الدبور – محكمة أمريكية حكمت بحرمان طفل سعودي من والديه بسبب سوء المعاملة وعدم إتباع نصائح الطبيب بمعالجته.
الحلم بعلاج طفلهما تحول إلى كابوس بعد قرار المحكمة الأمريكية، لأن الطفل مريض ويعاني من الصرع ومرض في الجينات.
في مارس/آذار 2014، وصلت الشابة السعودية بتول مع زوجها عبدالله الأحسائي إلى الولايات المتحدة الأميركية، رفقة ابنهما علي ذي العام ونصف العام، بهدف تحقيق حلمها بإكمال دراستها وتأمين العلاج لطفلها.
الطفل علي الأحسائي ذو الست سنوات حالياً، يعاني من الصرع ومرض بالجينات، وهو مُبعد عن والديه، بعدما قضت محكمة أميركية بإبعاده عنهما، بذريعة إهمالهما لاتِّباع طريقة العلاج التي وصفها له الطبيب المعالج.
تروي بتول، المنحدرة من مدينة صفوى في محافظة القطيف السعودية القصة لـموقع «عربي بوست»، قائلة إن الحكاية بدأت بعدما أصيب علي، وهو في عمر 4 أشهر بالصرع ومرض بالجينات، نتيجة خطأ طبي تمثَّل بإعطائه دواء خاطئاً، لتبدأ رحلة البحث عن علاج للطفل في مستشفيات المملكة.
أشهر طويلة مضت دون إيجاد علاج للطفل، فقرَّرت بتول أن تسعى لعلاج طفلها، وتحقيق حلمها بدراسة العلوم السياسية والعدالة الاجتماعية في الولايات المتحدة الأميركية، لتسافر رفقة زوجها وطفلها على نفقتهما الخاصة، وبمساعدة مادية ودعم من والديها.
وبالفعل بدأ علي يتلقَّى العلاج في المستشفيات الأميركية، رغم ارتفاع التكاليف، ما اضطر الزوجين الشابَّين للاستعانة بأسرتيهما.
تقول بتول: «أصبح طموحي أن أوفر حياة كريمة وعناية طبية ممتازة لأبنائي، فقد رزقت بأخ لعلي وأنا بأميركا وسمَّيته زكريا، وقد تحقَّق جزء من حلمي أثناء المتابعة، عند أحد أفضل متخصصي الدماغ والأعصاب، فانقطعت التشنجات لمدة 3 سنوات، وكانت حياتنا طبيعية جداً، فعلي يذهب لمدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، وزكريا في الأشهر الأولى كنت آخذه معي إلى الجامعة، وبعد ذلك سجَّلته في حضانة».
في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وبعد عودة بتول وأسرتها من إجازتهم في السعودية إلى أميركا، تفاجأوا بحضور محققين من شرطة بورتلاند، قاما بتفتيش منزلهما، ثم أخبروهما بوجود قضية ضدهما رفعتها منظمة للخدمات الإنسانية وحماية الطفل، ويجب عليهم حضور جلسات المحكمة.
بعد الذهاب إلى المحكمة، صُدمت الأسرة عندما علمت أن الطبيب المشرف على حالة ابنهما علي، أبلغ المنظمة بإهمال الأسرة للطفل، ورغم أن هذا الطبيب لم يكن يعرف الأسرة بعد، لكن «الأسباب العنصرية» كما قالت بتول، دفعته لاتهامهما بالتقصير، بمجرد أن نُقل الإشراف على الطفل إليه، وحتى قبل أن يتعرَّف عليهما أو يشاهد الطفل وأسرته، فدبّر «مؤامرة» للإضرار بهما وشرع في تنفيذها.
«كنّا نتابع لمدة 3 سنوات مع دكتور مخ وأعصاب ذي خلقٍ حسن اسمه كوريال، وعندما نقلت حالة علي لإشراف الطبيب ري، تفاجأنا بأنه رفع دعوى إهمال ضدنا، وزعم أننا لا نتبع الحمية الغذائية بشكل صحيح، وقد فوّتنا موعداً، كان يجب أن يُلغى، ولَم يحصل بيننا لقاء إلا بعد أن تمت المحاكمة، وأخذ الوصاية القانونية لكلا الطفلين علي وزكريا، وكانا تحت الوصاية القانونية للولاية، ولكن أن يكونا معي في البيت إلى أن توجد دلائل أكبر»، هكذا تشرح بتول، التي أكدت أن غلطتها الكبيرة كانت القبول بمحامين من الولاية يدافعون عنها.
فالمحامون الذين عيَّنتهم الولاية أخبروها أن القضية سهلة جداً، وأنهم يريدون مساعدة الأسرة لعودة الطفلين، وأنهم سيرسلون مسؤولة اجتماعية لتساعدهم في المنزل.
لكن ما حدث هو العكس، فلم تقدم لهم المساعدة بأي شيء، إلى أن تم تحديد جلسة جديدة، في شهر يونيو/حزيران 2018.
وجدت بتول آنذاك أن هذا الشهر بعيد، لذا حدّثت محامية الولاية لتقديم موعد الجلسة المقررة إلى شهر أبريل/نيسان، نظراً لرغبتها في العودة إلى أهلها بالمملكة «فهم سيكونون خير معين لها في تربية طفليها وتلبية احتياجاتهما»، فضلاً عن رغبتها في إغلاق قضية طفلها زكريا، بعد أن أحضرت إثباتات طبية تؤكد أنه لا يعاني من المرض الذي يعاني منه
رفضت منظمة حماية الطفل طلب بتول بالسماح لها بالسفر مع طفليها خوفاً من أخذهما وعدم إعادتهما للولايات المتحدة، وهدَّد القاضي بأن يتم أخذ الطفل علي من أسرته، ورفض إغلاق قضية شقيقه زكريا حتى إجراء تحاليل خاصة له، وتم تعيين جلسة جديدة، في 10 ديسمبر/كانون الأول 2018.
«بكيت بحرقة شوقاً لبلدي، وشعوراً بالغربة، واعتصر قلبي بالألم على طفلي، وكانت في المحكمة مترجمة عربية، حاولت التخفيف عني بأن تحتضنني، فمنعها القاضي، قائلاً لها: أنت هنا مترجمة فقط ولست مساعدتهم».
وفي 20 يونيو/حزيران، تعرَّض علي لحالة صرع لم تأته منذ 3 سنوات، بسبب إهمال الطبيب الذي أخبرهم أنه يجب تخفيف الدواء له، ثم وقفه، فحدثت الوعكة بسبب ذلك.
تقول: «أسعفنا علي إلى أقرب مستشفى، كون حالته كانت طارئة، فاتصل الدكتور ري على مركز المستشفى وهو غاضب، لأننا لم نأخذ علي إلى المستشفى الذي يعمل هو به، رغم أنه بعيد عنا مسافة تقدر بساعة».
وفي اليوم التالي تلقَّيت مكالمة تفيد بوجود جلسة يجب أن أحضرها، وعند حضوري فوجئت بخبر إقصاء ابني عني، وأخذه وتسليمه لأسرة ثانية من مصر، على أن يبقى لها لمدة 30 يوماً، على أن يعود لنا من جديد مع إمكانية زيارته أسبوعياً.
وبعد انتهاء الـ30 يوماً، تفاجأت الأسرة السعودية بأن الطفل لم يعد لهم، وتم تسليمه لعائلة أميركية مكسيكية -غير متبعة لتعاليم الدين الإسلامي- وحكمت المحكمة ببقائه مع العائلة الجديدة 45 يوماً دون وجه حق «رغم وجوب إعادته لنا لالتزامنا بأحكام الحكم السابق، وعندما نحاول الوصول للشخص المسؤول عن ابننا حالياً يخبرنا أنه مشغول ولا يمكنه استقبالنا أو إفادتنا، ونحن الآن لا نعلم أين هو ابننا، وماذا يأكل أو يشرب، وكيف ينام أو يعيش منذ 10 أيام».