الدبور – قد لا يعلم الكثير عن ما هو يوم النهضة الذي يعتبر عطلة رسمية ويحتفل به أهل سلطنة عمان كل عام، وينتقد البعض ويتسائل لماذا كل هذا الإحتفال؟ ولماذا كل هذا الحب و التقدير للسلطان قابوس؟
ومنهم من يشكك في حب العمانيين لسلطانهم، ولكن ما هو يوم النهضة فعلا؟ وماذا قدم السلطان في ٤٩ عاما من الحكم؟ الدبور لسع بعض الحقائق وينشرها لكم هنا:
في 23 يوليو من كل عام، تحتفل سلطنة عُمان بـ”مسيرة النهضة”، التي كانت فاتحة انطلاق مسيرتها التنموية على كل الأصعدة، لتصبح واحة رخاء واستقرار في منطقة تعج بالاضطربات والأزمات.
ويُجدد العُمانيون سنوياً (منذ 23 يوليو 1970) الولاء لصانع نهضة عمان السلطان قابوس بن سعيد، مسترجعين بهذا اليوم ما تم إنجازه خلال الأعوام الـ49 الماضية، في وقت أبدت فيه القيادة السياسية حنكة ومرونة كبيرتين في تعاملها مع أزمات المنطقة المتلاطمة، وتخطت جميع المخاطر الإقليمية والدولية والأزمات، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الدول الإقليمية والدولية.
ففي هذا التاريخ يعتبر العُمانيون أن فجر بلادهم أشرق على يد السلطان قابوس، وأذِن ببدء مرحلة من التطور والنماء في كل المجالات، وأخذ من خلالها بيد المواطن لبناء دولة عصرية قادرة على استعادة مجدها ودورها الحضاري في المنطقة والعالم، وتقوم على قاعدة المواطنة والمساواة وحكم القانون والأخذ بروح العصر.
تنمية محلية
وعلى المستوى المحلي، حرصت السلطنة على أن تكون لعُمان تجربتها الخاصة في تدعيم العمل الشوري والديمقراطي، ومشاركة المواطنين في صنع القرارات الوطنية، حيث حققت هذه الممارسة الكثير من النتائج طوال السنوات الماضية، ما عزز مسيرة التنمية وتطورها، وساهم في إقامة دولة المؤسسات والقانون، وعزز قيم الشراكة وتعدد الآراء في إطار الحرص على تحقيق المصلحة الوطنية.
وخلال السنوات الماضية، خطت السلطنة أهم خطوات مراحل التطور والعمل التنموي، وذلك من خلال إطلاق المبادرات والخطط الاستثمارية التي تساهم في تنمية البلاد في مختلف القطاعات؛ أهمها القطاع الاجتماعي والاقتصادي والسياحي والتنموي؛ لتكون بذلك نقطة التقاء تجمع بين الثقافة والعلم والتاريخ والتنمية؛ مستفيدة من الفرص والمقومات التي تزخر بها جميع محافظات السلطنة.
وأطلقت مسقط العديد من المشاريع التنموية التي ستنفذ بحلول 2020، لتشكل بذلك نقلة نوعية في توفير المزيد من الوظائف وبرامج التدريب والتأهيل، ورفع كفاءة وإنتاجية المواطن العُماني، إلى جانب التطوير العلمي والثقافي والمعرفي، وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ بهدف تنويع مصادر الدخل ومواكبة التطورات والنمو العالمي.
رفاه اقتصادي
واستغلت الحكومة في السنوات الماضية عائدات ثرواتها النفطية في تطوير الهياكل الإدارية والاجتماعية، وتسريع عملية إنشاء البنية الأساسية في البلاد، منها شبكات الطرق والموانئ والمطارات والمناطق الصناعية والحرة، التي تشكل قاعدة أساسية للانطلاق نحو مشاريع تنموية واعدة خلال خطتها الاستراتيجية، لتحقق بذلك طفرة نوعية في مجالات الصحة والتعليم والخدمات والتكنولوجيا والتنوع الاقتصادي.
فمنذ العام 1976 حتى العام 2019، أقدمت عُمان على تنفيذ خطط تنموية خمسية متتابعة، لتبدأ خطة التنمية الخمسية التاسعة (2016 – 2020)، التي تعتبر آخر حلقة من الرؤية المستقبلية لاقتصاد البلاد (عُمان 2020)، وتمهد للرؤية المستقبلية (عُمان 2040).
وتشمل الخطة التنموية الشاملة (عُمان 2020) خطوات بناء علاقات وثيقة متنامية ومتطورة مع دول وشعوب العالم كافة، فضلاً عن مد جسور الأخوة والصداقة، وفتح آفاق التعاون والعلاقات المشتركة، التي من شأنها دعم جميع الجهود الإقليمية والدولية الرامية لحلحلة الملفات والقضايا العالقة التي تشهدها المنطقة بالحوار، ونبذ التدخل في شؤون الدول الأخرى.
رغم تأثّر اقتصادات دول الشرق الأوسط، ومنطقة الخليج العربي خصوصاً، بسلسلة الأزمات المتصاعدة في المنطقة؛ بدءاً بالحرب ضد “الحوثيين” في اليمن وليس انتهاء بالأزمة الخليجية وحصار قطر، فإن اقتصاد عُمان، التي تمسّكت بسياسة “الحياد” تجاه تلك الأزمات، حافظ على استقراره وحقّق معدلات نمو جيدة خلال 2018.
وإضافة إلى الانعزال عن شبح الأزمات فإن السلطنة وضعت ونفّذت خطط تحفيز واستراتيجيات كان لها دور مباشر في الحراك المالي والاقتصادي الذي شهدته، منذ بداية العام الماضي؛ لكونها حفّزت عدداً من القطاعات الاقتصادية الرئيسية في البلاد؛ كالقطاع السياحي والمالي والصناعي، وأخيراً العقاري.
مستقبل باهر
ومن المتوقع أن يحقّق الاقتصاد العماني في 2019، صعوداً من 0.9% في سنة 2017، بحسب تقرير لصندوق النقد الدولي.
وارتفع النمو الاقتصادي العماني مدعوماً بارتفاع عائدات النفط، وبنمو الاقتصاد غير النفطي بنسبة تجاوزت الـ3.5%، بحسب أحدث بيانات صادرة عن بنك الكويت الوطني، ووحدة “بي إم أي” للأبحاث التابعة لوكالة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني.
وقال تقرير بنك الكويت الوطني، الذي صدر في 19 ديسمبر الماضي، إن مسار التطوير والتنويع الحكومي لاقتصاد سلطنة عمان سيستمرّ في دعم القطاعين النفطي وغير النفطي.
ورجّح التقرير أن يحصل الاقتصاد غير النفطي على المزيد من الدعم من قطاع السياحة، ولذلك فإنه من المحتمل أن يبلغ متوسّط معدل النمو الاقتصادي نحو 3.4% في 2019 و2020؛ بسبب الانتعاش في كلا القطاعين: النفطي (متوسط 3.3% على أساس سنوي)، وغير النفطي (3.5% على أساس سنوي).
ومن المهم الإشارة في هذا السياق إلى أن قطاع السياحة في عمان يمرّ بمرحلة من التحفيز الحكومي والتركيز الاستثماري ستستمر مدّة لا تقلّ عن 25 عاماً، تتضمّن إنفاق ما يزيد على 35 مليار دولار أمريكي.
وسترتفع حصة القطاع الخاص إلى ما يقارب 80% من الاستثمارات المخطّط لها، ويندرج ذلك ضمن أهداف السلطنة مضاعفة عدد الزوّار الدوليين الذين تجذبهم السلطنة، وصولاً إلى 5 ملايين زائر بحلول العام 2040.
كما تستهدف السلطنة الوصول إلى 20 ألف غرفة فندقية بحلول 2020؛ وذلك لتلبية الطلب المتنامي وارتفاع أعداد الزوّار.
وستعمل الإجراءات على ضمان مساهمة القطاع السياحي بنسبة 6% من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفير عشرات الآلاف من الوظائف للعُمانيين.
وفي تقرير صدر بنوفمبر الماضي، أشاد صندوق النقد الدولي بالإجراءات المالية التي وصفها بـ”الرصينة” التي اتّخذتها حكومة سلطنة عُمان، خلال العام الماضي 2018، للحد من عجز الموازنة العامة؛ والمتمثّلة في زيادة كفاءة النظام الضريبي، وضبط الإنفاق الجاري، وإجراء تخفيضات في الإنفاق الرأسمالي.
وأكد التقرير أن “السلطنة تبذل جهوداً كبيرة ومتواصلة لتشجيع زيادة الاستثمارات الأجنبية”.