“خاص- وطن” كتب وعد الأحمد- كشف تحقيق لموقع إسرائيلي يصدر باللغة العربية عن قصص وحالات من التحرش الجنسي في الوسط المتدين هناك من خلال الاستغلال الجنسي الذي يمارسه رجال دين يهود بحق شبان متدينين، وهي القضية التي كانت فيما مضى تُعتبر من المحظورات ويتم اخفاؤها بحرص.
ولفت الصحفي “هداس هروش” في تقرير له بعنوان “الوسط المتديّن في إسرائيل يكشف عن التحرشات الجنسية” إلى فضيحتين تم الكشف عنهما في الأسابيع الماضية تتعلقان باعتداءات جنسية ضد الأطفال والمراهقين بعد صمت طويل بسبب الخجل ومحاولات التستر ولإخفاء من قبل الوسط المتديّن، إلى جانب إهمال الشرطة والسلطات–كما يقول-وكشفت الفضيحتان عن عشرات الشهادات الأخرى لأشخاص تعرضوا للتحرش والإعتداء في طفولتهم من قبل أشخاص وحتى اليوم كانوا يخافون من الحديث، أو ببساطة ظنّوا أنّه لا داعي إلى ذلك.
والفضيحة الأولى-بحسب كاتب التحقيق- حدثت بداية الشهر الجاري وكشفت عنها صحيفة “يديعوت أحرونوت” وتعود إلى شخص اسمه “عزرا لاندروفر”، -بسبب سيارة الأماكن الوعرة التي كانت بحوزته-. واعتاد عزرا في التسعينيات–كما يقول الصحفي الإسرائيلي- على أخذ الشبان من الحلقات الدينية الثانوية (وهي مدارس داخلية للشبان المتديّنين) في رحلات إلى الصحراء، بحيث كان يسمح لهم بقيادة السيارة فيها، ويتيح لهم إمكانية إطلاق النار في ميادين الرماية بمسدّسه، ويقضي معهم ليلة في “المنطقة”.
و نقل هروش عن مراسل أحرونوت الذي كان للمفارقة كان أحد أولئك الشباب حينها قوله أنّه “من بين المجموعة المتنوعة من “التجارب” في رحلاته، كانت هناك تحرّشات جنسية، وأحياناً اغتصاب لأولئك الشبان” وأشار المراسل إلى أنه منذ نشره لهذه الفضيحة، تلقّى مئات القصص من أشخاص عرفوا “عزرا لاندروفر”، وخرج الكثيرون منهم معه إلى رحلات في صباهم، وتحدّثوا عن فقدان الوعي غير الواضح وبعد ذلك عندما استيقظوا، شعروا بآلام شديدة في أعضائهم التناسلية”.
والغريب-بحسب كاتب التقرير-أن “الكثير من المدارس علمت باعتداءات “لاندروفر” وحظرت دخوله إلى المدرسة، ولم تبلغ أهالي أولئك الشبان” ويردف هروش أن “إحدى الإمهات علمت بالأمر فتقدمت بشكوى لوزير التربية الذي كان هو أيضاً من “الصهيونية الدينية” فادعى أنّه نقل المعلومات إلى الشرطة وحظر دخوله إلى المدارس الثانوية، ولكن لم يتم اتخاذ أية تدابير ضدّه، واستمر في التجوّل حرّاً. واليوم فإنّ “عزرا” يختبئ في مكان ما ويصعب جدّاً العثور عليه. في هذه الأثناء يتم جمع المزيد والمزيد من الشهادات ضدّه، ولكن معظمها سقطت بالتقادم ولا يمكنها أن تُستخدم كأدلة في المحكمة”.
وأشار”هداس هروش ” إلى حالة أخرى تم الكشف عنها وهي لشخص يُدعى “شلومي كوهين” كان طالباً جامعياً ومرشداً للأطفال في المدارس الابتدائية، ويساعدهم على تحضير الوظائف المنزلية، ومع مرور الوقتكان يطوّر معهم علاقات حميمية ويستغلهم جنسياً.
و مضى هروش في كشف خفايا هذه الاعتداءات من خلال اعترافات ضحايا كوهين أنفسهم، وكشف أحدهم الذي أطلق على نفسه اسم “وقرر كسر الصمت” على “فيسبوك” كيف تم الاعتداء عليه جنسياً في طفولته من قبل المذكور وأن أربعة أطفال قبله تم استغلالهم آنذاك من قبله مشيراً إلى أن ذويهم تقدموا بشكاوى إلى الشرطة الإسرائيلية، ولكن تم إغلاق الدعاوى بسرعة بادعاء “عدم كفاية الأدلة”، ولكن كوهين لم يلبث أن أعتُقل بعد سنوات بتهمة التحرش الجنسي بطالب في الخامسة عشرة من عمره.
ونقل الصحفي الإسرائيلي ما كتبه الضحية المذكور بعد سنوات من العلاج والبناء بأنه لا يبحث عن “الإعجابات” والشهرة مشيراً إلى أن لديه الكثير مما يمكن أن يخسره في هذه العملية ولكن كلّه أمل بأنّ يقرأ متضرر واحد، أو متضررة واحدة على الأقل هذا الكلام ويعلموا بأنّهم ليسوا وحدهم، وتابع الشاب “نحن معًا في هذه القصة، نحن إخوة وسيساعد أحدنا الآخر لاجتياز ذلك. تحدّثوا، شاركوا، لستم بحاجة إلى اجتياز ذلك وحدكم”.
وقصة هذا الشاب الذي قرر كسر الصمت تكشف بعد سنوات من الإخفاء والرقابة عمّا حدث في الغرف المغلقة للصهيونية الدينية والمدهش -بحسب الصحفي الإسرائيلي- أنّ الكثير جدّاً من الأشخاص عرفوا بذلك في وقته، ولكن لم تتم معالجة تلك الحالات، وبقي الكثير من المراهقين يعانون من الضرر النفسي طوال حياتهم.
ولفت هروش في نهاية تقريره إلى أن “هذه الموجة المرحّب بها من الكشف عن الفضائح الأكثر إثارة للقلق تدلّ على تقدّم فكري في أوساط المجتمع المتديّن في إسرائيل خاصة وفي المجتمع عامة”.