الدبور – كشفت تقارير خاصة أن السعودية هي من عطلت إتفاق التهدئة بين حركة حماس و الكيان المحتل، وقد مارست ضغوط كبيرة على مصر لتعطل الإتفاق أو تأجيله على أقل تقدير حسب ما كشفت المصادر.
ونشر موقع الخليج أونلاين تقريرا خاصا عن ما حصل في اللحظات الأخيرة وكيف تدخلت السعودية بكل قوتها لإفشال الإتفاق، ولكن لماذا ولمصلحة من؟
إليكم التقرير كما نشره موقع الخليج أونلاين :
قبل عيد الأضحى الماضي، كان ملفَّا المصالحة الفلسطينية الداخلية وإعلان اتفاق تهدئة في غزة، يشهدان تطوراً إيجابياً، ويقتربان كثيراً من الإنجاز والتطبيق على الأرض، لكن وبصورة مفاجئة عادت كل الجهود التي بذلتها مصر بهذين الملفين للالتصاق مجدداً بحائط الفشل بعد تدخلات خارجية من دول عربية.
الأوضاع الداخلية زادت تعقيداً بعد أن جرت بعض التدخلات الحساسة من قبل دول عربية في اللحظة الأخيرة وفي ملفي المصالحة والتهدئة في غزة، ساهمت في تجميدها بشكل كامل، بحسب ما صرحت به قيادات “فتحاوية” من رام الله لـ”الخليج أونلاين”.
وقالت: “مصر أبلغت الفصائل الفلسطينية التي اجتمعت في القاهرة، قبل العيد، ومن بينهم حركة فتح، بأنها ستكون ماضية وبكل ثبات نحو تحقيق مصالحة داخلية بين حركتي فتح وحماس، وإنه في حال تعذرت المصالحة فستركز على ملف التهدئة في غزة بين حماس وإسرائيل”.
وأضافت القيادات الفتحاوية: “بعد تعثر المصالحة وما شهدناه الأيام الماضية من توتر وعودة تبادل الاتهامات على الساحة الفلسطينية، قررت القاهرة أن تستكمل جهودها بملف التهدئة بين حماس و”إسرائيل”، وتجاهل ملف المصالحة، وقد حققت تقدماً في ذلك”.
ضغوط خارجية
معلومات وصلت للرئيس محمود عباس من قبل أوساط مصرية، أفادت بأن اتفاق تهدئة طويل الأمد في قطاع غزة بين “حماس” و”إسرائيل” قريب جداً، وسيتم الإعلان عنه بعد وضع اللمسات الأخيرة عليه، فقرر أبو مازن التدخل سريعاً بهذا الأمر، بحسب ما أوضحت المصادر لـ”الخليج أونلاين”.
وأشارت إلى أن الرئيس عباس أجرى اتصالات مكثفة مع الجانب المصري، لتعطيل أي اتفاق مع حماس يتجاوز السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير، وطلب من قادة الحركة تصعيد لهجتها ضد القاهرة، بعد أن فشلت كل جهوده واتصالاته في كبح تحركات مصر بملف التهدئة.
“الرئيس عباس لجأ إلى المملكة السعودية كمحاولة أخيرة لتعطيل أي جهود للتهدئة في غزة، وأجرى العديد من الاتصالات مع المسؤولين هناك، وحصل على وعود من الرياض بالعمل على هذا الملف بشكل جاد، والضغط على مصر لإيقاف الجهود ولو مؤقتاً حتى التوصل إلى تفاهمات مشتركة مع حماس”، تكشف القيادات الفتحاوية لـ”الخليج أونلاين”.
وأضافت: “بعد أيام قليلة وجدنا اللهجة المصرية في التعامل مع حركة حماس قد تبدلت كلياً، وأثناء زيارة وفد مخابراتها لغزة قبل أيام قليلة، أبلغ حماس بأن القاهرة لن تتجاوز الرئيس عباس في أي اتفاق مع إسرائيل، ما أوصل كل الجهود والتحركات التي بذلت في السابق إلى طريق مسدود، وعاد مجدداً لمربعه الأول”.
التدخل العربي يُفشل أي وساطة
وختمت القيادات الفتحاوية تصريحاتها لـ”الخليج أونلاين”، بالقول: “إن الموقف المصري الجديد تجاه “حماس” وملفي المصالحة والتهدئة، جاء بضغوط في اللحظة الأخيرة من قبل الرئيس عباس والمملكة العربية السعودية، حتى إيجاد حلول توافقية يجمع عليها كل الفلسطينيين، ولا تساهم في تقسيم الوطن، وإطالة عمر الانقسام”.
والسبت الماضي ( 22 سبتمبر) زار وفد أمني مصري، بقيادة رئيس الملف الفلسطيني في المخابرات العامة اللواء أحمد عبد الخالق، وعضوية القنصل المصري لدى فلسطين مصطفى شحاتة، بصورة مفاجئة قطاع غزة، والتقى بقيادات “حماس” هناك لنحو خمس ساعات، قبل أن يغادر القطاع متوجهاً للقاهرة.
وتحدثت مصادر مقربة من الحركة، بأن الزيارة كان هدفها تبليغ “حماس” أن “القاهرة لا يمكنها أن تتجاوز السلطة الفلسطينية بأي اتفاق مع الجانب الإسرائيلي”، فيما أبلغت “حماس” الوفد أن “الأولوية القصوى بحث الملفات الحياتية والحصار وعقوبات السلطة على غزة، بالإضافة إلى حرصها على تنفيذ المصالحة على قاعدة الشراكة ووفق اتفاق القاهرة 2011”.
وترفض حركة “فتح” بحث ملف التهدئة قبل إنجاز المصالحة الداخلية، وتشدد على أن “مهمة عقد اتفاقات تنحصر في منظمة التحرير فقط، ولا يجوز أن تعقدها الفصائل”.
غير أن حركة “حماس” ترى أنه بالإمكان السير في بحث الملفين بشكل متوازٍ، وتؤكد ضرورة رفع السلطة الفلسطينية العقوبات عن غزة قبل تنفيذ استحقاقات المصالحة.
وفي ذات السياق، يقول البروفيسور والمحلل السياسي، عبد الستار قاسم، من نابلس بالضفة الغربية المحتلة، إن “ممارسات الدول العربية ضغوطاً على مصر من أجل تعطيل أي اتفاق مع حماس، يأتي في إطار خشية تلك الدول من تعاظم قوة الحركة في غزة واشتداد عود مقاومتها للمحتل الإسرائيلي”.
وفي تصريحات خاصة لـ”الخليج أونلاين”، أوضح أن الدور العربي دائماً ما يوصف في خانة ضياع الحقوق الفلسطينية، والتدخل السعودي من أجل تعطيل التهدئة في غزة وعرقلة المصالحة هدفه التضييق على حركة حماس ومنع تعاظم قوتها.
ويضيف قاسم: “مصر بحد ذاتها تقوم بالدور المناسب، وعلى أكمل وجه، في فرضها الحصار على قطاع غزة وسكانه، ورهان الفلسطينيين على دور مصري جاد من أجل إتمام مصالحة حقيقية وصادقة هو ضرب من الخيال ولا يمكن تحقيقه”.
وتساءل قاسم: “كيف يمكن أن يكون وسيطاً في ملف المصالحة الفلسطينية من هو ذاته المُحاصر لغزة؟”، ليجيب عن ذلك بالقول: “مصر هي جزء من الحصار والعقاب المفروض على قطاع غزة، ومن ثم فأي دور تمارسه في الوساطة سيكون غير نزيه ودون نتيجة، وعلى الفلسطينيين البحث عن وسيط آخر”.
ويعتقد المحلل السياسي أن الضغوط السعودية والمصرية على غزة وحماس “هدفها بات واضحاً؛ وهو القضاء على المقاومة، وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، للتمهيد لفتح أبواب التطبيع العلنية على مصراعيها مع إسرائيل”.
وعن أمل إتمام المصالحة وإحداث اختراقة بهذا الملف، قال قاسم: “الدول العربية، والرئيس عباس، لا يريدون إتمام مصالحة مع حماس، ومن ثم فكل الجهود التي تبذل بهذا الملف، وما نشهده على الساحة، مجرد وهم لا أمل منه أبداً”.
والأسبوع الماضي اختتم وفد من “فتح”، برئاسة عضو اللجنة المركزية للحركة، عزام الأحمد، زيارة إلى القاهرة استمرت ثلاثة أيام، بحث خلالها مع المخابرات المصرية سبل إتمام المصالحة الفلسطينية.
وفي 12 أكتوبر 2017، وقعت “حماس” و”فتح” في القاهرة اتفاقاً للمصالحة يقضي بتمكين الحكومة من إدارة شؤون غزة كما الضفة الغربية، لكن تطبيقه تعثر وسط خلافات بين الحركتين بشأن بعض الملفات.