الدبور – قد يبدو سبب إنتحار الشاب اللبناني الذي هز المجتمع بموته هو ما طلبته ابنته منه وهو مبلغ نصف دولار ألف ليرة لتذهب إلى مدرستها، بإعتباره أخر طلب سمعه الشاب قبل إنتحاره، ولكن قصته تعود لأكثر من الألف ليرة التي طلبتها طفلته لاتي لا تعلم وضعه.
هي قصة لبنان، هي قصة الثورة اللبنانية المشتعلة، حيث لم يجد اللبناني ناجي الفليطي (40 عامًا) سوى الانتحار وسيلة وحيدة للتخلص من أعباء وضغوط الحياة وحالة الفقر المدقع والعوز الشديد التي عصفت بحياته؛ بعد أن عجز عن توفير لقمة العيش لابنته وابنه والاستمرار بعلاج زوجته التي تعاني مرض السرطان.
فصول المعاناة المستمرة في حياة ”ناجي“ رواها مقرب من العائلة في مقابلة تلفزيونية مع قناة ”ال بي سي“ اللبنانية قائلًا: إن ناجي ”شغيل“ يصحو في الخامسة والنصف من فجر كل يوم بحثًا عن لقمة العيش ويعود إلى بيته في الخامسة والنصف مساءً.
ويصف المقرب من ناجي حياة الأخير بـ“الصراع المستمر لتأمين نفقات علاج زوجته التي تعاني السرطان ومرافقتها إلى المستشفيات وايجاد العمل لتوفير لقمة الخبز لزوجته وأولاده في ظل وضع اقتصادي متدهور ومتردٍّ يمر به لبنان“.
ناجي الذي يعمل في محل نجارة ببلدة عرسال قضاء بعلبك، كان يتردد عليه بشكل يومي ليجده مقفلًا الأمر الذي دفعه للبحث عن عمل آخر لكن دون جدوى.
تلك الظروف مجتمعة دفعت ”ناجي“ إلى الاستدانة من شقيقه الذي يعمل بالجيش ومن شقيقه الآخر ومن صاحب البقالة في البلدة لتأمين الحد الأدنى من احتياجات أسرته وسد رمق زوجته المريضة وابنته البالغة من العمر 6 سنوات وطفله الرضيع البالغ من العمر عامًا واحدًا.
صاحب البقالة التي كان يستدين منها ناجي وصف حالته عندما كان يتردد عليه لأخذ احتياجات أسرته بالقول ”كان منكسرًا في كل مرة يدخل فيها علي“.
وأضاف أن ”حساب ناجي وصل إلى 200 ألف ليرة لبناني ما يعادل نحو 100 دولار“، مبينًا أنه لم يطلب منه سداد ديونه.
وبالعودة إلى مساء اليوم الذي سبق انتحار ناجي، طلبت زوجته منه بعد عودته إلى المنزل أن يؤمّن لهم السكر والرز والخبز؛ ليرد عليها بأنها تعرف وضعه المالي الصعب وعدم قدرته على توفير تلك المتطلبات لعدم وجود فرصة عمل له، وفق مقرّب من عائلة ناجي.
وصباح أمس الأحد أفاقت عرسال على فاجعة هزتها، بعد أن طلبت ابنة ناجي منه مبلغ ألف ليرة (نصف دولار) لتتمكن من الذهاب إلى المدرسة إذ رد عليها والدها بأنه سيعطها المبلغ، لكنه خرج إلى خلف المنزل دون رجعة بعد أن اتخاذ قرارًا بإنهاء حياته شنقًا، فكانت الشعرة التي أنهت حياة ناجي.