قالت مجلة “إيكونوميست” البريطانية إن الحرب الأهلية التي تدور رحاها في ليبيا منحت تنظيم “دولة الخلافة” فرصا جديدة، مما يستوجب تدخلا عسكريا عاجلا من جانب الدول الغربية.
وأضافت في تقرير لها من القاهرة أنه بعد خمس سنوات من سقوط نظام العقيد معمر القذافي بفضل الدعم الجوي من طيران حلف شمال الأطلسي (الناتو)، تزداد احتمالات تدخل آخر في ليبيا يوما بعد يوم. ورغم أن تنظيم الدولة الإسلامية قد يكون في حالة تقهقر في العراق وتحت الضغط في سوريا، لكن خطره يتعاظم في ليبيا.
وليس من قبيل المفاجأة أن الظروف التي جعلت ليبيا “مرتعا خصبا” لتنظيم الدولة الإسلامية هي ذاتها التي تجعل من الصعوبة التخطيط لتدخل تتوفر له فرصة طيبة للنجاح. فتمدد التنظيم في ليبيا تحقق بفضل حرب أهلية ناهز عمرها العشرين شهرا الآن، حتى أنه يجد الوضع مواتيا له للهجوم على القوات الخاصة الأميركية والبريطانية -على حد سواء- المتمركزة بالفعل على الأرض هناك وإن كانت بأعداد قليلة.
وتذكر المجلة أن التنظيم يواجه في غرب البلاد مقاتلي عملية “فجر ليبيا”، وهي اتحاد يجمع مليشيات مصراتة والبربر وفصائل إسلامية وجماعات أخرى موالية لحكومة الإنقاذ الوطني في العاصمة طرابلس”؛ وفي الشرق هناك قوات عملية “الكرامة” التي يقودها اللواء خليفة حفتر الذي يساند مجلس النواب في مدينة طبرق، وهو برلمان منافس للمؤتمر الوطني العام في طرابلس.
وأوضحت المجلة أن تنظيم الدولة الإسلامية يتوسع شرقا، انطلاقا من مدينة سرت الساحلية التي تُوصف بأنها الرقة الجديدة (على غرار عاصمته في سوريا)، ويهاجم منشآت النفط في منطقتي سدرة وراس لانوف. ومع أن حرس المنشآت النفطية الذين يفوق عددهم كثيرا مقاتلي التنظيم المقدرين بحوالي خمسة آلاف أو نحو ذلك في المنطقة، فإنهم يبدون عاجزين أو غير راغبين في الحيلولة دون أن يلحق التنظيم مزيدا من الضرر بصناعة تراجع إنتاجها إلى أقل من ربع ما كانت تنتجه في 2011، وهو 1.6 مليون برميل في اليوم.
وقد استثار الخوف المتزايد من نشاط تنظيم الدولة في ليبيا الجهود الدبلوماسية من أجل وضع حدٍّ للحرب الأهلية عبر تشكيل حكومة وفاق وطني. وارتفعت الآمال بعد إبرام اتفاقية سلام في المغرب في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي بوساطة الأمم المتحدة. وفق ما ذكرته قناة الجزيرة.
واعتبرت الإيكونوميست أن هذه الاتفاقية “سابقة لأوانها”، إذ إنها لم تحظ بدعم قطاعات عريضة في ليبيا، كما أن البرلمانين المتنافسين في طرابلس وطبرق قالا إن الموقعين على الاتفاقية لا يمثلون إلا أنفسهم. ومع ذلك فقد مضت الأمم المتحدة في تنفيذ بنود الاتفاق بأن عينت مجلسا رئاسيا، وبدوره شكل حكومة جديدة برئاسة فايز السراج، وهي تنتظر في أحد الفنادق في تونس للاضطلاع بمهامها.
ولم تقتصر الخلافات الليبية على الجانب السياسي، فقد رأت المجلة البريطانية أن الانشقاقات داخل الجيش قد تضعضع قوة اللواء حفتر في الشرق وهو “المكروه” في الغرب. وتمضي إلى القول إن عامة الشعب لا تثق في الأمم المتحدة لأسباب ليس أقلها أن مبعوثها السابق إلى ليبيا برناردينو ليون تولى منصبا رسميا في أحد مراكز الدراسات في دولة الإمارات العربية المتحدة “التي تدعم حفتر”.
وخلصت المجلة في تقريرها إلى أن “مجاهدي تنظيم الدولة” يسعون إلى القضاء على أي فرصة لإعادة الدولة الليبية إلى مسارها الصحيح، مضيفة أنه في ظل وضع يخلو من أي خيارات جيدة، فإن العجز عن القيام بأي شيء قد يكون أسوأ الخيارات.