الدبور – مشروع مدينة الحرير الذي عرضه الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح، لتنويع إقتصاد البلاد وتقليص اعتماده على النفط، إضافة إلى اجتذاب استثمار أجنبي وتقوية الروابط التجارية مع العراق وإيران والصين، سيقوي إقتصاد الدولة، التي تعتمد على النفط فقط في مدخولها، حيث يشكل ما نسلته ٩٠٪ من مصادر الدخل فيها.
ولكن هذا المشروع ليس من السهل أن ينفذ في دولة تحكمها الديمقراطية ومجلس أمه منتخب من الشعب، على عكس بقية الدول العربيةـ حيث الآمر و الناهي في البلاد هو رأس الحكم فقط.
هذا المشروع يواجه معارضة قوية داخل المشرعين في الكويت، بل ووصفته صفاء الهاشم إنه مشروع دولة داخل الدولة، وهذا أمر خطير، حيث انتقدوا مسودة قانون بدا أنها تضع المنطقة المقترحة خارج الرقابة البرلمانية، وأثار مخاوف من السماح بالخمور في بلد مسلم.
وقالت النائبة صفاء الهاشم للصحفيين، بعدما شاركت في اجتماع عقده الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح مع أعضاء لجنة برلمانية، إن مسودة القانون ”عبارة عن انشاء دولة داخل الدولة، أخطر قانون شفته في حياتي“.
وتهدف خطة الشيخ ناصر التي تتضمن بناء منطقة اقتصادية حرة وميناء في المياه العميقة، على مراحل تمتد لما يزيد عن 25 عاما، إلى منع المزيد من التراجع للكويت عن جيرانها الذين فتحوا أبوابهم أمام الاستثمار الأجنبي، ويتنافسون على أن يصبحوا مراكز لأنشطة الأعمال في المنطقة.
ويشمل المشروع خمس جزر ومنطقة في شمال الكويت ويربطهما بالعاصمة جسر الشيخ جابر الأحمد، أحد أطول الجسور البحرية في العالم والذي بلغت تكلفته حوالي 904 ملايين دينار (ثلاثة مليارات دولار) وافتتح اليوم الأربعاء.
وبالإضافة إلى المنطقة الحرة والميناء، يتضمن المشروع مطارا واستادا أوليميبا وبرجا أطول من برج خليفة في دبي، وهو حاليا أطول مبنى في العالم، ومساكن تستوعب ما يصل إلى 700 ألف شخص.
ويهدف المشروع إلى خلق 200 ألف وظيفة على الأقل، بحسب تعليقات للشيخ ناصر نقلتها وسائل إعلام محلية العام الماضي، وهو أمر مهم في بلد يزيد فيه الشباب دون 25 عاما عن نصف سكانه، ويعاني من عمالة زائدة في القطاع العام الذي لن يمكنه استيعاب وافدين جدد إلى سوق العمل.
وتريد الحكومة أيضا تعزيز دفاعات الكويت في مواجهة التقلبات في أسواق السلع الأولية، إضافة إلى دعم أمنها الإقليمي من خلال شراكة مع الصين لبناء المنطقة.
وحينما عُرض المشروع في وسائل الإعلام الحكومية في يوليو/ تموز 2018، كانت تكلفته تقدر بنحو 86 مليار دولار، لكن مسؤولين لم يذكروا تفاصيل هذا الرقم.
وحينما سُئل عن التمويل في مارس/ آذار، قال خالد المهدي الأمين العام للمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية في الكويت للصحفيين، إن النموذج المالي لا يزال قيد البحث، لكن الجزء الأكبر سيأتي من القطاع الخاص.
ومما يضيف إلى التساؤلات التي تحوم حول الخطة، قيام الشيخ ناصر الأسبوع الماضي بحل مجلس أمناء مدينة الحرير المسؤول عن إدارة المشروع، في مرسوم نشرته الجريدة الرسمية للكويت يوم الأحد، دون إبداء أسباب، ولم يتم تسمية مجلس جديد.
تراهن خطة الشيخ ناصر على تعافي العراق من سنوات من الحرب، وعلى خروج إيران في نهاية المطاف من تحت طائلة العقوبات الأمريكية، في نظرة طويلة الأجل جذبت اهتمام الصين في إطار مبادرتها ”الحزام والطريق“ لإعادة بناء طريق الحرير القديم ليربط الصين بآسيا وأوروبا وما وراء ذلك.
وقال مصدر كويتي مطلع على الخطة إن الصين قد تدير الميناء مقابل رسوم، وتشارك في إدارة المنطقة الاقتصادية.
وذكرت وسائل إعلام حكومية كويتية هذا الأسبوع أن مبعوثا كويتيا وقع، بالإنابة عن الشيخ ناصر، على مذكرة تفاهم مع بنك التنمية الصيني تتعلق ”بالتطوير والبناء والتعاون الاستشاري“ على هامش قمة الحزام والطريق في بكين.
ودعت مسودة قانون، نشرتها صحيفة ”القبس“الكويتية، إلى أن تكون المنطقة مستقلة من النواحي الإدارية والقانونية والتمويلية في نموذج مماثل لمركز دبي المالي العالمي، الذي يتيح إعفاءات ضريبية ولديه نظامه القضائي الخاص.
ويخشى أعضاء البرلمان من أن ذلك سيضع المنطقة خارج نطاق رقابتهم. وغالبا ما يستجوب المشرعون الوزراء، وهو ما يؤدي إلى تعديلات وزارية أو حل البرلمان لتفادي اقتراع بعدم الثقة، خاصة أن أعضاء من الأسرة الحاكمة يشغلون مناصب وزارية.
ويخشى بعض أعضاء البرلمان من بناء مدن جديدة على غرار دبي، مركز أنشطة الأعمال والسياحة في الخليج، وتجاوز دستور ينص على أن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
وقال النائب الإسلامي محمد الدلال: ”الكويت، طبيعتها وهويتها عربية إسلامية ويغلب عليها الطابع المحافظ. وهناك نصوص دستورية، سواء كانت المادة الثانية من الدستور التي تتعلق بالشريعة الإسلامية أو النص المتعلق باحترام ومراعاة الآداب العامة، وبالتالي لا يمكن أن يكون هناك انفتاح غير مسؤول، انفتاح يخالف هذه النصوص الدستورية“.