المستشفيات السعودية كابوس يطارد المرضى، والأخطاء الطبية أمرا مسكوت عنه زادت معه عدد الضحايا التي تقتل بالآلاف سنويا، ونقص عدد الأسرة في المستشفيات أزمة مستمرة بلا حل، حتى تغيير وزراء الصحة وتعاقبهم لم يحدث في الأمر شيئا.. تلك هي حقيقة المعاناة والأزمة التي يتعرض لها المرضى بالمملكة وتهدد حياتهم وتتجدد عام تلو الأخر بلا حزم.
فلم يعد الحديث عن توفير بدائل لنفص الأسرة أمرا مقبولا، ولم يعد التلويح بإقالة وزير وتمكين أخر بدلا منه شافيا للصدور، ولم يعد التنظير والحديث عن منظومة كاملة تحتاج للرقابة تارة والإحلال والتجديد تارة أخرى مبررا يلزم الجميع الترقب والانتظار، ولم يعد تعالى الأصوات بمواقع التواصل الاجتماعي ومخاطبة أصوات الضمير للمسؤولين أمر ناجحا، حتى انتقاد الإهمال والتسيب واستنكار الأوضاع لم يؤتي بثماره بل أصبح الأمر أكثر صعوبة يستلزم معه الحديث عن ضرورة اتخاذ قرارات ملكية تضبط مسار المنظومة الصحية كليا.
فتاة توثق معاناتها بمستشىفى النور بمكة
فقد سيطرت حالة من الغضب على نشطاء موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” أمس، بعد تداول فيديو لفتاة تحكي معاناتها داخل داخل مستشفى النور بمكة المكرمة، عندما توجهت لإسعاف صديقة لها كانت في حالة إعياء.
ووثقت سارة الودعاني، صاحبة أحد أشهر الحسابات بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، المستشفى غارقًا في المياه، مشددة على أنه عندما دخلت إلى قسم الاستقبال لم تجد أي موظف، وعندما اقتربت أكثر وجدت كميات كبيرة من مشروبات الطاقة، وبمجرد عثورها على إحدى العاملات بالمستشفى وسألتها: “أين الطوارئ؟”، أجابتها بأنها لا تعرف شيئًا.
وواصلت “سارة” الحديث بالتأكيد على سوء معاملة الأطباء لها، وتركيزهم مع هواتفهم الجوالة، دون الاهتمام بالرد عليها، وما إن رد أحدهم بتوجيهها لأحد الأطباء لقياس الضغط والحرارة، ورغم تعب صديقتها إلا أنها تحاملت على نفسها، ووصلت إلى هناك؛ لكنهما لم يعثرا على أي فرد أيضًا.
وبغضب شديد، قالت “سارة” إن ممرضة فلبينية أساءت التعامل معها بشدة، قائلة: “أنا ما خدامة.. تأدبي عند الحديث معي.. لن أجري أي تحاليل”، مشيرة إلى أنه بعد إجراء التحاليل، حضر الطبيب بعد نصف ساعة، وكأن التعامل مع المواطنين داخل “حديقة الحيوان”، على حد وصفها.
الأخطاء الطبية والعقوبات المخففة
وعن الأخطاء الطبية بالمستشفيات السعودية حدث ولا حرج، فقد بات السعوديين يخشون اللجواء إلى المستشفيات الحكومية التي تتدنى فيها مستويات الرعاية الطبية، في ظل مطالبة مستمرة لتشديد الرقابة والعقوبات، وقد ملأت قصص ضحايا الأخطاء الطبية صفحات الصحافة السعودية، ولا ننسى وفاة “الطفلة سولاف” نتيجة خطأ طبي في أحد مستشفيات نجران بعد أن أجريت لها عملية منظار في مستشفى الملك خالد بنجران لاستخراج خاتم ابتلعته.
وأشعلت غضب المجتمع السعودي خاصة بعد صدور عقوبة مخففة على الفريق الطبي المتسبب في الوفاة، حيث قضت الهيئة الشرعية للشؤون الصحية في نجران، بالدية في الحق الخاص بمبلغ 150 ألف ريال، وتوزع الحكم النهائي بينهم، بنسب تتراوح بين 10 و35 في المائة.
كما تضمن الحكم، توقيع الغرامة في الحق العام بمبلغ 10 آلاف ريال لأخصائي التخدير، و8 آلاف للطبيب الذي أجرى العملية، و3 آلاف للمسعف، و3 آلاف لمدير التخدير.
هروب الأطباء من مستشفيات الحكومة
وعن نقص التخصصات في بعض المستشفيات، عزت وزارة الصحة ذلك إلى عروض القطاع الخاص المغرية بالنسبة لهم، معتبرة ذلك خيارًا شخصيًا للطبيب، طالما أنه يرى أنه سيخدم المجتمع في المكان الذي يختاره بشكل أفضل.
ويشهد القطاع الصحي الحكومي مغادرة أطباء سعوديين إلى القطاع الخاص، كان آخرهم خمسة أطباء عظام من مستشفى الملك فهد، علل بعضهم سبب خروجه بمعاناته اليومية مع ضغوط العمل والمرضى والبيروقراطية في العمل، وصدور أوامر من إدارة المستشفى بعدم إجراء أي جراحة لأي مريض من قسم العيادات، وذلك لما يواجهونه من ضغط من قسم الطوارئ، وعدم قبول طلب لعمل جراحة إلا من قسم الطوارئ فقط، مما أوقع الأطباء في حرج كبير مع المرضى، الذين يراجعون العيادات دون المقدرة على خدمتهم.
وبحسب مصادر فإن هناك عروضًا قدمت إلى هؤلاء الأطباء من مستشفيات خاصة كبيرة في مدينة جدة، بمبلغ يفوق رواتبهم إلى الضعفين، إضافة إلى مميزات مالية أخرى أخرى، فيما يلجأ الأطباء إلى الخروج من المستشفيات الحكومية عن طريق طلبات إنهاء خدماتهم، إما بالتقاعد المبكر أو الاستقالة -بحسب صحيفة الوطن-.
قطاع صحي فاشل
ما سبق ذكره، يأتي في ظل تعاقب عدد كبير من وزراء الصحة ولا تزال المنظومة الصحية في المملكة خارج نطاق الخدمة، حيث قال الدكتور فؤاد عزب المدير التنفيذي لمستشفى المشفى في تصريحات سابقة له، إن وزارة الصحة تحتاج إلى قائد، مشيرا إلى أن النموذج الصحي الذي تعمل به على مدار السنوات الماضية هو نظام مخرجاته ضعيفة ومكلف. ويجب المراجعة وإعادة التخطيط في مدة قصيرة.
وقال: “لقطاع الصحي في المملكة أثبت للمتخصصين وغير المتخصصين أنه نظام فاشل لا يلبي احتياجات المريض وهو يكاد يكون مكلفًا جدًا ومخرجاته ضعيفة والآن آن الأوان لأي قائد أن يستقطب المخططين لمعرفة ما هو مفيد للمرضى ومراجعة التكاليف الباهظة”.
المصدر : شؤون خليجية