الدبور – الملك يلغي زيارته المقررة، ورؤوس سنطير في الأردن بسبب كارثة رحلة الموت، التي راح ضحيتها حسب آخر إحصائيات ١٨ طفلا، في جو من الغضب الشعبي يعم الشارع الأردني، لكمية الفساد والإهمال لدى الحكومة.
بسرعة شديدة وتحت وطأة هول المأساة حيث قضى نحو 18 طفلا على الأقل نحبهم في رحلة الموت المدرسية وفي اخفض بقاع الارض انتشرت كالنار في الهشيم دعوات إقالة وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة ومعه جميع “الكبار” في المؤسسات التي يمكن ان تتهم بالتقصير.
رحلة حافلة الموت المدرسية الاردنية برزت وبقوة على سطح الأحداث وفي توقيت “سيء للغاية” بالنسبة للرزاز واضطرت في خطوة اعلنت لاحقا الملك عبدالله الثاني شخصيا لتأجيل زيارة مبرمجة للبحرين بسبب “هول وصدمة الحادث المروع”.
تأجيل الملك لسفره مؤشر قوي على ان بعض “الرؤوس” لا بد لها ان تسقط وهي تتحمل مسؤولية هذا الموت الجماعي الذي نتج وبدون مبرر على الأغلب عن “تساهل” في تطبيق التعليمات الخاصة بـ”الرحلات المدرسية” وفي يوم مطري عاصف حذرت اصلا من الحركة فيه إدارة الدفاع المدني.
وسط ملاحظات متسرعة عبر وسائط التواصل عن “تأخر” في عملية الإنقاذ والاضطرار للاستعانة بالجيش الإسرائيلي و”قصور” في اداء عدة مؤسسات يمكن توقع دخول تجربة الرزاز وفورا باختبار خارج كل التوقعات.
الرزاز، كان قبل رئاسة الحكومة وزيرا للتربية والتعليم. بالتالي لديه كل المعرفة اللازمة لتحديد مؤشرات التقصير التي قادت لرحلة حافلة الموت خصوصا وأن الدفاع المدني عاد وأعلن عن وجود سيارات أخرى في نفس المكان جرفتها السيول وليس حافلة المدرسة فقط.
الإشكال الاهم بيروقراطيا أن الرزاز نفسه وقبل 24 ساعة فقط من “كارثة البحر الميت” ترأس اجتماعا للمجلس الأعلى للدفاع المدني انتهى بإصرار المسؤولين على أن “كل الترتيبات جاهزة” لاستيعاب عاصفة مطرية متوقعة اليوم التالي.
تبين الآن ومع سقوط 18 قتيلا على الأقل وإصابة 25 أغلبهم من الأطفال بأن تلك “الجاهزية” لموسم المطر والشتاء لم تكن أكثر من عبارة للاستهلاك الإعلامي خصوصا وأن الرأي العام محتقن أصلا وقد لا يظهر أي تسامح مع “التقصير” الرسمي بعد الآن حتى وإن قرر الرزاز أن يتحمل المسؤولية وزير التربية والتعليم العالي الدكتور عزمي محافظة الذي فقد على الأرجح ومباشرة بعد الحادث الأليم فرصة الاستمرار في الحكومة إن صمدت الأخيرة اصلا وتجاوزت هذا “الامتحان العسير”.
18 قتيلا اغلبهم اطفال ومع 7 مفقودين عدد الوفيات مرشح للزيادة… هذه نتيجة قاسية جدا لأول اختبارات الشتاء الأردني اللاذع والذي يبدو ان تداعياته سياسية بإمتياز خصوصا على حكومة التيار المدني و”تحسين الخدمات العامة” التي ثبت اليوم ان تحسينها بعيد المنال وبعد “أول شتوة” في الموسم يمكن ان تؤدي إعلاميا وشعبيا وسياسيا إلى “تجمع ثم تلبد” الغيوم فوق الرزاز وحكومته وفريقه.
ليس من الحكمة التسرع بأي استنتاجات لأن الأجهزة الامنية والعسكرية وتلك المعنية بالدفاع المدني بذلت ما تستطيع من جهد حتى وإن تأخرت قليلا.
لكن الشارع وبضجيج من الصعب ان ينخفض قريبا بدأ يهتف ضد وزير التربية والتعليم وفي بعض الأحيان ضد الرزاز وفي كل الاحوال ضد “نظام الخدمات العامة” الذي صرح الرزاز أكثر من مرة بأنه يريد “رفع سويته واداءه” لتبرير قانون الضريبة الجديد قبل أن يطال “الخذلان” مجددا كل بيت أردني يتحسر على أرواح اطفال ابرياء.