الدبور – الإمارات عبارة عن تاريخ قصير ولكنه مليء بالإنقلابات الدموية، بدأ بالدم و انتهى بصعود شيطان العرب ليكمل مسيرة الدم و الدمار لهذه الأمة التي أهلكها الخونة و الشيطانين بأسماء مختلفة.
الدبور لسع هذا التقرير الخاص عن دولة المؤامرات العربية و الذي نشره موقع الخليج ونعيد نشره كما هو لأنه يستحق القراءة:
لعل درجات الحرارة في دولة الإمارات العربية المتحدة لا تقل سخونة عن ترتيب الأوضاع السياسية الذي رافق إماراتها منذ أن تشكلت سكانياً ومجتمعياً، ومن ثم سياسياً حين تأسست كدولة رسمياً عام 1971.
تَعاقَب على حُكم الإمارات المتوزعة على ساحل الخليج العربي عائلة واحدة هي آل نهيان، حاكمة إمارة أبوظبي منذ عام 1761، ولكن هذا الحُكم لم يكن مكلَّلاً بالورود، بل تخللته الانقلابات العسكرية الدموية والبيضاء منذ بدايته وحتى اليوم.
حُكمٌ بدايته دم
في عام 1761 تقلَّد حُكم أبوظبي ذياب بن عيسى بن نهيان، الذي يعد ابن مؤسِّس الإمارة، لكنه اغتيل في ظروف غامضة بحسب عدة روايات تاريخية، تبعه في الحكم نجله شخبوط الذي أدار الإمارة ما بين 1793-1816، ثم نقل الحكم إلى ابنه محمد الذي حكم عامين اثنين فقط، ليعلَن لاحقاً عن وفاته فجأة دون معرفة السبب.
في عام 1818، جاء إلى الحكم طحنون بن ذياب، وبقي حتى عام 1833، ولكنه لم يَسلَم أيضاً؛ إذ تعرَّض لاغتيال غامض، فخلفه شقيقه خليفة حتى عام 1845 والذي اغتيل أيضاً بطريقة غير معروفة التفاصيل تماماً.
عاد الحكم إلى عائلة طحنون وتقلَّده ابنه سعيد عشر سنوات، إلا أنه عُزل بما قيل إنها “إرادة شعبية” عام 1855، ليتسلم الحكم ابن عمه زايد بن خليفة، إذ وطَّد حكمه لأكثر من 54 عاماً، ووافته المنية عام 1909.
تبعه في الحكم نجله طحنون بن زايد مدة سنتين ثم توفي بشكل طبيعي، ليتقلد الإمارة شقيقه حمدان بن زايد حتى عام 1922، لكنه اغتيل على يد أخيه سلطان بن زايد في انقلاب دموي نال خلاله السُّلطة وبقي في الحكم حتى عام 1926، لينتهي مقتولاً أيضاً على يد أخيه صقر بن زايد، الذي بقي في الحكم 3 سنوات ثم اغتيل كذلك على يد ابن أخيه شخبوط بن سلطان، الذي استمر في حكم أبوظبي حتى عام 1966.
زايد بترويج ودعم بريطاني
في عام 1966 كانت تلك المناطق ترزح تحت حكم الاحتلال البريطاني، ولكن للأمراء سلطة قانونية على مناطقهم بحُكم الاعتراف الشعبي فيها. طلبت بريطانيا من شخبوط بن سلطان امتيازات نفطية واسعة بعد اكتشاف النفط بكميات تجارية من خلال الشركات الإنجليزية التي كانت تنقِّب على مدار سنوات، إلا أن شخبوط رفض ذلك، لاعتقاده أن محاولات التطوير هذه لن تخدم بدو الإمارة وستجعلها مطمعاً لقوى أخرى كثيرة، وهو ما يخرج البلد عن السيطرة.
بحثت بريطانيا عن حليف آخر، في صفوف آل نهيان، يساعدها على التخلص من حاكم أبوظبي شخبوط، فكان الحليف هو الأخ الشقيق زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان يطمع في الحكم لنفسه ويَدين بالولاء للبريطانيين، بحسب موقع “واي باك مشين”.
وفي السادس من أغسطس عام 1966، حطَّت طائرة تابعة للسلاح الجوي البريطاني بمطار أبوظبي، وأُعلنت حالة الطوارئ بين القوات الإنجليزية المرابطة هناك، ثم قررت عزل شخبوط وتنصيب زايد بدلاً منه، وتم نقل شخبوط إلى المطار وتسفيره إلى البحرين، ثم إلى بيروت فلندن، حيث وُضع تحت الإقامة والمراقبة في قصر كان يمتلكه هناك، بحسب المصدر ذاته.
وأصدرت الخارجية البريطانية بياناً، زعمت فيه أن التغيير الذي حصل في أبوظبي مسألة داخلية، وأن بريطانيا مسؤولة عن الشؤون الخارجية فقط (إلى جانب الدفاع).
بعد توطيد أركان الحكم لزايد بن سلطان، سُمح لشخبوط بالعودة ليقضي بقية حياته تحت الإقامة الجبرية في مدينة العين (تُوفي سنة 1989).
وعن الترويج البريطاني لزايد، نشر موقع وزارة الرئاسة الإماراتي أن ولفرد ثيسيجر، الرحالة البريطاني الشهير الذي قطع صحراء الربع الخالي ووثَّق رحلته الشهيرة تلك في كتابه “الرمال العربية”، سجَّل بعض “الانطباعات” في كتابه عن لقائه مع الشيخ زايداً، فقال في محاولة لترويج اسمه وسمعته: “إن زايداً رجل قويُّ البنية، لحيته بُنِّية اللون، ووجهه ينمُّ عن ذكاء حادٍّ، وعيناه ثاقبتان قويتا الملاحظة، وهو يتميز بسلوك هادئ وشخصية قوية”.
ووصف الرحالة أسلوب زايد في إدارة دفة الحكم، فقال: “زايد ربُّ أسرة كبيرة، يجلس دائماً للإنصات إلى مشاكل الناس ويحلُّها؛ فيَخرج المتخاصمون من عنده بهدوء، وكلهم رضِي عن أحكامه التي تتميز بالذكاء والحكمة والعدل”.
وزار الباحث البريطاني كلارنس مان المنطقة الشرقية، وألَّف كتاباً عن إمارة أبوظبي بعنوان “أبوظبي: ولادة مشيخة نفطية”، تنبَّأ فيه عام 1964 بأن يكون الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان هو الحاكم القادم للإمارة؛ إذ قال: “إن الشيخ زايد بن سلطان هو الرجل القوي في منطقة العين وضواحيها، ومن هنا امتد نفوذه إلى بقاع الظفرة”.
استمر زايد منذ ذلك الوقت في حكم أبوظبي، ومن ثم دولة الإمارات المتحدة، ليكون أول رئيس لها حتى عام 2004، حيث تُوفي وقد أسس لحكم عائلي أشد حزماً ومتانة.
الانقلاب الأبيض الهادئ
لعل الدولة التي أسسها زايد آل نهيان كانت عصيَّة على انقلابات الإمارات الأخرى ضد العاصمة أبوظبي المسيطرة على معظم الإنتاج النفطي، لكنها لم تمنع السيطرة على الحكم لطرف دون آخر ضمن البيت الواحد.
استطاعت الزوجة الثانية القوية لزايد، فاطمة بنت مبارك الكتبي، أن تزرع حُبَّ السُّلطة في نجلها محمد بن زايد، فمنذ وفاة أبيه وتولي الأخ غير الشقيق له خليفة بن زايد رئاسة الدولة وحُكم أبوظبي، بدأت تطلعاته إلى سدة الحكم.
فقد أُجبر خليفة على أن يكون ولي عهده هو محمد بن زايد، وإن كان قراراً مخالفاً لأعراف ولاية العهد في دولة الإمارات.
وأجَّلت الشيخة فاطمة وولدها محمد حينها إعلان وفاة زايد الأب عدة أيام، وذلك إلى حين ترتيب الأوضاع لأبنائها فقط، وإبعاد وتهميش كل أبناء زايد من زوجاته الأخريات، وضمنهم الشيخ خليفة، الذي ظهر حاكماً بلا صلاحيات.
كما قالت المعارضة الإماراتية إن الأخ غير الشقيق لمحمد “أحمد بن زايد” لم تسقط طائرته في المغرب عام 2008 وحدها، بل تعرضت لإسقاط مفتعل أدى إلى وفاته، ملمِّحة إلى تورُّط أخيه محمد في اغتياله، ليستفرد بحكم البلد.
وقد سيطر محمد بن زايد على أغلب مفاصل الدولة وضمنها منصب نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة ورئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، فهو صاحب الحضور الدائم والتأثير في كل القرارات والمغامرات التي تخوضها، لا سيما المتعلقة بسياسات البلاد الخارجية، التي غالباً ما تأتي مقرونة باسمه.
ولم يكتفِ بتحييد أغلب إخوته ومن هم في دائرتهم، بل قرَّب الإخوة الأشقاء الموالين تماماً له، بالإضافة إلى تمكين أبنائه في الجهاز (المجلس التنفيذي) الذي يُحكم به قبضته على أبوظبي، لمنع حدوث أي انقلاب أو محاولة انقلاب في بلد أمني يحكمه العسكر بلباس أهل الإمارات الأبيض.
من جانب آخر، وكدليل على سيطرة ولي عهد أبوظبي، ظهر رئيس الإمارات خليفة بن زايد، أول مرة، بعد أسبوع من الإعلان عن مرضه عام 2014، كاشفاً قدرته على الحركة والكلام، ثم ظهر في يونيو 2017 وهو يتقبَّل التهانئ بعيد الفطر من الحكام، ونواب الحكام، وولاة العهود، إلا أنه ظهر بشكل يختلف عمَّا يعرفه عنه الإماراتيون؛ بل جاء في ظل كثرة التشكيك في أنه ما زال على قيد الحياة أو أنه تحت الإقامة الجبرية، أو أنَّ مرضه مُفتعل أيضاً.
وفي 29 يناير 2018، ظهر الشيخ خليفة بن زايد وهو يتقبَّل التعازي بوفاة والدته، في أول ظهور علنيٍّ له (آنذاك) منذ 7 أشهر، والثاني له منذ أربعة أعوام.
ونشرت وكالة الأنباء الإماراتية “وام”، (9 مايو 2019)، لقطات من آخر لقاء لخليفة بن زايد، خلال تلقِّيه التهنئة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، وتزامناً مع انتقادات تواجهها البلاد، بسبب تدخلاتها السلبية في شؤون دول عربية عدة، وكان ذلك أحدث ظهور له، وظهر أيضاً بمنظر “الميت الحي”.