الدبور – ابن سلمان الذي فتح المملكة من أوسع أبوابها للعالم الخارجي بعدما كانت تعرف بمملكة الصمت، قد سمح مؤخرا بقيادة المرأة للسيارة بعد تحول كبير في مسألة الحلال والحرام.
المضحك المبكي في الأمر إنه مازال يعتقل فتيات طالبن بحقهن في قيادة المركبات، وبعض الحقوق الأخرى للمرأة في المملكة، وقد تم إعتقالهن بظروف مخيفة دون السماح لهن بالإتصال لا بمحامي ولا بأهلهن، وقد أجبرن على التوقيع على إعترافات بعد التعذيب النفسي والجسدي الذي مورس عليهن عن طريق عزلهم عن العالم الخارجي تماما.
وقد طالبت منظمة العفو الدولية السلطات السعودية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الناشطات لجين الهذلول وإيمان النفجان وعزيزة اليوسف، مشيرة إلى أن مكان احتجازهن لا يزال غير معلوم.
وفي بيان جديد قالت المنظمة إن السلطات احتجزتهن بمعزل عن العالم الخارجي، ومنعت تواصلهن مع محامين وزيارة عائلاتهن لهن. وأبدت المنظمة قلقها من غياب المحامين أثناء الاستجواب الذي أدى إلى اعترافات مزعومة، بحسب تعبيرها.
وقد دعت منظمة العفو الدولية إلى وضع حد لجميع أشكال التمييز ضد المرأة في السعودية، بما في ذلك ما سمته “نظام الوصاية”. وأضافت أن النساء والفتيات يواجهن بموجب هذا النظام التمييز المنهجي، سواء في القانون أو في الممارسة.
وأوضحت أن النساء غير قادرات على السفر أو العمل دون إذن من الوصي الذكر وتقول المنظمة إن الحملة الأخيرة على الناشطات في حقوق المرأة تأتي رغم تقديم النظام السعودي نفسه على أنه مصلح وفق جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان، فإن ما لا يقل عن 11 ناشطاً اعتقلوا الشهر الماضي، وأغلبيتهم من النساء اللواتي قمن في السابق بحملة من أجل نيل حق قيادة.
وبحسب محللين، فإن اعتقال النشطاء البارزين يحمل تحذيراً لا لبس فيه مفاده أن التغيير في المملكة يأتي فقط بأوامر عليا. ويرى هؤلاء أن من شأن الاعتقالات الأخيرة أن تؤثر على الصورة التي يحاول النظام السعودي رسمها لنفسه في الغرب عبر السماح للمرأة بقيادة السيارة ولكن الانفتاح الكبير في مجال الترفيه يقابله تضييق وقمع عندما يتعلق الأمر بالشأن السياسي وحرية التعبير، مما يوحي بأن الرجل يريد من التغيير ما يناسبه فقط، وفق مراقبين.
ومنذ توليه يونيو 2017 شن النظام السعودي حملة اعتقالات واسعة شملت العديد من النشطاء الحقوقيين والصحفيين ورجال الأعمال والدعاة المشهود لهم بالاعتدال. وطالت الاعتقالات الإسلاميين والليبرانيين على حد سواء، ويبدو القاسم المشترك بين هؤلاء هو تجرؤهم على التعبير بما لا تريده السلطة أو السكوت عندما تريدهم أن يتكلموا.
قصة النسوة الثلاث برزت للضوء مجدداً نظراً لجرأتهن على مواجهة السلطة، في حين يلزم الكثير من شيوخ الدين والصحفيين الصمت خشية الاعتقال.
وعزيزة اليوسف أكاديمية وناشطة حقوقية اشتهرت في السعودية بدفاعها عن حق المرأة بقيادة السيارات ومطالبتها بإلغاء وصاية الرجل عليها. أما لجين الهذلول فهي صحفية درست في الولايات المتحدة وعرفت بدفاعها عن حقوق المرأة السعودية، وقد تعرضت للاعتقال أكثر من مرة بسبب مواقفها. وفي 2014 سجنت الهذلول لأكثر من سبعين يوماً بعدما حاولت عبور الحدود بين الإمارات والسعودية وهي تقود سيارتها، وفي 2015 منعت من دخول الإمارات، وردت على ذلك بالقول إن القرار جاء بطلب من السعودية. وإيمان النفجان مدونة وأكاديمية درست في بريطانيا، وتطالب بحماية المرأة وبمنع زواج القاصرات، ولها مقولات منشورة في صحيفة غارديان البريطانية.
ووفق المنظمات، فإنه من الضروري دق ناقوس الخطر إزاء ما يحدث للمدافعات المسجونات “اللواتي ناضلن بلا كلل لسنوات من أجل حقوق المرأة في المملكة، في وقت يشيد فيه العالم بالإصلاحات الأخيرة فيها”.