الدبور – طَلّقَها وَبَعْدو يُبَصْبِص على سيقانها»، عملا بمبدأ: إفّي ونفسي فيه»، هذه هي حال بعض الفنانين والإعلاميين العرب، الذين يثيرون الشوشرة «الضجة» حول مواقفهم من التطبيع مع الصهاينة، ولا أستثني منهم أحدا، سواء أولئك الذين يدخلون إلى السياسية «متل الداخل بتنكة الكناسة» أو مثل «الفرفور ذنبو مغفور»، طالما أن الشرطة الفضائية في وطننا العربي، لا تلقي القبض سوى على المشاهد، أما فريق «السبعة وذمتها»، فيتم تكريمهم في المهرجانات الدولية كشبّيحة أو نبّيحة أو ردّيحة أو غسلة جثامين!
هناك منهجان للتطبيع الإعلامي والفني، الأول: استدراج العدو كضيف، ثم التحاور معه بندية استعراضية أو التحرش به بعدائية مفتعلة، وأما الثاني: فبالاختباء فيه منه، على طريقة الصور الحميمة غير المقصودة، والدعايات المشبوهة، وضرورات التفاعل في المحافل الدولية، و»الذي منو»! ولكن هل يتحول العدو ضمن هذه الأساليب إلى ضحية إعلامية؟ أم أنه يتواطأ مع كل تلك ألآلاعيب التافهة والمكشوفة، ليعزز حضوره في المشهد الإعلامي العربي مستغلا الحيط الواطي للمنابر المنحنية، كي يقفز فوقها؟ ثم ماذا سيخسر العدو؟ وماذا سيكسب العرب؟
راغب علامة يحتال أم يتحايل أم يحاول؟
الفصاحة والتناحة، ينقلبان على صاحبهما بأبشع الصور، وخير مثال على ذلك، ما ورط الفنان راغب علامه به نفسه، وهو يصر على إثارة البلبلة وتوابعها حوله، لإشغال الناس به، وخطف الأضواء من القضايا الكبرى والجليلة، لتسليطها على أخبار زائفة أو رخيصة أو خدع وفخاخ إعلامية تافهة، سرعان ما يتراجع عنها، متهما المشاهد بإثمها، ولا تدري متى سيتوقف هذا الفنان عن إثارة الزوابع المحملة بالنفايات، والشوائب والأمراض المعدية!
هناك فرق بين أن تلفت نظر الإعلام بموقف ثمين وبطولي وإنساني، وبين أن ينفلت عقالك، فتتحرر من كل الضوابط الأخلاقية والوطنية، وتنتشر في مواقع التواصل كخبر رديء، يثير شهية النشطاء للشتيمة أكثر من أي شيء آخر، وهذا تحديدا ما يبرع فيه علامة، الذي واجه حملة واسعة ضد شبهة تعاونه مع شركة سويسرية احتفلت بالذكرى السبعين للكيان الصهوني، بإطلاقها سبعين ساعة فاخرة تحمل النجمة السداسية، حيث رفض في البداية توضيح الأمور، واكتفى بالتمسك بالدعاية ومماحكة المشاهدين بالتشطر على الحكومة اللبنانية والحكومات العربية، التي تسمح لهذه الشركات بالاستثمار في أسواقها، معلنا أنه وجه إعلامي لا دخل له بالسياسة، كأنه يجس نبض المشاهد أو يتحايل عليه ليحاول كسر الحواجز بينه وبين التطبيع، فيعوده على هذه الثقافة، قبل أن يكشف احتياله على الإعلام، حين أعلن أن عقده مع الشركة انتهى عام 2015، فهل كان غموضه دعوة مبطنة منه لتجديد العقد يا ترى؟ ولكن! لماذا يضع «علامة» نفسه في مواقف «باااايخة أوي»؟ من يا ترى يحوله إلى طعم يصطاد به أمة بأكملها؟ ومن الذي مارس معه الدفع الخلفي نحو الواجهة، مختبئا وراءه؟ ثم هل أثبت المشاهد العربي أنه أقوى من كل القوى، ما ظهر منها وما بطن، ليتراجع علامة عن موقفه متهما الحساد بشن حرب على مشروعه الفني الجديد؟ ويهدد بزج المشاهد في السجن واللجوء إلى القضاء! الله أكبر إنهم عرب!
يكشف المشاهد هذه الأحابيل، التي ينطفئ نجمها فتفقد فعاليتها وقيمتها حتى عند أعدائها، الذين يبحثون عن ماركات فنية، يزجون بها في مستنقع التطبيع، كعلامة تجارية قابلة للتداول، حتى لو لم تكلفهم «تعريفة»، طالما أنها رخصت في نظر جمهورها، وفقدت تأثيرها كبومة بائرة في سوق الطيور، يفوتها الصياد، ولا يفكر برمي «فتفوتة» أو طعم لها ولو من قبيل الحركشة أو النغنشة! فما الذي سيجنيه راغب علامة من التبرع بالتهمة لمنافسيه؟ أليس الأولى به أن يعتذر عن تخويثه؟ ألم يئن الأوان لإخراج هذا الفنان من ذاكرتنا وأرشيفنا، وأحلامنا، وإعلامنا، ليكون عبرة لكل من تسول له نفسه الاستهانة بذكاء المشاهد وكرامته؟! بعد أن نفدت غنائمه من هذه المغامرات المشوهة، ولم يتبق له سوى أمل زائف بإجراء عمليات فضائية لتجميل صورته على طريقة «اللي إجريها عوج وبدها تلبس بابوج»!
حويصلة نجوى القاسم
هل تصدق أيها المشاهد المثل القائل: «صابون العرب لحاها»؟ هلق خلصت المماسح في هذا العالم، ولم يتبق لدينا سوى شواربنا ولحانا لنمسح بها دنس غزاتنا؟
«العربية»، لم تدخر لحية في مراياها، إلا ومسحت فيها ما هدرته من كرامة وعزة مُهانة، والحبل على الجرار، فهي إذ تكسر وتجبر، تفقد ماء وجهها، أمام مشاهد يضحك على محاولتها لغسل كاميراتها بشرق «مطقوق» أو «مصدي»، ليس هذا فقط، بل وينْفُقْ حنكه من القهقهة وهو يتابع نجوى القاسم في حوارها مع أحد الضيوف الأعداء، حين أجاب على سؤالها بلباقة القاتل وخبث المخاتل: «سيدتي العزيزة»!
بشرفك أيها المشاهد، إوعك تضحك، بزعل منك! كل ما عليك فعله هو مواراة لحيتك، فـ»العربية» تُجهِز على العدّة، على طريقة «لغلوغ» الزعيم الأباصيري، و»كل واحد يخلي بالو من لغليغوه»، كلما لعب موس «العربية» بدقنه!
العدو، ضيف مكرم على «العربية»، أمر عادي طبعا، خاصة وأنها جعلته البطل الضحية، ولكن أن يجامل العدو نجوى القاسم، ناعتا إياها: بسيدتي العزيزة، فهذه ثقيلة على حوصلة «العربية»، التي تدخر كل السموم الفضائية القابلة للهضم، أو الأفكار التطبيعية القابلة للتخصيب، فلماذا يتحول الحوار فجأة مع الضيف الصهيوني الناعم، إلى سفرجلة حامضة، كل عضة حب فيها بغصة؟!
نجوى القاسم، اعتذرت للضيف، لأنه جاملها بلطف، ثم صارحته أن عبارة سيدتي العزيزة من إسرائيلي أمر لا تقبله، ولكنها لا تمانع أبدا في الترحيب بالمجرمين، وإفساح المجال لهم، والقيام بواجب الضيافة معهم، يا عيني يا عيني، «أيوة يا عم… إشْ إشْ، شفلك هالمسخرة عادْ»!
لم ينقص القاسم سوى البكاء وهي ترجو القاتل ألا يجامل؟! رغم أن المخلوق كان يحاول رد الجميل لـ«العربية»، حتى رد الجمايل مستكثرينه على حالهم، لأنهم لا يطلبون ثمنا لكرامتهم حين يكرمون أعداءهم ، فهذه عادات الأصايل… وأهلا أهلا!
احتقارات علنية للعرب
هل بعد كل هذا التعري الأخلاقي سيهم القاسم وعلامه ما يتداوله النشطاء على «الواتس آب»، من فيديوهات تضم مجموعة تصريحات لقادة العصابات الصهيونية، يستهينون فيها بالعرب ويحقرونهم وهم يؤكدون لك، أن كل ما يستطيع العرب القيام به حين يستوطن الصهاينة أرضهم هو الهرولة كالصراصير المخدرة في داخل الزجاجة، ثم يتساءل ناحوم غولدمان في كتابه «المفارقة اليهودية»، عن سبب قبول العرب احتلال اليهود لأرضهم، رغم أنهم أعداؤهم وربهم ليس هو ذات الرب، بينما يرى الحاخام ياكوف بيران أن مليون عربي لا يساوون ظفر يهودي واحد، كما نشرت «النيويورك تايمز» في صفحتها الأولى مطلع التسعينات، أما المصرفي الصهيوني بول ولبرج فقد أعلن أن الوطن العربي سيخضع لإسرائيل، سواء بالاحتلال أو بالاتفاق، لأنهم هم آلهة الكوكب وأسياد العالم، «لأننا لا نقارن الأمة اليهودية بالحشرات والبهائم والفضلات من الأمم الأخرى، التي ستلعق أقدامنا كالعبيد»، كما صرح مناحيم بيغن في خطابه للكنيست؟
طبعا، لن يهم المطبعين كرامة المشاهدين، طالما أن فاقد الشيء لا يعطيه، ولكن لا بد لك أن تنفضهم من وقت لآخر، كرمى للتاريخ، الذي يجلس الآن في خانة العار، بكامل خجله وخزيه، من هذه الشرائح البكتيرية المتفشية، في وطن لم يعد يراه بالعين المجردة أو حتى بالمجهر، لأنه تحول إلى حشرة فضائية… فهل أكتفي أم أزيد؟!
بقلم لينا أبو بكر
كاتبة فلسطينية تقيم في لندن