الدبور – تستقبل عائلات مئات معتقلي الرأي في سجون شيطان العرب في دولة الإمارات عيد الأضحى المبارك بالحزن والأسى على استمرار الاعتقال التعسفي لأبنائهم.
ويحل العيد لينكأ جراح عائلات معتقلي الرأي في الإمارات الذين لا يزالون منذ سنوات يترقبون أن يتمكنوا من استقبال المناسبة السعيدة مع أبنائهم من دون ظلم وتعسف بهم.
وهذا العام العاشر لمعظم معتقلي الرأي والتعبير في الإمارات وهم يستقبلون عيد الأضحى في سجون سيئة السمعة يمارس فيها الانتهاكات بشكلٍ دوري ودائم، في وقت تفشل المنظَّمات الدولية من العبور لمعرفة ما يحل بهم نتيجة رفض السلطات.
يستقبل أحرار الإمارات في سجون جهاز أمن الدولة العيد من خلف قضبان السجون وهم يقدمون أنصع صفحات التاريخ في الفداء والتضحية، لبناء مستقبل الإمارات وحماية الأجيال القادمة من الانتهاكات ومصادرة الحقوق.
من أبرز هؤلاء الناشط الحقوقي أحمد منصور والأكاديمي ناصر بن غيث والمحامي المعروف محمد الركن وغيرهم الكثير.
قبل أيام أعلن النظام الحاكم في دولة الإمارات الإفراج عن 669 سجينا على ذمم مالية من مختلف الجنسيات، بمناسبة حلول عيد الأضحى.
وأمر خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات بالإفراج عن 669 سجيناً ممن صدرت بحقهم أحكام في قضايا مختلفة، وتكفل بسداد الغرامات المالية التي ترتبت عليهم تنفيذاً لتلك الأحكام، بمناسبة حلول عيد الأضحى.
يأتي ذلك مع إلقاء الملف الحقوقي لمُعتقلي الرأي في الإمارات بظلاله على أوضاع حقوق الإنسان فيها واستمرار حجزهم رغم انتهاء مدة سجن الكثير منهم.
ويبدو النظام الإماراتي كريما مع السجناء على ذمم مالية، في وقت يواصل التعسف بمعتقلي الرأي ويمنع تواصل أسرهم معهم حتى عبر الحديث الهاتفي.
ويقبع عشرات من المعتقلين الإماراتيين في سجن محمد بن زايد في صحراء أبو ظبي بمنطقة تدعى “الرزين” الذي وصفته منظمات دولية بأنه “غوانتامو” الشرق الأوسط نظراً لما يتعرض له المساجين من انتهاكات جسمية تتعلق بالحرمان من الراحة وبممارسة التعذيب عليهم وعدم السماح لأسرهم بالتواصل معهم.
وإن كان السجن يحمل نفس اللقب “غوانتامو” فإن نزلائه لا يحملون نفس التُهم بل أنه يضم عشرات المثقفين الإماراتيين من علماء وأكاديميين وأساتذة جامعيين كان سبب احتجازهم ثم محاكمتهم ثم المماطلة في إطلاق سراحهم هو انتسابهم لمجموعة من 133 إماراتي من الرجال والنساء وقعت على عريضة 133، تم على أثرها اعتقال معظمهم وتم لتركيز في حملة الاعتقالات حينها على أعضاء سابقين في البرلمان ومسؤولين حكوميين سابقين ونشطاء حقوقيين وأعضاء في جمعيات المجتمع المدني وكُتاب صحفيين، كرد على العريضة من قبل السلطات الإماراتية.
كما كشفت تقارير ناشطين في منظمات حقوقية دولية عن تزايد أعداد المحتجزين في الإمارات وعن تردي أوضاعهم الصحية، وكشفت أن أحدهم وهو الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور يعاني من معاملة تصل إلى حد التعذيب بما في ذلك احتجازه في سجن انفرادي لفترة طويلة.
كما شككوا في قيام السلطات الإماراتية بتوفير الرعاية الطبية الملائمة لمنصور ولزملائه المعتقلين، مؤكدين أن ظُروف سجنهم لا ترقى إلى الحد الأدنى من معايير الأمم المتحدة.
وفي محاولة من السلطات الإماراتية لتحسين صورتها بعد حملات القمع لكل صوت معارض في الداخل، أطلقت سراح ثلاثة معتقلين سياسيين بعفو رئاسي بمناسبة عيد الأضحى، على الرغم من انتهاء مدة محكوميتهم في سجن الرزين سيئ الصيت منذ أكثر من عامين، وهم أسامة النجار وبدر البحري الحمادي وعثمان إبراهيم الشحي، فيما ذكر ناشطون أن الإفراج عن الثلاثة جاء مقابل شروط محددة.
وقال المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في الإمارات، وهو منظمة حقوقية غير حكومية، إن السلطات أفرجت عن المعتقلين الثلاثة الذين انتهت مدة محكوميتهم منذ سنتين، مقابل خروجهم إلى الإعلام وإدانة أنفسهم وإدانة “جمعية الإصلاح”، وهي حركة سياسية إسلامية غير عنيفة تطالب بالإصلاح السياسي في البلاد واعتقل أغلب أفرادها في عام 2012 ولا يزالون في السجن حتى الآن.
واعتُقل أسامة النجار، أحد الثلاثة المفرج عنهم، عام 2014 بعد استخدامه موقع “تويتر” في الدفاع عن والده حسين النجار، معلم مادة العلوم والناشط الحقوقي المعتقل على خلفية انتمائه لـ”جمعية الإصلاح” وانتقاده للمحاكمات الصورية التي عقدت في عام 2013، وانتهت بإدانة العشرات من النشطاء الإماراتيين وسحب جنسيات بعضهم.
وحكمت المحكمة الاتحادية العليا في الإمارات على أسامة النجار بالسجن مدة ثلاث سنوات بتهم شملت “الإضرار بالمؤسسات” و”التواصل مع منظمات أجنبية بمعلومات مضللة”، وذلك بعد انتزاع اعترافات منه تحت التعذيب وفق تقرير لمنظمة العفو الدولية.
وكان من المقرر إطلاق سراحه في مارس/آذار 2017 لكن السلطات استمرت في اعتقاله حتى الإفراج عنه قبل أيام، فيما اعتُقل عثمان عبدالله ابراهيم الشحي عام 2013 بتهمة مساندة معتقلي “جمعية الإصلاح” وتأسيس حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعم المعتقلين وتنشر قضيتهم بما يهدد أمن الدولة.
أما المعتقل الثالث فهو بدر البحري الذي ينحدر من إمارة دبي والذي اعتقل عام 2014 بتهمة تأييد معتقلي “جمعية الإصلاح”، وأوهمه رجال الشرطة بتعرض زوجته لحادث سيارة وطلبوا منه المجيء إلى مركز الشرطة حيث تعرّض للاعتقال هناك وفق ما يقول ناشطون إماراتيون.
وقال الناشط الإماراتي المعارض حمد الشامسي، إن السلطات أفرجت عن المعتقلين بعد انتهاء محكوميتهم بسنتين بسبب اشتراط السلطات على كل معتقل تسجيل مقطع فيديو يدين فيه نفسه وينشر في الإعلام وهو ما حدث أخيراً.
وكانت منظمة “هيومن رايتس ووتش” قد أصدرت بياناً في التاسع من يوليو/تموز الماضي قالت فيه إن “السلطات الإماراتية تحتجز سجناء بعد انتهاء محاكماتهم، وعددهم بلغ 5 أشخاص على الأقل”.
لكن النشطاء الحقوقيين الإماراتيين يقولون إن عدد المعتقلين الذين انتهت محكومياتهم ولم تفرج عنهم السلطات بلغ 9 أشخاص بالإضافة إلى الثلاثة الذين أفرجت عنهم السلطات أخيراً.
وتعود أسباب الإفراج عن المعتقلين تواً إلى رغبة السلطات الإماراتية في تحسين صورتها داخل وخارج الإمارات، بعد تعرّضها للتشويه نتيجة حملات القمع العنيفة التي قامت بها في الداخل، وهاجمت بموجبها حريات التعبير وتكوين الجمعيات منذ عام 2011 وفق تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” المختص بالإمارات عام 2011.
وبدأت جذور الحملة الأمنية الشرسة في الإمارات ضد النشطاء السياسيين والحقوقيين بعد موجة ثورات الربيع العربي، حينها وقّعت مجموعة من النشطاء عريضة تطالب رئيس الدولة بإعطاء الشعب حق انتخاب المجلس الوطني (البرلمان) ومنحه صلاحيات رقابية على أعمال الحكومة، وكان من بين الموقّعين أعضاء في “جمعية الإصلاح” ذات الانتماء الإسلامي.
وبدأت الحكومة حملة أمنية شرسة ضد الموقّعين على الوثيقة أدت في نهاية الأمر إلى اعتقال 94 شخصاً عرفت قضيتهم باسم قضية “الإمارات 94” كما قامت بسحب الجنسيات من 7 منهم وطرد بعض أفراد عائلاتهم إلى خارج البلاد، كما اعتقلت السلطات رئيس الجمعية الشيخ سلطان كايد القاسمي، ابن عم حاكم إمارة رأس الخيمة، وحكمت عليه بالسجن 10 سنوات.
وتعرض المعتقلون إلى عمليات تعذيب ممنهجة في سجون الإمارات سيئة الصيت وأبرزها سجن الوثبة الذي توفي بسبب الاحتجاز فيه عدد من الناشطين، من بينهم الناشطة علياء عبد النور بعد تعرضها للإهمال الصحي داخل السجن على الرغم من إصابتها بالسرطان. كما تعرض جزء آخر من المعتقلين للسجن في سجن الرزين الذي يوصف من قبل المنظمات الحقوقية الإماراتية بأنه “غوانتانمو الخليج”.
وتعمد السلطات الإماراتية بحسب تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان “لا توجد حرية هنا” إلى احتجاز النشطاء قبل موعد محاكماتهم في أماكن سرية، وتعذيبهم لإجبارهم على توقيع اعترافات بتشكيل تنظيمات إرهابية ومسلحة، ومن ثم تقديمهم لمحاكمات من دون محامين، إذ يتعرض المحامون الذين يتطوعون للدفاع عن المتهمين إلى عقوبة السجن، وبعد انتهاء المحاكمات الصورية يجري نقل المعتقلين إلى السجون الرسمية التي لا تقل سوءاً عن أماكن الاعتقال السرية.