الدبور – الوليد بن طلال، هذا الإسم الذي لمع في عالم المال والشهرة، وأثار الكثير من الإستفسارات حوله وحول نشاطه وحياته الذي يعيشها ببذخ ورفاهية، وحتى إنقاذه لكبرى الشركات العالمية من الإفلاس، لم يشفع له إسمه ولا نسبه ولا ثروته الهائلة ونفوذه في العالم كله ولا علاقاته المميزة، ولا حتى أصدقاءه المقربين الذين إعتادوا التودد له والتقرب منه ومدحه في كل مناسبة حتى يصلهم رضى الوليد الذي يقدر في بعض الأوقات بالملايين أو المشاريع المثمرة.
كل هذا لم يشفع له عند بن سلمان وتم إعتقاله ومصادرة جزء من أمواله، بل ووصل الأمر إلى تعذيبه وتعليقه من رجليه كما جاء في صحيفة بريطانية، وكان القصد أن يوصل بن سلمان رسالة له ولغيره أن الأمر جدي ومختلف هذه المرة، ولا شيئ ممكن أن يوقف بن سلمان عما يريده وخصوصا أنه إستعان بقوات مرتزقة هي نفسها من كانت تشرف على التعذيب في سجن أبوغريب في العراق.
فلا مجال للتمرد من قبل السجان، ولا مجال للإنقلاب من الحرس، فلا يوجد اي شخص مهما كانت وظيفته أو مركزه له صله بالأمراء من قريب أو بعيد بالقرب من مقر إحتجازهم.
و على مدى أكثر من ربع قرن، كان الأمير السعودي الوليد بن طلال يستثمر ويبني العلاقات في الغرب. فقد أنقذ شركة سيتي غروب، وساعد في إعادة تمويل ديزني حينما كانت تتهاوى، ودَعَم روبرت مردوخ خلال فضيحة القرصنة على الهواتف في المملكة المتحدة.
والآن، حيث يقضي الوليد أسبوعه الرابع في فندق بالرياض، كواحد من مئات المحتجزين في حملة مكافحة الفساد، لم ينهض أحد تقريباً لمؤازرة قضيته، حسب وصف تقرير لوكالة بلومبيرغ الأميركية.
يقول بيل غيتس، المؤسس المشارك لشركة مايكروسوفت ولكثير من المؤسسات الخيرية، في بيانٍ له إنَّ الوليد، ذو الـ62 عاماً، كان “شريكاً هاماً” في نشاطهم الخيري معاً.
وفي وقتٍ سابق من هذا الشهر، قال مايكل كوربات، الرئيس التنفيذي لشركة سيتي غروب، عن الوليد بن طلال إنّه “مؤيد مخلص وثابت على مبدئه”. فيما لم يعد لديهما هذا الشريك الآن.
تأثير الوليد على أوساط رجال الأعمال بالغرب وصل إلى أن قال إنه سبق أن أنقذ الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ قال الوليد بن طلال في حوار صحفي قبل انتخاب ترامب للرئاسة إنه أنقذه من الإفلاس مرتين، واصفاً إياه بـ”الرجل السيئ والناكر للمعروف”.
بالنسبة للوليد، فإن الصمت النسبي هو ردة فعل مخيبة لآماله بالنظر إلى المليارات التي استثمرها على مر السنين في شتى المجالات؛ من شركة تويتر، إلى مجموعة الفنادق الفرنسية أكور، التي تُعد أكبر فنادق أوروبا.
ومع ذلك، فإن وضعه يعكس حقيقةً قاسية: فبقدر ما يريد أصدقاؤه وشركاؤه من رجال الأعمال دعمه علناً، لكنَّهم يشعرون بالقلق من أن يُنظَر إليهم على أنهم يتخذون موقفاً معادياً للقمع وللرجل الذي يقف وراءه، وهو ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
وكان الوليد، الذي بلغت ثروته 17.2 مليار دولار، من بين عشرات الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين الذين فُرِضَت عليهم الإقامة الجبرية يوم السبت 4 نوفمبر/تشرين الثاني2017.
وتقول الحكومة السعودية إنها أطلقت منذ ذلك الحين سراح عددٍ قليلٍ من المعتقلين، أما الباقون فلا يزالون يقيمون في فندق ريتز كارلتون بالرياض، وهو الفندق الفخم الذي كان قد استضاف قبل ذلك بأيام مؤتمراً للترويج للمملكة كمنطقةِ استثمارٍ جذاب.
يقول العديد من معارف الوليد في الولايات المتحدة وأوروبا، سراً، إنهم لا يصدقون أنَّ الوليد مُتَّهمٌ بالفساد، إذ يتساءلون عما إذا كان اعتقاله ليس إلا مجرد محاولة للتخويف. ويظنون كذلك أنَّ عدم وجود تفسير لحملة الأمير محمد ضد الكسب غير المشروع قد تأتي بنتائج عكسية فيما يخص رأس المال الأجنبي الذي كان يأمل في جذبه.
لكن في الوقت نفسه، فإن عدداً قليلاً جداً على استعداد للتعليق على ذلك علناً. إذ يقول البعض إنهم مُتردِّدون في دعم الوليد في حين أنَّ سبب اعتقاله لا يزال غير واضح. ويقول آخرون إنهم يخشون فقدان فرص العمل في المملكة.