استحوذت دراسة أعدها الباحث في جامعة جورجتاون، دانيال بيمان، بعنوان: “ستة خيارات سيئة في سورية”، تتناول الخيارات المتاحة للولايات المتحدة في سورية بعد 5 سنوات من الصراع، على اهتمام الأوساط السياسة الأميركية، وخصوصا المرشحين للرئاسة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
فبعد أن فشلت سياسات الرئيس باراك أوباما في حلَ الصراع السوري أو احتوائه أو محاربة “تنظيم الدولة”، قرر أوباما غسل يديه من القضية في الأشهر الباقية من ولايته.
كان أوباما في سنوات الحرب السورية أمام خيارين: إما ترك المنطقة كلياً والاهتمام بشرق آسيا أو اعتماد سياسة هجومية لإنهاء النظام وداعش.
وما بين الحدّين المتناقضين، كان بإمكان إدارة أوباما التعامل مع آثار الحرب ومظاهرها لاحتواء داعش وتخفيف أزمة اللاجئين والتعامل مع المعارضة.
ويقول “بايمان” إن الخيارات المطروحة لمواجهة الأزمة في سوريا كلها سيئة، فمنها من لا يحظى باحتمال النجاح، ومنها ما هو مكلف جداً وخطر جداً.
ويرى أنه لا بد من نوع ما من إجراءات الاحتواء لأن الحرب السورية تسببت بزيادة التوتر الطائفي والإقليمي في المنطقة وجدّدت الحرب في العراق.
الخيار الأول: “لندعها تحترق”، وهو خيار مبني على اعتبار الأمريكيين أنهم لم يفهموا يوما منطقة الشرق الأوسط، وأنه من الأفضل لهم الابتعاد عن هذه المنطقة وممارسة سياسة العزلة الأميركية تجاهها. على أن هذا الخيار ليس خاليا من المضاعفات، إذ إن الصراع السوري قد يمتد إلى الدول المجاورة، وقد يؤدي تزايد المأساة الإنسانية إلى تصاعد الضغط على واشنطن للتدخل.
الخيار الثاني: “تدخل عسكري واسع النطاق”، في أفضل الحالات يكون بالاشتراك مع حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين والعرب. وبموجب هذا الاحتمال، “تسحق” أمريكا والحلفاء نظام بشار الأسد وتنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). بعد ذلك، يتم السماح للمهجرين السوريين بالعودة إلى ديارهم، وهو ما من شأنه التخفيف من الاحتقان الإقليمي. وهنا يتساءل “بيمان”: هل يمكن لخطوة من هذا النوع النجاح، خصوصا مع تنامي المعارضة الواسعة لها حول العالم؟ وكيف يكون شكل التدخل، علما أن العملية تتطلب التزاما على مدى عقود.
الثالث: العمل مع الحلفاء من أجل القضاء على “تنظيم الدولة، وهو الخيار الأكثر شعبية بين الأميركيين، ويتطلب الاعتماد بشكل أساس على الضربات الجوية، لكن هذه لا يمكنها وحدها القضاء على “داعش” من دون مشاركة قوات أرضية، ولا يبدو أن القوات المحلية المتوفرة قادرة على أن تقوم بالمهمة. أما القوات المحلية القادرة على محاربة التنظيم، فهي لا ترقى أن تكون حليفة لأميركا.
الخيار الرابع: “العمل مع الشيطان الذي نعرفه”، أي الأسد ونظامه، لكن المشكلة تكمن هنا في أن حلفاء أمريكا الكبار، مثل السعودية وتركيا، لن تقبلا ذلك، وأن التعامل مع الأسد سيؤدي إلى تأجيج الشارع السني، وربما يرفع من شعبية “داعش”، هذا من دون التطرق إلى المشكلة الأخلاقية التي تكمن في التعامل مع “مرتكب مجازر”.
الخيار الخامس: إقامة منطقة حظر جوي آو مناطق آمنة، ومن شأن هذا تأمين الحماية للمدنيين بتكلفة أقل بكثير من تكلفة الاجتياح الكامل. مشكلة هذا الخيار، يقول “بيمان”، أنه يتطلب دخول أميركا الحرب لتدمير الدفاعات الجوية للأسد، وبعد ذلك قد يتطلب توفير قوات أرضية لضبط الأمن في المناطق الآمنة، إذ يمكن لقوات المعارضة أن ترتكب جرائم بحق السكان، أو أن تتخذ من هذه الأراضي مناطق آمنة لتشن هجمات ضد دول الجوار أو الغرب.
الخيار السادس: احتواء العنف من خلال رعاية اللاجئين خارج سوريا ودعم الدول المضيفة والاستمرار في قصف “تنظيم الدولة” لإضعافه واحتواء التوتر الإقليمي.
ويختم الكاتب بأن التدخل المباشر والقليل الكلفة ولى زمانه، وكان ممكناً أن يحدث مطلع عام 2012 مع معارضة معتدلة رئيسة، والآن بات أصعب بل مستحيلاً.
لذا، يمكن لواشنطن أن تختار أفضل خيار سيء بفعل ما هو ممكن لتقليل الخطر من دون إرسال قوات كبيرة إلى سوريا أو تقديم التزامات كبيرة.
وفي السياق نفسه، أطل مهندس العملية السياسية في أفغانستان والعراق وسفير أميركا السابق إلى الأمم المتحدة، زلماي خليلزاد، وكتب في افتتاحية أنه حان الوقت لمرشحي الرئاسة الأميركيين البدء بالتفكير بخيار الإطاحة بنظام الأسد. وعدد خليلزاد مزايا هذا والمشاكل التي ستنجم عنه، لكنه اعتبر أنه خيار يجب البدء بالحديث عنه.
وبين بيمان وخليلزاد، يعقد المرشحون الأميركيون للرئاسة جلسات مع خبراء ومعارضين سوريين، الذين يقولون إن مواقف المرشحين حول سورية في الجلسات أقوى من إطلالاتهم العلنية. أما السبب في ذلك، فيعزوه المراقبون إلى تخوف المرشحين من تأثير أي موقف حول الصراع في سوريا في فرص انتخابهم.