في خطاب التنصيب الأول له قائلا: “سوف نرتسم خط السلطان الراحل مؤكدين على الثوابت (…) وسياسة بلادنا الخارجية القائمة على التعايش السلمي بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لغيرنا”.
إقرأ أيضا: هذا ما حدث بعد وفاة السلطان العماني قابوس بن سعيد
واستكمالا لحيادها السياسي، تتبنى مسقط سياسات اقتصادية مستقلة، وهي تتجنب الاقتراض من العواصم الخليجية والمؤسسات الدولية؛لتتفادى التعرض لضغوط أو إملاءات سياسية.
ويرجح مراقبون أن رئاسة السلطان الجديد “هيثم بن طارق” للجنة الرؤى المستقبلية المكلفة بالتخطيط لمستقبل عمان حتى عام 2040، ربما تعني أن الاقتصاد سيهيمن على أجندت؛ سعيا لإنجاح خطط التنويع الاقتصادي بما يقلل الاعتماد على عائدات النفط كمورد أساسي لاقتصاد السلطنة.
ووفق الخبيرة بمعهد دول الخليج العربية في واشنطن “كريستين ديوان”، فإن “الضمان الأفضل لحياد عمان هو تنفيذ إعادة هيكلة اقتصادية ناجحة تعتمد على شعبها وتتجنب الاعتماد على أي قوة أخرى”.
ويعد السلطان الجديد أحد رجال الأعمال في السلطنة والمهتمين بالاستثمار، وكان رئيسا لمجلس إدارة الشركة الوطنية القابضة التي شاركت في بناء محطتي الطاقة الرئيسيتين في عمان (مناح وصحار). وتعتبر شركته وكيلا حصريا لعدة شركات متعددة الجنسيات في عمان.
و”رؤية 2040″ هي خطة استراتيجية للتنمية طويلة الأمد، تعول عليها مسقط لتنشيط قطاعات اقتصادية غير تقليدية مثل السياحة، واللوجيستيات، والتصنيع، وصيد الأسماك، والتعدين، ورفع نسبة عمالة المواطنين العمانيين في القطاع الخاص إلى 42%، وزيادة الاستثمارات الأجنبية، والحد من البطالة، ومضاعفة الناتج المحلي الإجمالي للمواطن.
إقرأ أيضا: فيديو لابن السلطان هيثم بن طارق، سلطان عمان الجديد، يثير ضجة!
من المؤكد أن السلطان الجديد، الذي اكتسب خبرة لأكثر من 30 عاما في صنع السياسة في الوظائف الحكومية العليا، ستكون له بصمة خاصة، في ظل متغيرات وتحديات تتطلب المزيد من الإصلاحات السياسية في البلاد.
ووفق الهياكل المركزية لصناعة القرار في عمان، يشغل السلطان مناصب رئيس الوزراء والقائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير المالية ووزير الخارجية، ورئيس مجلس محافظي البنك المركزي العماني.
وربما كان الوقت مبكرا لاستكشاف نوايا السلطان الجديد، لكن المخاوف من تكرار احتجاجات 2011 خلال الربيع العربي، وما تموج به من المنطقة من صراعات، قد تكون محفزا لبناء مؤسسات فاعلة في الدولة العمانية، والحد من مركزية الحكم، وبيروقراطية القرار؛ بما يقوي الداخل العماني.
إقليما ودوليا، تعد الأزمات الخارجية التحدي الأكبر على أجندة السلطان الجديد، لا سيما التداعيات الأمنية المتزايدة للحرب في اليمن على المحافظات الجنوبية العمانية خاصة محافظة ظفار الحدودية.
وتحتفظ مسقط بقنوات اتصال مفتوحة مع إيران والمتمردين الحوثيين في اليمن من جانب، والتحالف العربي الذي تقوده السعودية من جانب آخر؛ ما يمكنها من لعب دور الوسيط، والمستضيف لمفاوضات بين أطراف الصراع، وعقد صفقات تبادل الأسرى بين الجانبين، وربما إبرام حل سياسي ينهي الحرب القائمة في البلاد منذ 2015.
وإلى جانب الكويت، تدعم عمان أيضا مبادرات الوساطة لإنهاء الحصار على قطر المستمر منذ يونيو/حزيران 2017، الذي رفضت مسقط المشاركة فيه غير عابئة بضغوط الرياض وأبوظبي، وربما تمارس عمان دورا أكثر فاعلية في هذا الإطار خلال الأسابيع المقبلة.
ويحسب لمسقط نجاحها في الحفاظ على علاقات جيدة مع طهران والرياض، رغم العداوة العميقة بين الطرفين؛ وهو ما يؤهلها أيضا للعب دور في التهدئة بين الجانبين، إلى جانب خفض التوتر بين طهران وواشنطن، وتجنب ويلات حرب في المنطقة على خلفية تداعيات اغتيال القائد العسكري الإيراني “قاسم سليماني”.
تبقى قضية العلاقات مع الدولة العبرية حاضرة بقوة في أروقة الدبلوماسية العمانية، خاصة منذ استضافة السلطان الراحل “قابوس” رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” في مسقط، أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وليس من المستبعد أن يواصل السلطان الجديد نفس السياسة بهدف نيل رضا واشنطن، وتثبيت دعائم حكمه، والتحوط من تقلبات السياسة السعودية والإماراتية.
وترشح دوائر غربية سلطنة عمان لتكون أول دولة خليجية تفتح سفارة إسرائيلية على أراضيها؛ لتكون بوابة للتطبيع الإسرائيلي مع الخليج.
يمكننا أن نقول إذن إن السياسة الخارجية العمانية تمتلك طابعا فريدا يؤهلا للعب دور “صندوق بريد” موثوق لجميع الدول المتصارعة بما يشمل الولايات المتحدة والعالم الغربي وإيران، ومجلس التعاون الخليجي؛ نظرا قدرتها على التواصل مع كافة العواصم، ولعب دور الوسيط النزيه، وتجنب التورط في صراعات سياسية من أي نوع.
وسيكون من الصعب على السلطان الجديد تغيير سياسة تم ترسيخها على مدار أكثر من 5 عقود من حكم “قابوس”، لكن الحفاظ على هذه التوازنات ستكون مهمة لا تقل صعوبة.
إشترك في قناتنا على تطبيق تليجرام ليصلك كل ما هو مميز من موقعنا… لسعات خاصه.. https://t.me/Dabboor
تعليق واحد
من هنا وهناك ومن ذاك الشارع الى ذاك الشارع ومن هذا الباب الى ذاك الباب والعالم يهتف بنظرة 2040 والكل في عجله من امره والسهم موجه الى السلطان الجديد هيثم اعانك الله، وفي حقيقة الأمر لهذه النظره ليست فقط لرجل واحد على هذه الأرض ولا نجعل الهدف لشخص واحد كي يقوم بتحقيقه وإرضاء الجميع او يقدم السفرة جاهزه للمتواكلين، بل على الجميع عليهم ان يتكاتفو ويتعاونوا والوقوف جنب الي جنب حتى تكسر الصعاب وتشرد المشقات وتحقق الامنيات لكل بقعه من بقاع ارض عمان. كل هذا بتعاون الجميع وبلا عجله…