ما زالت عبارة السيسي الشهيرة “بكرا تشوفوا مصر” تسرد وقائعها على الأرض على الرغم من كل النباح الذي يملىء شاشات الفضائيات مدحا في منقذ مصر.
فقد شهدت صناعة الغزل والنسيج بمحافظة الغربية أزمة حقيقية إثر ارتفاع سعر الدولار، الذى انعكس على زيادة تكلفة استيراد المواد الخام، وانخفاض معدلات المبيعات والتصدير، الأمر الذى بات يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل هذه الصناعة بعد إغلاق أكثر من 650 مصنعاً مرخصاً، وما يقرب من 800 مصنع ومشغل للتريكو والتطريز غير مرخصة فى مدينة المحلة، التى تعد أهم معاقل صناعة الغزل والنسيج فى مصر. تمثل مصانع الغزل والنسيج بمدينة المحلة الكبرى مصدراً لرزق ما يزيد على 169 ألف عامل، يعولون ما يقرب من 400 ألف مواطن ومواطنة من أبناء المدينة، إلا أن الأزمة الاقتصادية الأخيرة تسببت فى تشريد ما يقارب 60 ألف عامل وعاملة، ما دفع عدداً من قيادات وأصحاب مصانع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة والوبريات للتقدم بشكاوى رسمية إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، والمهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، ووزيرى الصناعة والاستثمار؛ لإغاثتهم بسبب تفاقم الأزمة واستمرار إغلاق المصانع بصورة تدريجية طوال الأشهر الماضية، إلا أن تجاهل مناشداتهم وغياب المسئولين، أدى إلى ارتفاع موجة الغضب لدى العمال وأصحاب المصانع.
عضو برابطة المصانع: «ارتفاع أسعار المواد الخام ورفع التعريفة الجمركية وركود المبيعات سبب الكارثة».. والعمال يهربون إلى مهن أكثر ربحية
المهندس إبراهيم الشوبكى، الخبير الاقتصادى وعضو مجلس إدارة رابطة أصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمحافظة، أكد أن الأزمة الاقتصادية تسببت فى إغلاق مئات المصانع، مشيراً إلى أن المصانع المتبقية لا تتخطى 350 مصنعاً تقريباً وتعمل بـ30% من قوتها التشغيلية بسبب نقص العمالة وهروبها للعمل فى مهن أكثر ربحية.
وأضاف أن أعضاء مجلس إدارة رابطة أصحاب المصانع والمصدرين تقدموا بخطاب رسمى إلى رئاسة الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء والمسئولين بهدف نقل معاناة أصحاب المصانع وأهمها نقص «الغزول» وارتفاع التعريفة الجمركية وغزو المنتجات السورية والتركية للسوق المحلية، حيث يتم طرحها بأقل سعر، لتنافس المنتج المصرى ذى الجودة العالية والتكلفة الإنتاجية الأعلى، ما يجعل المواطن المصرى يقبل على شراء الأرخص سعراً. وتابع: «المنتجات السورية والتركية خربت بيوتنا». وكشف «الشوبكى» عن أن الدولة اكتفت بسداد 50% من قيمة ضريبة دعم الصادرات لكل أصحاب المصانع والمصدرين، وهو ما تسبب فى تكبدهم خسائر مالية تجاوزت ملايين الجنيهات، وناشد وزراء الصناعة والاستثمار والقوى العاملة، ضرورة التحرك الجاد لإنقاذ صناعة الغزل والنسيج من الانهيار. وأوضح محمد حسن، أحد أصحاب مصانع الغزل والنسيج بالمنطقة الصناعية، أن المئات من أصحاب المصانع يقترضون ملايين الجنيهات من البنوك بهدف زيادة الحصص الإنتاجية، ودائماً ما يعجزون عن سداد أقساط القروض بصورة منتظمة، ما يدفعهم إلى بيع منتجاتهم بالأجل، وبأسعار متدنية عن أصل التكلفة الإنتاجية، لمواجهة المنتج المستورد الذى يتم تهريبه ويتسبب فى خسائر فادحة للمنتج المحلى.
وأضاف أن أصحاب المصانع يتحملون أجور العمالة وسداد الضرائب ومستحقات التأمينات الاجتماعية وفواتير استهلاك التيار الكهربائى، مشيراً إلى وجود معوقات فى الرسوم المفروضة على توصيل الغاز الطبيعى للمصابغ ليكون بديلاً عن السولار الذى يلوث البيئة ويهدد صحة العاملين، فيما أوضح سمير الغنام، أحد أصحاب المصانع، أن منتجات الغزول والملابس الجاهزة لا يشتريها الشعب المصرى، فضلاً عن توقف عمليات التصدير وغياب الحكومة عن دعم المشاركة فى معارض لبيع المنتج فى الدول الأوروبية، حيث كانت تلك المعارض تدر عائداً سنوياً 200 مليون دولار، الأمر الذى يمثل نكسة مؤلمة للصناعة المصرية.
واستنكر عدم التزام المناطق الحرة بالاتفاقيات الخاصة بدخول الخامات المستوردة والأجنبية، مشيراً إلى أن المناطق أصبحت منفذاً حيوياً لدخول المنتجات الأجنبية المهربة التى بلغت قيمتها أكثر من 17 مليار جنيه مصرى، حيث غزت الأسواق الداخلية لتنافس المنتج المحلى. ولفت إلى أن الواقع الراهن يؤشر إلى وجود تهديدات حقيقية لصناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، وتساءل: «هل تنجح أجهزة الدولة فى إنقاذ الصناعة التى تمثل داعماً رئيسياً للاقتصاد المصرى من الانهيار؟».
من جانبه، أكد محافظ الغربية اللواء أحمد ضيف صقر أنه أجرى سلسلة من الاجتماعات مع المهندس حمزة أبوالفتح المفوض العام لشركة غزل المحلة، واللواء ناصر أنور طه رئيس مجلس المدينة، وعدد من أعضاء مجلس النواب، لبحث آليات استغلال 34 فداناً تابعة لهيئة التنمية الصناعية لتطويرها وإنشاء منطقة صناعية جديدة، تنفيذاً لتعليمات رئاسة الوزراء وإدارة التنمية المحلية بهدف توفير أكثر من 10 آلاف فرصة عمل.
عن: الوطن