اسطنبول/ محمد شيخ يوسف، صهيب قلالوة/ الأناضول
قال المفكر الإسلامي الموريتاني، محمد مختار الشنقيطي، إنه “ليس من اللازم أن يسير الربيع العربي، مسار الثورة الفرنسية، ليبدأ الحاكم في الإصلاحات، ويجب الاتعاظ وأخذ العبر من الغير، لما فيه مصلحة عامة في الدول العربية، للتلاقي في منتصف الطريق، بين النخب الحاكمة والشعوب”، معتبرا أن “تنظيم داعش يمكن دراسته ضمن ثمرة من ثمار الثورة المضادة”.
جاء ذلك في في ندوة له مساء اليوم الأحد، حول الثورة المضادة في السياق التاريخي، أقيمت في مقر، منظمة الأمة للتعاون العربي التركي، في اسطنبول.
وأضاف الشنقيطي، أن “هناك عبرة للحكام والمحكومين وهي التلاقي في منتصف الطريق، بدلاً من الوقوف في مسار تاريخي عميق”، مضيفًا أنه “من يدعم الثورة المضادة في الدول العربية قرأ الثورات العربية بشكل سطحي، بنفس المسار الذي حدث في الجزائر نهاية الثمانينيات، وهو ما ليس نفسه”.
وأوضح أن “هناك دولا انتقلت إلى صراع وجود، دون التلاقي في منتصف الطريق مع شعوبها المعارضة، فيما لم تضع الفرصة في بعض الدول العربية، ولو سارع هؤلاء للإصلاح السياسي والوقائي وفتحوا طريقاً للأمل، لتمسكت الشعوب بالأمل”.
من جانب آخر، أشار الشنقيطي، أن “النظرة إلى الماضي تشكل مؤثرًا أساسيًا لتأسيس خياراتنا، وإننا من أجل بناء مستقبل جديد بحاجة لماضٍ جديد، ومكانة المسلم في العالم تحتاج إلى مستوى من الثقة في الذات، ويجب أن ندرس الصورة المضادة لفهم الثورات، وإن هناك تجارب عن الثورات المضادة”.
وفي معرض حديثه عن الثورة المضادة تطرق الشنقيطي إلى الثورة الفرنسية، قائلا إن “من أسبابها وجود بعض المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وقيام ملك فرنسا بالإنفاق بسخاء، نصرة للثورة الأمريكية، وليست نصرة لها، وإنما مناكفة لبريطانيا، فأدى إلى إفراغ خزائن فرنسا، وهو ما يلقي الضوء على من يصرف بسخاء على الثورات المضادة في العالم العربي”.
وتابع “مشاهد الثورة الفرنسية ارتبطت بقطع رؤوس الملك وحاشيته، وكان الثوار حقيقة في مسعى إصلاحي يريدون ملكية ثورية مثل بريطانيا، فعاند الملك ذلك، فاقتحموا سجن الباستيل وحصلو على السلاح، وقاموا بتشكيل جيش بديل، وكسروا شوكة الملك، وعندما قام بالهرب أمسك به الثوار، وعندها كان الحديث عن تحول الدولة إلى جمهورية، وبدأ الحديث عن الثورة المضادة”.
وأشار، أن “إقدام ملك (بروسيا) مع الملكيات الأخرى، لعودة الملكية الفرنسية، وعودة عناصر الثورة المضادة في فرنسا من خلال الملك وحاشيته في وجهها الداخلي، والعنصر الثاني رجال الكنيسة الكاثوليكية، والعنصر الثالث الملكيات الأوروبية، فكان حلف من الداخل وحلف من الخارج لوأد الثورة الفرنسية”.
وبين أن “الفلول قاموا بالفرار إلى الدول المجاورة، وأسسوا هناك منظمات للتخطيط هناك لتحطيم الثورة، لكن استطاع الثوار هزيمة الحلف، وتحولت الثورة من مسعى إصلاحي داخلي، إلى تصد تحدى التدخل الخارجي”.
واستطرد الشنقيطي، بالقول “الثورة الفرنسية تعتبر أم الثورات، لأنها جمعت التناقضات الاجتماعية والفكرية والنفوذ، وهي أطول الثورات عمراً، حيث استمرت نحو80 عاماً”، مضيفا أن “بنية العناصر تكاد تكون نفس عناصر ثورات الربيع العربي، حيث بقايا النظام القديم في الداخل وفلولها التي لجأت للخارج، وبعض من رجال الدين، ودول عربية، وقفت ضد الربيع العربي، تشابه الملكيات الأوروبية في دعم الثورة الفرنسية”.
وأكد أن “نتائج الثورة المضادة الفرنسية، هي نفس نتائج الثورات المضادة العربية، من خلال اغتيال الاعتدال من الكتلة البشرية، وتحولت من حركة إصلاحية منطقية، إلى حركة راديكالية استئصالية، وأصبح كل من يبدي بالحلول الوسط في الثورة الفرنسية يتهم بالخيانة”. مؤكدًا أنها “هي نفسها ما تأثر بالربيع العربي، فالثورات العربية بدأت سلمية، حتى بدأت الثورة المضادة العربية باغتيال الشباب العربي الثائر، الذي نادى بالسلمية في الساحات والميادين العربية، فذهبت روح الاعتدال والوسطية لديهم”.
وختم المفكر الإسلامي الموريتاني، قوله “إننا نعيش ثورةً حقيقيًة إضافةً إلى حركة تحرر، فهي ثورة مضاعفة تشبه في واقعها الثورة الأمريكية، وعلى الشعوب العربية أن تصبر في ثوراتها”.