الدبور- قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير مطول لها، أن أموال بن سلمان ولي عهد السعودية إشترى بها ضمائر العالم، وأسكت خجلهم وإحراجهم من قضية إغتيال الكاتب السعودي جمال خاشقجي وتقطيعه بطريقة بشعة في مقر قنصلية بلاده.
وأضافت الصحيفة أن “عملاق دور السينما AMC يواصل المضي قدما في خطط التوسع الطموحة لبناء العشرات من دور السينما هناك، لقد كان الأسبوع الماضي واضحا في خطط الاستثمار داخل السعودية، إذ احتشد مئات المستثمرين الدوليين لتقديم طلبات بقيمة 100 مليار دولار لأول عملية بيع دولية للسندات المرتبطة بشركة النفط أرامكو”.
وتابعت: “شركة غوغل لديها مركز بيانات عملاق أيضا في السعودية والعشرات من الشركات الأخرى تواصل خططها الاستثمارية في الأسواق السعودية، والعديد من هذه الشركات تعتقد أنها تساعد على الانفتاح في المجتمع المحافظ بشدة”.
وواصلت: “العملية بسيطة، هناك أموال جدية يمكن كسبها من العمل مع المملكة التي تعيش في ظل أكثر الشركات ربحية في العالم، أرامكو، فقد كشفت الشركة قبل بضعة أسابيع أنها حققت أرباحا صافية بلغت 111.1 مليار دولار العام الماضي، كان ذلك أكثر من كل من أرباح آبل وشركة شل وإكسون موبيل”.
ويقول روبنسون ويست المدير الإداري لمركز “بي سي جي” لتأثير الطاقة، وهي وحدة استشارية مقرها واشنطن، عن سبب توافد المستثمرين والبنوك إلى بيع السندات: “لا توجد أمور شخصية إنها تجارة”.
وتؤكد الصحيفة بالقول بالنسبة للشركات في جميع أنحاء العالم، كان مقتل خاشقجي قضية مثيرة للجدل يجب تجنبها.
تضيف الصحيفة: “أنه بالرغم من انسحاب بعض قادة الأعمال من مؤتمر رفيع المستوى ترعاه الحكومة في الرياض، لكن معظم المستثمرين ظلوا هادئين إلى حد كبير بشأن علاقات شركاتهم بالمملكة، فالشركات العالمية وحاكم السعودية وولي العهد الأمير محمد بن سلمان يدركان الحاجة لبعضهما البعض”.
حملة ابن سلمان الترويجية
لقد أطلق ولي العهد حملة ترويجية كبرى في عام 2016 لجذب المستثمرين، لكن النتائج كانت ضئيلة في البداية وخصوصا في 2017، لكن المملكة العربية السعودية واعدة، إذ شهد ارتفاع أسعار النفط بمقدار الثلث هذا العام إلى نحو 71 دولارا للبرميل لخام برنت، كان ذلك ثريا للغاية بالنسبة للعديد من الشركات الكبرى حيث تعد Google وJPMorgan Chase وعملاق التكنولوجيا الياباني SoftBank من بين الشركات التي أبقت على المملكة العربية السعودية شريكا استراتيجيا.
ويقول آدم آرون، الرئيس التنفيذي لشركة AMC للسينما في مقابلة: “لقد فكرنا طويلا وخلصنا إلى أن أفضل مسار للعمل هو المضي قدما”، وقال هذا الشهر: “إنه الشيء الصحيح الذي يجب القيام به لشعب المملكة العربية السعودية لقد حرموا من الذهاب إلى السينما منذ عقود”.
تقول الصحيفة: “لقد ألغى جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورجان حضوره في مؤتمر الرياض الاقتصادي في أكتوبر، لكنه حضر لعرض سندات أرامكو السعودية على المستثمرين في نيويورك قبل أسبوعين”.
وأردفت: “لا تزال شركة الاستثمار Blackstone تخطط لإنفاق أموال من صندوقها للبنية التحتية بقيمة 40 مليار دولار منها 20 مليار دولار من الخزينة السعودية، وفقا لشخص اطلع على الأمر لم يسمح له بالتحدث علنا عن خطط الشركة الاستثمارية”.
وبينت: “بالنسبة لسوفت بنك الذي يبلغ حجم صندوق الاستثمارات فيه نحو 100 مليار دولار؛ حيث تعتبر الحكومة السعودية كأكبر داعم لها، لم يواجه صعوبة كبيرة في صياغة الصفقات باستخدام النقد السعودي، لقد شارك في 20 استثمارا منذ قضية “خاشقجي” وفقا للبيانات الصادرة عن S&P Global Market Intelligence”.
“خطوة ولي العهد الذكية”
وحول عرض سندات أرامكو، تقول الصحيفة نقلا عن العديد من المحللين: “لقد كانت خطوة ذكية من ولي العهد“، لقد جمعت أرامكو 12 مليار دولار من أول عرض للسندات في السوق الدولية، أكثر من ذلك وضع المستثمرون عشرات المليارات من الدولارات في هذه السندات، على الرغم من أن العملية كانت في نفس اليوم الذي منعت فيه وزارة الخارجية الأمريكية 16 سعوديا من دخول الولايات المتحدة لدورهم في قضية السيد “خاشقجي”.
ويقول أيهم كامل رئيس قسم الشرق الأوسط في مجموعة أوراسيا للمخاطر السياسية، عن صفقة السندات: “سيحتفل الجميع في السعودية بأنهم قد نجحوا بالفعل في تحقيق هذا النجاح وجعلوها قصة نجاح”.
وتواصل الصحيفة في كشف قوة الخيارات السعودية بالقول: “لقد كانت العديد من الشركات الغربية صامتة بشأن استمرار استثماراتها في المملكة العربية السعودية لأسابيع بعد قضية “خاشقجي”، لكن في شهر نوفمبر، كرر ماسايوشي سون، الرئيس التنفيذي لشركة SoftBank بشكل علني ما استخدمه العديد من عمالقة الشركات بهدوء كمبرر للعمل مع المملكة”.
وقال “سون” للمحللين والمستثمرين في عرض للأرباح في طوكيو: “بقدر ما كان هذا الحدث فظيعا، لا يمكننا أن ندير ظهورنا للشعب السعودي، ونحن نعمل لمساعدتهم في جهودهم المستمرة لإصلاح وتحديث مجتمعهم”.
كما حصلت الشركات على إشارات قوية من من إدارة “ترامب” والتي أكدت مرارا أنها تعتبر ولي العهد حليفا مهما في مقترح السلام الذي طال انتظاره في الشرق الأوسط وقضايا أخرى.
وتؤكد الصحيفة أن أسواق المملكة العربية السعودية نشطة ليس فقط مكانا للاستثمار ولكن باعتباره مقترضا ومستثمرا، لقد قام صندوق الثروة السيادية في البلاد بتجميع محفظة من الأصول بقيمة 300 مليار دولار تشمل حصص في شركات التكنولوجيا مثل Uber وشركة صناعة السيارات الكهربائية Lucid.
وقال رئيسها، ياسر الرميان، في فبراير، إن الصندوق يعتزم فتح مكاتب استثمارية في نيويورك وسان فرانسيسكو مع زيادة الاستثمارات.
خطة الطوارئ السعودية
وتوضح الصحيفة استراتيجية السعودية بالقول: “حتى في حالة احتمال انسحاب بعض الشركات الغربية من الأسواق السعودية، لدى المملكة خطة طوارئ: إنها العمل بشكل متزايد مع الحلفاء في آسيا، لقد أصبحت دول مثل الصين وكوريا الجنوبية وتايلاند عملاء رئيسيين للسعوديين حيث تقلص الولايات المتحدة اعتمادها على النفط المستورد بسبب إنتاج الصخر الزيتي المحلي”.
بدورها، أصبحت شركة “سينوبك” الصينية العملاقة للنفط مستثمرا رفيع المستوى في المملكة، من خلال مشروع مشترك للتكرير مع أرامكو ومنشأة للبحث والتطوير في حديقة علمية تسمى وادي الظهران للتقنية والتي تقع شرق المملكة العربية السعودية، ويمثل هذا الموقع محاولة من السعوديين لإنشاء مركز تكنولوجي حول أرامكو وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن القريبة.
ومن بين الشركات الأخرى المدرجة كمستأجرين على الموقع الإلكتروني للموقع شركات هاليبورتون وهونيويل وشلمبرجير وإيمرسون إلكتريك وجنرال إلكتريك وبيكر هيوز، وهي شركة مساهمة عامة.
ويوم الاثنين، قالت “أرامكو” إنها دفعت 1.25 مليار دولار لشراء حصة في Hyundai Oil Bank، مصفاة كورية جنوبية؛ مما يخلق ما أسمته منفذ مخصص للخام السعودي.
وتختتم الصحيفة بالقول: والسؤال المطروح الآن وهو ما إذا كان بإمكان السعودية استخدام الزخم من بيع سندات أرامكو وكيف؛ حيث يقول روجر ديوان نائب الرئيس في شركة IHS Markit، وهي شركة أبحاث: “لكي يستثمر الناس في المملكة العربية السعودية، فهم بحاجة إلى الاعتقاد بأن هذا البلد يسير في الاتجاه الصحيح”.