الدبور – أدانت محكمة إسرائيلية في مدينة حيفا (شمال)، الأحد، الشيخ “رائد صلاح” بـ”التحريض على الإرهاب” و”دعم تنظيم محظور”، حسب وسائل إعلام عبرية.
وذكرت (القناة 13) الإسرائيلية، أن الشيخ “صلاح” أدين بـ”دعم تنظيم محظور” (الحركة الإسلامية)، فيما ذكرت صحيفة يسرائيل هيوم، أنه أدين أيضا بتهمة “دعم الإرهاب”.
وسبق أن صدر حكم مع وقف التنفيذ بحق الشيخ “صلاح” بتهم مشابهة، وهذا يعني إمكانية صدور حكم بالسجن الفعلي عليه بعد إدانته، حسبما ذكر موقع “واللا” العبري.
ونسب موقع “واللا” إلى محامي الشيخ صلاح، تصريحات سابقة، قال فيها إن “أقواله حرفت عند ترجمتها وأخرجت عن مقصدها بشكل متعمد”.
وهذه ليست المرة الأولى التي تستهدف إسرائيل الشيخ “صلاح” بسبب نشاطاته، فسبق أن سجن عدة مرات، آخرها عام 2017، قضى منها 11 شهرًا في عزل انفرادي، بعدها تم الإفراج عنه بقيود مشددة، شملت إبعاده عن بيته ومدينته أم الفحم.
كما فرض عليه السجن المنزلي ومنعه من التواصل مع أحد باستثناء أقاربه من الدرجة الأولى والثانية، ثم أحيل لاحقا للحبس المنزلي في مدينته أم الفحم، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، وبقي على هذه الحالة حتى محاكمته الأحد.
ومنعت السلطات الإسرائيلية، خلال فترة السجن المنزلي، الشيخ من أداء صلاة عيد الأضحى في شهر أغسطس/آب الماضي، ونقلت وسائل إعلام عن أحد محاميه قوله إن السلطات الإسرائيلية تسعى إلى تغييب “رائد صلاح” بدعوى أنه يشكل خطرًا لتأثيره على العالم العربي والإسلامي بأي تصريح يصدر منه.
وتعتبر الحكومة الإسرائيلية، الشيخ “صلاح”، الملقب فلسطينيا بـ”شيخ المسجد الأقصى”، أحد الزعماء العرب المحرضين على “العنف”، من وجهة نظرها.
ووصل صلاح إلى المحكمة الإسرائيلية، صباح الأحد، يحيط به عدد كبير من أنصاره، ونشطاء وأعضاء كنيست من القائمة المشتركة، ومنعت الشرطة الإسرائيلية دخولهم إلى المحكمة، وسمحت فقط لـ25 شخصًا بمرافقته.
وبعد صدور الحكم بإدانة “صلاح” هتف حشد من أنصاره أمام المحكمة بـ”الروح بالدم نفديك يا أقصى”، في رد فعل عفوي، حسب مقاطع فيديو تداولتها منصات التواصل الاجتماعي.
والشيخ “رائد صلاح”، مواليد العام 1958 في مدينة “أم الفحم”، التي تعتبر ثاني أكبر المدن الفلسطينية داخل إسرائيل، بعد الناصرة.
وتلقى في أم الفحم، تعليمه المدرسي قبل أن ينتقل إلى مدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية، للحصول على شهادة البكالوريوس في الشريعة الإسلامية من جامعة الخليل.
اعتقلته إسرائيل العام 1981، بتهمة الانتماء إلى “تنظيم محظور”، اسمه “أسرة الجهاد”، قبل أن تفرض الإقامة الجبرية عليه.
وكان هذا هو اعتقاله الأول، ولم يكن الأخير، وتخلل ذلك منعه من السفر وفرض إقامات جبرية عليه، ومنعه من دخول مدينة القدس، إضافة إلى إصابته بالرصاص.
لكن “صلاح”، دأب على التصريح بأن هذه الاعتقالات والإجراءات لا تخيفه.
وكتب “صلاح”، في تدوينة على صفحته بموقع “فيسبوك”، عقب صدور حكم سابق بالسجن: “على أعتاب السجون، لا لن نذل ولن نهون.. وإن كان السجن ثمنا ضروريا لنصرة القدس والمسجد الأقصى فمرحبا بالسجون”.
وبرز اسم الشيخ “صلاح”، لأول مرة، عندما نجح بأغلبية كبيرة على منافسيه في الانتخابات لرئاسة بلدية أم الفحم العام 1989، وذلك لـ 3 مرات متتالية إلى أن استقال عام 2001 ليتفرغ لشؤون المسجد الأقصى.
وكان الشيخ “صلاح”، وهو أب لـ 8 أبناء، من مؤسسي الحركة الإسلامية في إسرائيل، بداية السبعينيات من القرن الماضي.
وفي عام 1996 حدث انشقاق داخل الحركة، بعد قرار رئيسها الشيخ “عبد الله نمر درويش”، خوض انتخابات الكنيست الإسرائيلي، وهو ما رفضه صلاح، وترأس على إثره ما عرف بـ”الحركة الإسلامية- الجناح الشمالي”.
وكان الشيخ “صلاح” قد نجح قبل ذلك – وتحديدا العام 1996- في قيادة جهد الحركة الإسلامية لترميم المصلى المرواني، داخل المسجد الأقصى، في غفلة من السلطات الإسرائيلية إلى أن تم افتتاح بوابات المصلى الكبيرة أمام المصلين العام 2000.
وكانت هذه بداية المواجهة مع السلطات الإسرائيلية، التي تردد آنذاك أنها تريد تحويل المصلى المرواني، الذي تطلق عليه اسم اسطبلات “سليمان”، لكنيس يهودي.
وتوالت المواجهات بعد ذلك، ففي العام 2000 أنشأ مؤسسة “الأقصى لإعمار المقدسات”، وهي تعنى بالدفاع عن المقدسات الإسلامية داخل إسرائيل، إلى جانب المسجد الأقصى.
وعلى مدى سنوات، وحتى اليوم، نشطت المؤسسة في كشف المخططات الإسرائيلية، داخل وحول المسجد، مستندة إلى تقارير عبرية تترجم إلى اللغة العربية، فضلًا عن جولات ميدانية لطواقمها في مناطق الحفريات الإسرائيلية.
وفي مؤتمر صحفي في القدس 5 مايو/أيار 2007، قال الشيخ “صلاح”، إن أعمال مؤسسة الأقصى على مستوى إعمار وإحياء المقدسات، وأولها المسجد الأقصى المبارك، كانت السبب الرئيسي الذي منع ضياع القدس والأقصى ومقدسات كثيرة.
كما أطلقت الحركة الإسلامية، ما يعرف بـ”برنامج مسيرة البيارق”، الذي يجلب، في حافلات مجانية، شهريا عشرات آلاف العرب من القرى والمدن العربية في إسرائيل إلى المسجد الأقصى لإعماره بالمصلين، عقب منع إسرائيل لغالبية فلسطيني الضفة وقطاع غزة من الوصول إليه.
والعام 2000، أطلق شرطي إسرائيلي الرصاص على رأس الشيخ “صلاح”، أثناء مشاركته في مسيرة تضامنية مع المسجد الأقصى، ما أدى لإصابته بجراح بين طفيفة ومتوسطة.
وكان 2000 هو العام الذي انطلقت فيه انتفاضة الأقصى في الضفة الغربية وقطاع غزة، بعد اقتحام رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق “إرئيل شارون” للمسجد.
ولجأت السلطات الإسرائيلية بعد اندلاع الانتفاضة، إلى التضييق عليه، فقرر وزير الداخلية الإسرائيلي يونيو/حزيران 2002 منعه من السفر.
كما اعتقل الشيخ “صلاح” مجددا في 13 مايو/أيار 2003 بعد اتهامه وعدد من قادة الحركة الإسلامية في إسرائيل، بـ”تبييض الأموال” لصالح حركة “حماس”.
وصدر قرار مطلع العام 2007 بمنعه من دخول المسجد الأقصى أو الاقتراب من أسوار البلدة القديمة على مسافة 150 مترًا، ومنعه من الاجتماع مع أكثر من 7 أشخاص في مكان عام في القدس، على خلفية نشاطه ضد هدم “طريق باب المغاربة المؤدي إلى المسجد الأقصى”.
وفي 22 أغسطس/آب 2007، اقتحمت الشرطة الإسرائيلية حفل عشاء خيري نظّم على سطح منزل “آل الحلواني”، في حي وادي الجوز بالقدس الشرقية، وكان الشيخ صلاح، من ضمن الحضور، وتم اعتقاله لفترة محدودة.
وأدين بعد تسع سنوات في القضية، التي عرفت باسم “خطبة وادي الجوز”، وصدر عليه حكم بالسجن في عام 2016 وقضى فيه 9 أشهر ليطلق سراحه بتاريخ 17 يناير/كانون الأول 2017.
ومُنع على إثر ذلك من دخول القدس، وما زال ممنوعا من دخول المدينة منذ ذلك الحين إلا في حال وجود جلسات لمحاكمته.
وفي 31 مايو/أيار 2010 شارك الشيخ “صلاح” في رحلة سفينة “مافي مرمرة” التركية، ضمن “أسطول الحرية”، الهادف لفك الحصار عن قطاع غزة، والذي تعرض لهجوم إسرائيلي في المياه الدولية، ما أدى إلى مقتل 10 متضامنين أتراك.
واعتقلت السلطات الإسرائيلية الشيخ “صلاح”، لمدة أسبوع، إثر اقتياد سفينة “مافي مرمرة”، قسرًا إلى ميناء أسدود في 1 يونيو/حزيران 2010.
وفي 13 يوليو/ تموز 2010، حكمت المحكمة المركزية الإسرائيلية في القدس بالسجن لمدة 5 أشهر على الشيخ صلاح بتهمة التحريض، في الأحداث التي أعقبت هدم تلة المغاربة حيث بدأت فترة السجن في 25 من ذات الشهر إلى أن أطلق سراحه في 12 ديسمبر/كانون الأول من ذات العام، لتدوم 5 أشهر.
وعادت السلطات الإسرائيلية لاعتقاله في 22 فبراير/شباط 2011، ومكث في السجن حتى 2 مارس/آذار من ذات العام بتهمة التواجد في القدس.
وفي 28 يونيو/حزيران 2011، اعتقلت السلطات البريطانية الشيخ “صلاح” في لندن، بناء على شكوى منظمات مؤيدة لإسرائيل، وأفرجت عنه في 18 يوليو/ تموز.
وفاز الشيخ “صلاح”، في 28 يناير/كانون الثاني 2013، بجائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام في السعودية.
والعام 2013، وجهت له النيابة الإسرائيلية، تهمة التحريض على العنف والكراهية، وأدانته محكمة الصلح الإسرائيلية بالتحريض على العنف، وأسقطت عنه تهمة التحريض على الكراهية، وحكمت عليه بالسجن 8 أشهر.
إلا أن النيابة استأنفت على القرار لدى المحكمة المركزية، وطلبت إدانته بالتحريض على الكراهية، ودعت إلى اعتقاله ما بين 18 و40 شهرا، بزعم التحريض – في خطبة ألقاها 16 فبراير/شباط 2007 – في وادي الجوز في القدس.
وآنذاك دمرت السلطات الإسرائيلية طريق المغاربة، فخطب الشيخ “صلاح” الجمعة في جمع من المصلين الذين تجمعوا بمنطقة وادي الجوز، بعد أن منعت السلطات الإسرائيلية الشبان من الصلاة في المسجد الأقصى.
ونسبت إليه النيابة العامة قوله في هذه الخطبة: “المؤسسة الإسرائيلية تريد بناء الهيكل من أجل استخدامه كبيت صلاة لله، كم هي وقحة وكم هي كاذبة”.
وأضاف: “لا يمكن أن يتم بناء بيت صلاة لله ودماؤنا ما زالت على ملابس، وأبواب، وطعام وشراب جنرالات إرهابيين”.