وطن – أصدر مرصد الحقوق والحريات في تونس تقريره الأول حول الإقامة الجبرية التي تعرّض لها مجموعة من التونسيين بناء على قرارات من وزارة الداخلية التونسية على إثر تفجير حافلة الأمن الرئاسي في شارع محمّد الخامس بالعاصمة تونس في 24 من شهر نوفمبر الماضي.
وبحسب تقرير المرصد فقد وضعت وزارة الداخلية 138 شخصا قيد الإقامة الجبرية، وهم من وصفتهم الوزارة عن طريق بلاغها الصادر في 28 نوفمبر 2015 أو عن طريق بعض التصريحات الإعلامية بالعائدين من بؤر التوتر أو المنضوين تحت تنظيم أنصار الشريعة المحظور.
وذكر التقرير أن وزارة الداخلية التونسية عجزت عن تقديم ما يثبت خطورة هؤلاء للجهات القضائية أو أنهم كانوا يقاتلون في بؤر التوتر التي لم تحددها وأنّها اعتمدت من أجل إقرار الإقامة الجبرية على هؤلاء المعنيين على شبهات غير ثابتة دحضها القضاء في وقت سابق أو على شبهات سابقة ثبتت وحُوكم بموجبها المعني بالأمر.
وأضاف المرصد في تقريره الّذي نشر صباح الإربعاء 13 يناير الجاري أنه تبين لها أن الجهات الأمنية المكلفة بتنفيذ تلك القرارات رفضت تسليم المعنيين نسخا منها فحرموا بذلك من حقهم في التظلم لدى الجهات القضائية المختصة، وهو ما كان له تأثيرات سلبية على حياتهم المهنية والعائلية والصحية والاجتماعية خاصة بعد إعلان التمديد، ولم تتخذ السلطة الإدارية “كل الإجراءات لضمان معيشة هؤلاء الأشخاص وعائلاتهم” كما هو منصوص عليه بالفصل المعتمد لإصدار هذا القرار.
كما بث مرصد الحقوق والحريات شهادات فيديو لبعض من طبّق عليهم قرار الإقامة الجبرية وأكّدوا أنهم تضرّروا من هذا القرار وأنّهم ليسوا إرهابيين وأنّ هذا القرار تسبّب لهم في اضطرابات نفسية ومنعهم من أبسط حقوقهم على غرار التنقل للعلاج أو للعمل.
ومن هذه الشهادات التي بثها المرصد شهادة “نزار الرياشي” 37 سنة متزوج من أجنبية، الّذي تم إعلامه من قبل مركز الأمن بمدينة المرسى (الضاحية الشمالية للعاصمة) يوم 28 نوفمبر 2015 بوضعه تحت طائلة الإقامة الجبرية، وأنه يتوجب عليه الإمضاء بالمركز المذكور 3 مرات في اليوم وأنه لم يتسلم نسخة من القرار، بالإضافة إلى أنه ورغم طلباته المتكررة لم يسمح له بمغادرة المنطقة حيث يقطن لا من أجل تلقي العلاج، ولا من أجل إيصال زوجته الأجنبية إلى مطار النفيضة الحمامات الدولي.
وتابع الرياشي قائلا “أُحلت مرتين سابقا بموجب قانون الإرهاب. حوكمت فيهما بعدم سماع الدعوى. و لكن رغم ذلك لا زلت مدانا من طرف الجهات الأمنية حتى بعد تبرئتي من طرف القضاء.”
وفي ختام التقرير جدّد المرصد دعوته الجهات المعنية إلى:
عدم استغلال حالة الطوارئ للتعدي على الحـريات الــفردية والحقوق الدستورية لجزء هام من المواطنين حرموا من حق العمل والدراسة والعلاج والتنقل.
إعادة النظر في قرار وضع عــديد التونــســيين تـحت الإقــامة الجـبرية خاصة بعد التمديد في حالة الطوارئ وبعد أن ثبت أن عددا هاما من تلك القرارات شملت أشخاصا لا علاقة لهم بالإرهاب ولا وجود لأية دلائل أو قرائن تثبت خطورتهم أو عودتهم من بؤر التوتر.
الـتســريع فــي دراســة عــرائـض التــظلمات والشكاوى والــعمل عـلى إجابة المواطنين عليها كتابيا، خاصة أولئك الذين قد يخسرون أعمالهم أو دراستهم بسبب شبهة غير ثابتة.
التعجيل بسن قانون جديد للطوارئ يوازن بين الظروف الاستثنائية التي قد تمر بها البلاد دون أن يعارض المبادئ الأساسية والحقوق الدستورية التي لا يراعيها القانون الذي سن زمن الاستبداد.
يذكر أن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي وبموجب أمر عدد 50 لسنة 1978 مؤرخ في 26 يناير 1978 يتعلق بتنظيم حالة الطوارئ كان قد أعلن في 24 نوفمبر 2015 عن حالة الطوارئ في البلاد لمدة شهر ثُم تمّ تمديدها بشهرين إلى غاية 21 فبراير 2015.
كما يذكر أيضا أنه استنادا للفصل 5 من القانون المذكور يتعين على السلط الإدارية اتخاذ كل الإجراءات لضمان معيشة هؤلاء الأشخاص المعنيين بقرار الإقامة الجبرية وعائلاتهم.