الدبور – نشرت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية تقريرا عن الكشف عن خلية التجسس السعودية في تويتر، واعتبرت الصحيفة الأمريكية أن القضية تؤكد محاولات ولي العهد السعودي “محمد بن سلمان” ومستشاريه لإسكات المعارضة سواء داخل المملكة وخارجها، مشيرة إلى جريمة قتل وتقطيع جثة الصحفي السعودي “جمال خاشقجي”، الذي عمل كاتبا في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية.
جاء ذلك في تقرير أعدته مجموعة من مراسلي الصحيفة الأمريكية، تضمن أن “علي الزبارة” كان مهندسا تدرج في عمله بشركة تويتر لدرجة منحته وظيفته منفذا على المعلومات الشخصية وحسابات ملايين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، فيما كان “أحمد أبو عمو” مديرا للتعاون في الشركة، وهو المنصب الذي مكنه من مشاهدة عناوين وأرقام الهواتف المتعلقة بحسابات المستخدمين.
ووجهت وزارة العدل الأمريكية، الأربعاء، اتهامات للرجلين باستخدام منصبيهما ومعرفتهما بالنظام الداخلي في تويتر لمساعدة السعودية في الحصول على معلومات عن مواطنين أمريكيين ومعارضين لقيادة المملكة، ما أثار الجدل بالولايات المتحدة حول تعرض شركات التكنولوجيا للمراقبة والتدقيق لنشرها المعلومات المضللة والتأثير على الرأي العام، وكشف أن هذه الشركات يمكن اختراقها من الداخل أيضا.
ونقلت نيويورك تايمز عن المتحدث باسم “تويتر”، الأربعاء، قوله: “نعترف بالمدى الذي يذهب إليه اللاعبون السيئون لتقويض خدمتنا، وتقوم شركتنا بتحديد المنافذ إلى الحسابات الحساسة والمعلومات الواردة فيها ولا تسمح إلا لمجموعة محددة وتم التأكد منها”.
وأكدت “تويتر” أنها ملتزمة بحماية مستخدمي موقعها للتدوينات القصير بهدف التعبير عن الحرية وحقوق الإنسان.
وبحسب المعلومات الواردة في الدعوى القضائية، فقد بدأت الاتصالات بين موظفي تويتر والمسؤولين السعوديين عام 2014، ولم يتصل المحققون مع “تويتر” إلا في نهاية عام 2015 عندما أخبروا إدارتها أن السعودية تجند موظفيها للحصول على معلومات حول مستخدمي الشركة.
وبناء على وثائق المحكمة فإن المسؤول الحكومي الذي جند موظفي “تويتر” كان هو الأمين العام لمنظمة خيرية يملكها عضو في العائلة المالكة، وينطبق وصفها على مؤسسة “مسك” التي أنشأها “بن سلمان”، ويديرها مدير مكتبه “بدر العساكر”.
وبدأ “الزبارة” العمل مع تويتر عام 2013 وتدرج في قسم الهندسة فيها وأصبح مطلعا على أرقام هواتف المستخدمين وعناوينهم البروتوكولية على الإنترنت، وطور علاقة قوية مع المخابرات السعودية، بحسب “واشنطن بوست”.
ونقلت الصحيفة الأمريكية عن مصادر عدة أن عملاء المخابرات السعودية أقنعوا “الزبارة” لاحقا بالتجسس على حسابات المستخدمين الذين كانوا يبحثون عن معلومات عنهم، بمن فيهم المعارضين والناشطين الناقدين لـ”بن سلمان”.
وتجسس “الزبارة” على 6000 حساب تويتر بطلب من المسؤولين السعوديين عام 2015، بينها حساب يعود للمعارض السعودي “عمر عبدالعزيز”، صديق “خاشقجي”، بحسب المصادر.
وعندما تم إخبار شركة “تويتر” عن الخرق الأمني تم منح “الزبارة” إجازة إدارية في الوقت الذي تم التحقيق فيه، ثم ترك الشركة في ديسمبر/كانون الأول 2015، وعاد إلى السعودية وبدأ بالعمل مع “مسك”.
وبحسب “واشنطن بوست” فإن “أحمد المطيري” عمل كوسيط بين “الزبارة” والمسؤولين السعوديين، واشتكى الأخير، في رسائل أرسلها لزوجته في 13 مايو/أيار 2015، من أن “المطيري” طلب منه السفر إلى واشنطن ومقابلة أحد أفراد العائلة المالكة.
سافر “الزبارة” في اليوم التالي، وقضى 12 ساعة بواشنطن، وظل على اتصال مع “المطيري”، كما ورد في الدعوى القضائية، وبعد أسبوع بدأ يكثف الدخول على حسابات مستخدمي التويتر، وبأعداد كبيرة.
أما “أبو عمو” فاستغل عمله كمدير للتعاون بتويتر عام 2014 لاستغلال بيانات المستخدمين بعد أسبوع من لقائه في لندن مع مسؤول سعودي لم يكشف عن اسمه في عريضة الإتهامات.
وكان حساب معارض سعودي ناقد للعائلة المالكة، ولديه مليون متابع على “تويتر”، أحد الأهداف المطلوبة من “أبو عمو” الذي تجسس على عنوان بريده الإلكتروني وعناوين وأرقام هواتف نقاد آخرين للنظام السعودي.
وأنشأ “أبو عمو” شركة محدودة لكي يتم تحويل 300 ألف دولار أمريكي إليها من الحكومة السعودية، واستقال من عمله في تويتر بمايو/أيار 2015، لكنه واصل مطالبه من الموظفين الذي عمل معهم في السابق بناء على طلب من المسؤولين السعوديين.
وبعد ذلك انتقل “أبو عمو” إلى سياتل للعمل في التسويق بشركة أمازون، لكنه تركها قبل أكثر من عام، حسب المتحدث باسم الشركة، وعندما بدأ عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية (FBI) بمقابلته عام 2018 كذب عليهم وقدم لهم وثائق مزيفة.
وكانت “نيويورك تايمز” كانت قد نشرت، في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، تقريرا عن ما فعله “آل زبارة” في “تويتر”، حتى لحظة إيقافه عن العمل، لكن مصادر سعودية متطابقة أكدت لـ”الخليج الجديد”، آنذاك، أن اختراق عملاء مخابرات المملكة ظل مستمرا بعد هذه الحادثة.
وكشفت المصادر أن موظفين بمكتب “تويتر” الإقليمي للشرق الأوسط يقفون وراء اعتقال العديد من مدراء الحسابات المعارضة بالمملكة خلال عامي 2017 و2018، أبرزها “كشكول”، و”سماحتي”، و”اعتقال”، و”غصات الحنين”، و”شهر زاد بريدة”.
وأشارت إلى أن السلطات السعودية من خلال المكتب الإقليمي لـ”تويتر” في إمارة دبي، وعبر الاطلاع على بيانات في خوادم الاستضافة (servers) الخاصة بـ”تويتر”، توصلت لهوية أصحاب حسابات معارضة؛ ما تسبب في مقتل أحدهم واعتقال آخرين.
تعليق واحد
خيانة الأمانة لا تعرف حدود إذا مات الضمير الإنساني