الدبور – صحيفة نيويورك تايمز قالت في افتتاحيتها، أنه رغم الغموض الذي لا يزال يلف قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول، فإن الواضح أن حكام السعودية “قُساة”، ولا يمكن الوثوق بهم أو تصديقهم.
وأضافت الصحيفة الأمريكية: “لقد حان الوقت للاعتراف بوقائع حرب اليمن الوحشية التي لا يمكن وصفها، فلقد حثت إدارة الرئيس دونالد ترامب الرياض على وقف إطلاق النار، ولكن يبدو أن ذلك لم يُفضِ إلا إلى مزيدٍ من القتال”، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا وبقية الحلفاء الغربيين يمكنهم أن يطالبوا بوقف مذابح اليمن فوراً.
وأضافت أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، كشف عن وجهه الحقيقي في “أكاذيبه” فيما يتعلق بقضية مقتل خاشقجي، وذلك حينما أعلنت السعودية أن مارقين اغتالوا خاشقجي داخل مبنى القنصلية.
وبالتزامن مع قضية مقتل خاشقجي، وما نالته من اهتمام عالمي، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً مصوراً عن الوضع اليمني في ظل الحرب التي تشنها السعودية هناك، والتي تستخدم فيها أسلحة قاتلة قدمتها الولايات المتحدة.
ويبدو أن مسؤولي إدارة ترامب قد فهموا أخيراً، طبيعة الحرب الفظيعة التي تجري باليمن، خاصة أن الذخائر المستخدمة في تلك الحرب ذخائر أمريكية، كما أن الطائرات السعودية تُزوَّد بالوقود جواً من الطائرات الأمريكية.
في الأسبوع الماضي، قالت الصحيفة إن وزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، حث جميع الأطراف على وقف القتل، وحدَّد مهلةً مدتها 30 يوماً لبدء محادثات والتعاون مع مفاوضات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة. كما أصدر وزير الخارجية، مايك بومبيو، بياناً دعا فيه المتمردين الحوثيين إلى وقف إطلاق الصواريخ على السعودية.
كلا المطلبين، تقول الصحيفة، تأخر كثيراً، وكان ينبغي أن يكون الرئيس ترامب قد قدمهما إلى جانب تحذير ملموس بأن الولايات المتحدة ستسحب المساعدات العسكرية إذا استمر السعوديون في قصفهم غير المسؤول.
ترامب انتقد، مؤخراً، القصف السعودي بأنه “غير دقيق”، لكن هذا الانتقاد الخفيف فُهم في الرياض على أنه فرصة لتحقيق مكاسب على الأرض، فبدأ التحالف السعودي بقصف مطار صنعاء، وشنِّ هجوم على الحديدة، الذي يعتبر ميناءً حيوياً للمساعدات.
في عام 2014، بدأت الحرب الأهلية باليمن، عندما سيطر الحوثيون على جزء كبير من البلاد وأجبروا الرئيس عبد ربه منصور هادي على الفرار، وبعدها شنت السعودية إلى جانب الإمارات وسبع دول أخرى حرباً على الحوثيين المدعومين من إيران، لاستعادة الشرعية.
غير أن هذه الحملة العسكرية تحولت إلى حرب استنزاف قاسية بقيادة محمد بن سلمان، وفرضت السعودية بموجبها سلسلة عقوبات قاسية، من بينها الحصار وحجب الرواتب؛ ما وضع اليمن على حافة الانهيار.
ومع كل هذه الغارات الجوية التي نفذتها السعودية، فإن الرياض أنكرت مسؤوليتها عن العديد من تلك الغارات التي أدت إلى مقتل مدنيين، وآخرها الغارة التي راح ضحيتها نحو 51 شخصاً، بينهم 20 طفلاً، في أغسطس الماضي، عندما استهدفت حافلة مدرسية.
ومع ذلك، تقول الصحيفة، يبدو أن ترامب أكثر قلقاً بشأن صفقات الأسلحة والحفاظ على علاقة قوية مع بن سلمان، من كبح جماحه والتعامل مع أكاذيبه.
وتابعت الصحيفة: “اعتراف ماتيس وبومبيو بأن حمام الدم المستمر في اليمن لا يخدم المصالح الأمريكية والسعودية، بل يمكن أن يؤدي إلى اتهام الولايات المتحدة بأنها شريكة في هذا القتل المتواصل باليمن”.
وتختم الصحيفة افتتاحيتها بتأكيد أن الخطوة التالية لتصريحات بومبيو وماتيس هي المطالبة بوقف حرب اليمن فوراً، وبدء مفاوضات جادة، وإدخال المساعدات اللازمة بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.