الدبور – نشر معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مقالا للباحث سايمون هندرسون، تحدث فيه عن قضية اختفاء الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بعد دخوله مبنى القنصلية السعودية في اسطنبول.
وتحت عنوان “الغموض المقلق حول مكان وجود صحفي سعودي”، قال هندرسون إن احتمالين لا ثالث لهما لمصير خاشقجي حاليا، الأول أنه تم نقله إلى السعودية جوا، والثاني أنه لا يزال داخل مبنى القنصلية.
وأضاف: “مثلي مثل العديد من الصحفيين أو الدبلوماسيين الآخرين الذين يشمل عملهم القضايا المتعلقة بالمملكة، أَعْتبِر خاشقجي كجهة اتصال له وجهات نظر مثيرة للاهتمام، وكصديق أيضا”.
و قال هندرسون إن “الخطيئة المحتملة لخاشقجي هي انتقاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وإن كان ذلك بصورة غير مباشرة”.
واستذكر هندرسون ما قاله خاشقجي في مقابلة أجرتها معه مجلة “الإيكونوميست”، وحينها قال: “أنا أكتب مقالة في سبيلها إلى الصدور، أُشير فيها إلى سبب احتياج محمد بن سلمان إلى صحافة حرة. … فولي العهد يشارك في تحول اقتصادي كبير. وبما أنه لا يوجد شخص يجادل هذا التحوّل، [أو] يناقشه، فلن يرى ولي العهد عيوب هذه التحوّلات”.وأشار هندرسون إلى مقالة أخرى لخاشقجي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست”، جاء فيها أن “عدم الانتقاد يخلق جوا من شأنه تمكين الحكام السلطويين من إنكار الحقوق المدنية لشعوبهم”.
وقال هندرسون إن خاشقجي “أظهر بعض التعاطف مع الإسلام السياسي أيضا. ففي مقالته في الواشنطن بوست في 28 آب/ أغسطس، كتب: (لا يمكن أن يكون هناك إصلاح سياسي وديمقراطي في أي بلد عربي دون القبول بأن الإسلام السياسي يشكل جزءا منه. … يبدو الأمر واضحا… إن السبيل الوحيد لمنع الإسلام السياسي من لعب دور في السياسة العربية هو إلغاء الديمقراطية، التي تحرم المواطنين أساسا من حقهم الأساسي في اختيار تفضيلاتهم السياسية)”.
وعلق هندرسون على مقالات خاشقجي، بالقول إنها تتناقض “مع شخصية محمد بن سلمان، الذي يبدو لبعض المراقبين استبداديا إلى حد كبير، ويعارض بشدة الإسلام السياسي”.
ولفت هندرسون إلى أنه “في الوقت الذي تعتبر فيه الولايات المتحدة والكثير من دول العالم أن رفض محمد بن سلمان للإسلام السعودي المتشدّد من الطراز القديم، إن لم يكن الإسلام المتطرف، يشكل إضافة هائلة، إلّا أن سجله في السياسة الخارجية غير متناسق”.
وتابع: “كما أخبرني دبلوماسي أوروبي في الأسبوع الماضي، لا يستطيع التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن الانتصار في الحرب هناك من دون وقوع ضحايا وإصابات غير مقبولة في صفوف المدنيين). ولا يزال الصدع مع قطر مستمرا. كما لم تدم الاستقالة القسرية لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري فترة طويلة. أما الضجة الأخيرة مع كندا، فلا تزال في مرحلة الألقاب غير المحببة. فوفقا لما قاله وزير الخارجية السعودي عادل الجبير: (نحن لسنا جمهورية الموز)”.
وعاد هندرسون للحديث عن خاشقجي، قائلا إنه “إذا تم التأكد من احتجازه أو إعادته جوا إلى السعودية، فمن الواضح أن محمد بن سلمان لم يأخذ في عين الاعتبار الآثار المحتملة لهذه الخطوة في واشنطن، حيث يعيش خاشقجي”.
وأضاف: “قد يقلل ابن سلمان أيضا من تأثير هذه الإجراءات على مناخه الاستثماري، فهو يريد استثمارات غربية، ويحتاج إليها. أما المستثمرون، فقد يرحبون بحكومة قوية، لكنهم لا يحبون عدم القدرة على التنبؤ وأي شيء قد يزعج حملة الأسهم. لذا، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، ما الذي يفكر به بن سلمان؟ وكما قال لي دبلوماسي أوروبي: (أنا أعلم ما يقوله محمد بن سلمان. لا أعلم ما الذي يفكره)”.
وأردف قائلا: “على الأقل، فإن اختفاء خاشقجي الظاهر، إذا كان مرتبطا بانتقاداته للمملكة، قد يوحي بأن المملكة العربية السعودية الجديدة لا تزال حساسة للغاية. وعلى الرغم من السنوات العديدة التي أكتب فيها عن المملكة، ورغم إصداري دراستين عن الخلافة الملكية (بعد الملك فهد و بعد الملك عبد الله)، لم أحصل أبدا على تأشيرة لزيارة السعودية. وقد أخبرني أحد أصدقائي السعوديين ذات مرة: (نحن نتحدث عن الخلافة طوال الوقت، ولكن لماذا يجب عليك تدوينها؟)”.
وختم قائلا: “قبل بضع سنوات، كنت في اجتماع في واشنطن مع مسؤول سعودي بارز أنهى حديثه بالقول: (إذا كان أي شخص هنا يريد الحصول على تأشيرة، ليخبرني وسوف أساعده على الحصول عليها)، أجبته، (هل ستساعدني في الحصول على تأشيرة؟) أجاب: (سنمنحك تأشيرة، ثم سنبقيك). وضحك الجميع، إلّا أنا”.