استنكر الكاتب سعود الريس، رئيس تحرير صحيفة “الحياة”، أشهر صحف السعودية، تصريحات الكاتب أحمد النجار، رئيس مجلس إدارة صحيفة “الأهرام”، الداعمة لتنظيم “حزب الله” ونظام بشار الأسد في سوريا، مشيرًا إلى أن تلك التصريحات لا تخرج إلا عن رضا أجهزة الدولة المصرية وإدارة الرئيس عبدالفتاح السيسى.
واعتبر رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، في تدوينة له على موقع “فيس بوك” أن “حزب الله” قوة مقاومة جبارة في مواجهة الكيان الصهيوني، وأنه لا ينبغي أن نخسر الحزب بسبب أي خلافات عربية – عربية من الممكن معالجتها، مضيفًا “حزب الله وقف مع سوريا سدًا منيعًا أمام قطعان الإرهابيين الطائفيين الذين جمعتهم وموّلتهم قوى الشر الدولية والإقليمية لتمزيق الدولة القومية السورية لاعتبارات الثأر ولمصلحة الكيان الصهيوني”.
وقال “الريس”، في مقال له بعنوان “العين الثالثة (مصر.. مقاومة الأزمات أم ممانعتها؟)”، إن المفردات التي يستخدمها “النجار” عن الأزمة السورية هي ذاتها التي ابتكرها الحزب، وحرص على ترديدها، أما بالنسبة للدولة القومية المزعومة، فلن نتحدث عن الجرائم التي ارتكبتها وما زالت ضد شعبها وإرثها وتاريخها وأخيراً أمتها، وتلك باتت واضحة للجميع، وأيضاً لن نتحدث عن «قوة المقاومة الجبارة» التي يزعمها، ولا عن مواقفها، ولا عن طائفيتها، ولا عن خيانتها لبلدها، ولا عن تبعيتها لمشروع يهدف لتمزيق الأمة العربية التي يدعي النجار أنه يحرص عليها، ما سنتحدث عنه هو “قوى الشر الإقليمية التي موّلت قطعان الإرهابيين الطائفيين”.
وأبدى “الريس” عدم تعجبه من العداء الذي يكنه “النجار” وبعض الإعلاميين المصريين للسعودية والخليج لكن وجه الغرابة أن الأخير من المحسوبين على النظام، إذ بات لافتًا اليوم أن خطاب بعض إعلاميي مصر، يدلل على أن الصورة المشوشة للسياسة المصرية وتناقضاتها تتجاوز الداخل المصري.
وانتقد الريس الدبلوماسية المصرية، التي وصفها بالعاجزة عن صيانة علاقاتها بالدول الإقليمية، متسائلًا لماذا السكوت عن هذا النجار ومن على شاكلته من جانب النظام؟ ولماذا يستطيع إسكات من ينتقد الشأن الداخلي ويحاصره، بينما يقف متفرجًا بل وكأنه يبارك لمن يسعى للتسلق على جدران العلاقة التي تربط مصر بالدول الأخرى، لاسيما تلك الفاعلة والمؤثرة في دعم استقرارها، وفي مقدمها السعودية.
وقال: “التناقض المصري – المصري تجسد في مواقف متعددة لا يخرج عنها اليمن، وما صاحب “عاصفة الحزم” من ردود فعل متباينة، وأيضاً سورية بفلسفة إنقاذ شعبها، من خلال تثبيت النظام الحاكم، وهو ما أعلن عنه صراحة وزير الخارجية المصري ومن ثم نائبه في غير مناسبة “أننا ضد التدخل العسكري في سوريا”، بحجة أن “الحل العسكري في سوريا أثبت عدم جدواه خلال الأعوام الماضية، وأن الحلول السلمية هي المثلى”. وأضاف: “طبعاً تلك المواقف جاءت على خلفية دعوة السعودية لتدخل بري دولي في مواقع سوريا محددة للقضاء على داعش، لكن دعونا نتفق مع وزير الخارجية المصري ونائبه، ونذهب لآخر النفق ونتساءل: هل الحلول السلمية تأتي بتزويد النظام السوري بسلاح مصري لا يقتل إلا الشعب السورى مثلما تم الكشف عنه؟”.
وتابع: “من الواضح أن هناك خللًا ما يقف حائلًا أمام استيعاب البعض للسياسة السعودية، الأمر الذي يدفعهم للذهاب إلى الضفة الأخرى، وقد نفسر بعض المواقف بأنها تتخذ من منطلق قومي، لكن الاصطفاف مع حزب الله وبشار وإيران يقول عكس ذلك، وربما أن البعض يتبنون مواقف ضد السعودية بناء على إرث تاريخي، وهذا أيضاً وارد، أو ربما، أقول ربما، نحن مقصرون في إيصال الصورة لمؤسسات وفعاليات سياسية وإعلامية”.
واختتم مقاله قائلًا: “جميعنا يدرك أن دول العالم العربي اليوم إما أنها ضحية ما يسمى بالربيع العربي، وإما أنها مشغولة بقضاياها الداخلية، ومصر طبعاً لا تخرج عن هذه الدائرة، في المقابل هناك دول الخليج العربي التي تسير في حقل ألغام، وهي تحمل على كاهلها قضايا الأمة العربية، فالسعودية باعتبارها الشقيقة الكبرى، وضمن المنظومة الأكثر استقراراً، وعلى رغم اشتعال محيطها، لكنها مهيأة اليوم من جميع الجوانب لمواصلة دورها الريادي في العالمين العربي والإسلامي لضمان أمنهما، واستعادة ما خطف منهما لمشاريع طائفية أو مذهبية، فما يميز السياسة السعودية أنها لا تنطلق ترويجاً لمذهب معين، ولا لغرض وصاية، ولا تنفيذاً لأجندة معينة، وتلك قواعد يصعب أن تجدها لدى دول أخرى، ولكن ليكتمل العمل السعودي الريادي ويشعر به المواطن العربي بشكل مباشر أرى أنه لا بد أن توجّه المملكة خطاباً للشارع العربى، لا أن يقتصر فقط على الأنظمة العربية، يوضح سياساتها وقراراتها ورؤيتها الجديدة للعالمين العربي والإسلامى”.