الدبور – طالب كاتب أمريكي ومستشار بارز بمنظمة “هيومان رايتس فيرست”، الولايات المتحدة بأن تعيد النظر، وبشكل كامل، في علاقاتها مع الإمارات، بعد تسبب الأخيرة في فوضى عارمة بالشرق الأوسط، على حد تعبيره.
ولفت الكاتب “بريان ديلي”، في مقال نشره بصحيفة “واشنطن بوست”، إلى رسالة السيناتور الديمقراطي “روبرت ميننديز” إلى وزير الخارجية “مايك بومبيو”، التي ذكره فيها بواجباته لوقف صفقات السلاح إلى الإمارات إن ثبت أن الأسلحة الأمريكية التي عثر عليها مع قوات الجنرال “حفتر” مصدرها الإمارات.
واعتبر “ديلي” أن تحرك “ميننديز” يظهر الحاجة لقيام الولايات المتحدة إعادة النظر في علاقتها وبشكل كامل مع أبو ظبي.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية قد أعلنت في 2014 عن قصف الإمارات ليبيا سرا، وهو ما أثار امتعاض ودهشة المسؤولين الأمريكيين.
وقال الكاتب إن الإمارات تم اتهامها أيضا بتزويد جماعات مرتبطة بتنظيم “القاعدة” في اليمن بأسلحة أمريكية ودعم النخبة العسكرية الحاكمة في السودان والتي قامت بقمع المعتصمين بطريقة وحشية.
وأضاف أن “كل هذا يظهر أن أبو ظبي هي حليف لا يمكن الوثوق به”، مستغربا أنها لم تتعرض لنفس الهجوم الذي تتعرض له الرياض اليوم في واشنطن، مردفا: “يجب أن يتغير هذا”.
وأضح أنه، خلال الأشهر الأخيرة رفع المشرعون في الكونغرس أصواتهم ضد الحرب الكارثية التي تقودها السعودية في اليمن والقتل المدبر لصحفي “واشنطن بوست”، “جمال خاشقجي”.
وبحسب الكاتب، فإن الدور نفسه الذي لعبته الإمارات في اليمن وانتهاكاتها المتعددة لحقوق الإنسان مرت دونما شجب.
وأشار إلى أنه في بداية الشهر الحالي، تقدمت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ بعدد من القرارات للوقوف أمام قرار “دونالد ترامب” استخدام إعلان الطوارئ لتجاوز الكونغرس وبيع سلاح للإمارات والسعودية، وأطلق على القرارات “قانون الطوارئ الخاطيء للسعودية“، لكنه لم يذكر الإمارات، مع أن 13 صفقة سلاح من بين 22 صفقة هي للإمارات.
وتشمل الأسلحة مزيدا من الصواريخ المضادة للدبابات التي تم تحويلها إلى قوات “حفتر” في ليبيا، إلى جانب مروحيات أباتشي والبنادق الأتوماتيكية.
ويبدي “بريان ديلي” أسفا بعدما أظهر “ترامب”، الذي وصفه بأنه يحب بيع الأسلحة للأنظمة الديكتاتورية، استعدادا لاستخدام الفيتو ضد هذه القرارات، وفعل هذا رغم شن التحالف السعودي- الإماراتي غارات بالسلاح الأمريكي ضد المدنيين في اليمن، ووصول عربات مضادة للألغام لجماعة مرتبطة بالقاعدة هناك، وفعل هذا أيضا رغم قيام الإمارات العربية بإدارة سجون سرية وتعذيب المعتقلين اليمنيين فيها.
وتظهر التقارير أن الإمارات تحاول إخراج نفسها من اليمن وسحب القوات من هناك، لأنهم باتوا يعرفون أن الكارثة الإنسانية التي فعلوها هناك تعد أخبارا سيئة لهم.
ويجب أن يتم التركيز على سجل الإمارات الصارخ في انتهاك حقوق الإنسان في الداخل والخارج.
الداخل الإماراتي
وكما هو الحال في السعودية، فالسجون الإماراتية مزدحمة بالناشطين السلميين ودعاة حقوق الإنسان ممن أدينوا في محاكمات هزلية، على حد قول “ديلي”.
وأضاف: عادة ما يتعاون البلدان في القمع، ففي العام الماضي قامت الإمارات بخطف الناشطة المدافعة عن المرأة في السعودية “لجين الهذلول” أثناء قيادتها سيارتها في أبوظبي ورحلتها إلى السعودية، حيث عذبت وهددت بالإغتصاب والقتل، ولا تزال في السجن.
وتابع أن ما حدث للناشط “أحمد منصور” هو مثال لما يواجهه الإماراتيون الذي يتجرؤون على نقد حكومتهم وإن بطريقة سلمية، حيث حكم على “منصور”، المتخرج في جامعة كولورادو والحائز على جائزة “مارتن إينالز” للمدافعين عن حقوق الإنسان الرفيعة بالسجن، لمجرد تدوينة وضعها على صفحته في “فيسبوك” و”تويتر”.
وقد تبنى قضيته مفوض حقوق الإنسان بالكونغرس “توم لانتوس”، الذي قال: “عندما قضيت وقتا مع منصور وعدد من الناشطين الإماراتيين قبل عام، اكتشفت خوفهم وأن دولة المخابرات هي التي تدير البلاد، وهي ليست عرضة للمحاسبة وفي كل مكان وتخيف الجميع، وتم إسكات ما تبقى من المجتمع المدني او سجنه ودفعه للمنفى”.
وحكم على “منصور” والناشط “ناصر بن غيث”، المتخرج في جامعة أوهايو بالسجن 10 أعوام.
وقال الكاتب إنه يجب ألا تقلق الولايات المتحدة من الغزل الإماراتي مع روسيا، حيث وقع الحاكم الفعلي للإمارات “محمد بن زايد” إعلان شراكة استراتيجي مع الرئيس الروسي” فلاديمير بوتين”، والذي يعد الأول من نوعه في الخليج.
وقبل ذلك بعام، وقعت الإمارات اتفاقية لشراء الصواريخ الروسية المضادة للمصفحات ومقاتلات سوخوي.
ولفت “ديلي” إلى أن “بن زايد” كان وراء حصار قطر، والذي وضع الولايات المتحدة في موقف محرج للتوسط بين الحلفاء.
وفي الوقت الذي تبطئ فيه إدارة “ترامب” بإعادة تقييم علاقتها مع ديكتاتورية الإمارات، إلا أن المؤسسات الأمريكية سارعت لهذا ودفعت للتغيير.
وقال إن وجود جامعة نيويورك في الإمارات، في ظل هذه الأوضاع، أصبح محلا للنقد المتزايد، خاصة بعد اعتقال وتعذيب طالب الدراسات العليا البريطاني “ماثيو هيدجز” هناك.
ويضيف أن “تسليح الولايات المتحدة للإمارات، وهي تدعم الانتهاكات المروعة في ليبيا والسودان واليمن وفي الداخل، يجب أن يكون مثيرا للإحراج، وفي الحقيقة يجب ألا يكون مقبولا”.
ويختم الكاتب مقاله قائلا: “إن محاولات وقف دعم الولايات المتحدة غير المشروط للسعودية متأخر، ولكن على الكونغرس ألا يغض الطرف عن شريكتها بالجريمة”.