كتب : باسل طلوزي – عمان
الغيظ الذي استحوذ على الزعيم مبرر، ليس لأن عدد العميان بدأ يزداد بجنون يوميًّا، بل لأنه كان يدرك أن هذه الفئة لن ترى موكبه وصوره على التلفاز، ولا رسومه وتماثيله تملأ الشوارع والميادين وغرف النوم، خصوصًا أنه اتخذ قرارًا، مؤخرًا، بإجبار الشعب على تعليق صوره في غرف نومهم، لتكون أول وآخر صورة يرونها عندما يستفيقون وينامون.
وتفاقم غيظ الزعيم؛ لأنه يعتبر العمى نوعًا من “نقص الولاء”، ففكر مطولاً بإعدام العميان، لولا نصائح مستشاريه وتحذيرهم من غضب منظمات دولية تهتم بهذه الفئات وتتابع أحوالها باستمرار.
غير أن الزعيم لم يتقبل الفكرة، وحاول أن يجد حلًا بإخضاع العميان إلى دورات لتعلم لغة (بريل)، على أن تستبدل الأحرف بصور له مدببة الخطوط، كي يستطيع الأعمى الحصول على فكرة عن هيئته، لكن دون جدوى؛ إذ كان العميان يعتقدون أن ما يلمسونه هو صورة (جنّي)، فيفزعون.
وأخيرًا، قرر الزعيم، بعد استشارات علمية مطولة، أن يعالج عميان بلده، الذين باتت تتجاوز نسبتهم أكثر من 99.9 %، خصوصًا وأنها ذكرته بالنسبة التي حصل عليها في آخر اقتراع صوري على زعامته، فاستعان بمحللين أجانب، ونجح العلاج، وبدأ الشعب يستعيد بصره.
والغريب أن الزعيم لم يعرف نوع العلاج، رغم أنه كان يرى شاحنات تتكدس فيها صوره المنزوعة من الشوارع والميادين وغرف النوم، في طريقها إلى مزبلة البلدة.
المصدر : صحيفة (العربي الجديد)