الدبور -في ذكرى ميلاده، تتّجه الأنظار إلى أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، وهو الذي يجتهد منذ أشهر طويلة لحل الأزمة التي هزّت الخليج العربي والمحيط الإقليمي، فضلاً عن سياسته الهادئة والحكيمة في حكم الكويت منذ يناير 2006.
ولأمير دولة الكويت (90 عاماً) جهود سابقة في حل الأزمات التي سبق أن عصفت بمنطقة الخليج؛ استحق بفضلها أن يلقب بـ “عميد الدبلوماسية العالمية وحكيم العرب”، ففي 2014 أدّى دور الوسيط في حل الخلافات بين الدول الخليجية، ونجح في إنهاء أزمة سحب كل من السعودية والإمارات والبحرين لسفرائهم من الدوحة في ذلك الحين.
ومنذ إعلان القطيعة مع قطر أجرى الأمير الكويتي سلسلة لقاءات واتصالات مكّوكية، بدأها بلقاء مع مستشار العاهل السعودي، الأمير خالد الفيصل، تلاه اتصال هاتفي بنظيره القطري، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني من أجل رأب الصدع الخليجي.
ولد الشيخ الصباح في 16 يونيو عام 1929 كرابع أبناء أمير الكويت أحمد الجابر الصباح الذي حكم الكويت بين أعوام 1921 – 1950، وهو أمير الكويت الخامس عشر والخامس بين الأمراء منذ استقلال الكويت عن المملكة المتحدة في فبراير 1961.
حرص والد أمير الكويت على تنشئته نشأة سياسية مُحنكة، خاصة بعد اكتشاف البترول، فأرسله إلى بعض الدول الأوروبية لاكتساب الخبرات والمهارات السياسية والإدارية المختلفة، كما تقلد في شبابه عدة مناصب مهمة؛ فكان أول وزير إعلام، وثاني وزير خارجية في تاريخ البلاد، وذلك في ستينيات القرن الماضي وظل فيه نحو 40 عاماً.
وخلال توليه وزارة الخارجية تعرضت الكويت للغزو العراقي عام 1990، فنظم حملة ضخمة وكبيرة لكسب تأييد دول العالم وحشد الدعم للكويت، ونجح في كسب دعم العالم حتى تمكنت البلاد من استرداد سيادتها كاملة على أراضيها وطرد الغزو العراقي.
ونهضت الكويت في عهد الشيخ الصباح نهضة كبيرة، وهو ما انعكس على الاقتصاد الذي أصبح أحد أقوى اقتصاديات العالم، بحسب وسائل إعلام محلية، وحافظت عملة الدولة على قوتها وظلت من بين الأقوى عالمياً.
ومن أبرز إنجازاته حصول المرأة على المزيد من الحقوق والحريات في المجال التعليمي والسياسي وفي مجالات العمل المختلفة، واتسمت سياساته الخارجية طيلة حكمه بالهدوء والاستقرار والحياد، فلم تشهد الكويت في عهده أي أزمة مع أي دولة سواء كانت عربية أو أجنبية.
ولطالما كانت الدبلوماسية الكويتية تصبّ في اتجاه عربي وخليجي واحد؛ التركيز على المصالحات، وإزالة التوتر، والاتحاد في مواجهة المخاطر والتحديات، وبرز ذلك بشكل رئيس في الأزمتين السورية واليمنية، والقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى الأزمة الخليجة الآنفة الذكر.
وسبق أن قاد “عميد الدبلوماسية العالمية” الشيخ صباح الأحمد الصباح دبلوماسية بلاده إلى أداء دور في تأسيس المجلس الوزاري المشترك لدول الخليج العربية، والمجلس الخليجي – الأوروبي، الذي يهدف إلى توثيق الروابط الاقتصادية المشتركة بين الطرفين، ومن خلاله أبرمت العديد من الاتفاقيات الاقتصادية.
وخلال الغزو العراقي للكويت، في عام 1990، استطاع الشيخ صباح الأحمد أن يحصل لدولة الكويت على القرار الدولي رقم 678 من مجلس الأمن، في نوفمبر من ذلك العام، والذي طالب بالانسحاب العراقي غير المشروط والفوري من الكويت.
ويضاف إلى ذلك وقوفه في مختلف المحافل السياسية متصدّياً للهجمة الشرسة على العروبة والإسلام ومحاولة وصمهما بالإرهاب، وشدد في أكثر من مناسبة دولية على أن “الإسلام هو دين السماحة والتسامح، وأن كل ما يثار من تلك الآراء والاتجاهات هي حملات مغرضة لتشويهه”.
وكان للكويت جهود كبيرة في الجانب الإنساني على مستوى العالم؛ ومنها استضافتها للمؤتمرين الأول والثاني للمانحين لدعم الشعب السوري، ما حدا بالأمم المتحدة إلى إعلان الكويت “مركزاً إنسانياً عالمياً”، وأميرها “قائداً للإنسانية”، اعترافاً بالدور الإيجابي الإنساني الرائد لدولة الكويت.