قال محللون إن تبادل طرد الدبلوماسيين قد يكون أمرا معهودا في العلاقات بين الدول في أوقات الأزمات، ولكن قرار المملكة العربية السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بالكامل على خلفية الهجوم الذي تعرضت له سفارة المملكة بطهران إثر إعدام رجل الدين الشيعي، نمر النمر، قد يؤشر إلى بداية مرحلة جدية وخطيرة تبدو معالمها في الأفق.
وقال الباحث فواز جرجس، أستاذ الدراسات الشرق أوسطية المعاصرة في كلية لندن للعلوم الاقتصادية، إن المواجهة الدبلوماسية بين السعودية وإيران “قد تتطور بسهولة وتخرج عن السيطرة”، ونحاول في هذه العجالة الرد على مجموعة من الأسئلة التي قد تتوارد إلى الذهن حول هذا الموضوع. وفق ما نشرته شبكة “سي ان ان ” الأمريكية..
هل تتطور المواجهة الكلامية بين البلدين؟
في الواقع، المواجهة بين البلدين تجاوزت التراشق الإعلامي منذ سنوات، وهي تظهر على شكل حروب بالوكالة ومواجهات مسلحة في شوارع أكثر من دولة بالمنطقة، فهناك الصراعات في سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان، كما يقول جرجس، ولكن السؤال الآن هو: إلى أي حد قد تسوء الأمور بين أقوى بلدين في الخليج، السعودية السنيّة وإيران الشيعية.
ويقول الجنرال الأمريكي المتقاعد، مارك هارتلنغ، محلل الشؤون العسكرية لدى “”سي ان ان”، إن فرصة انفجار مواجهة مسلحة بين البلدين “قائمة” مضيفا: “هذا أمر بالغ الأهمية، والوضع يتطور بسرعة.”
لماذا التوتر بين السعودية وإيران؟
يرى البروفسور محسن ميلاني، الاستاذ بجامعة جنوب فلوريدا، أن ما بين السعودية وإيران ليس علاقة عداوة عادية ولا تحالف تقليدي، بل خصومه طبيعية نظرا للتنافس بينهما على مركز الصدارة بأسواق النفط العالمية، وكذلك على قيادة المجتمعات الإسلامية، وهو يرى أن كل دولة تحاول إضفاء صفة الضحية على نفسها مع تصاعد التوتر بينهما.
ويشرح ميلاني وجهة نظره بالقول: “ما بين أيدينا اليوم ليس مجرد صراع على كيفية رواية الأحداث، بل انقسام واضح وحرب بالوكالة.. حرب باردة بين السعودية إيران لديها أبعاد جيوسياسية وهل تتعلق بالنفوذ والسلطة.”
لماذا تفاقم الوضع بين البلدين الآن؟
شكلت عملية تنفيذ أحكام الإعدام بحق عشرات المدانين بجرائم متنوعة، بينهم الشيخ الشيعي نمر النمر، منعطفا جديدا بالعلاقات، فقد هوجمت السفارة السعودية في طهران، بينما دعا المرشد الإيراني، علي خامنئي، لـ”انتقام إلهي” من السعودية.
ورأى بوبي جوش، محلل الشؤون الدولية لدى “سي ان ان”,، أن قرار السعودية إنهاء العلاقات الدبلوماسية مع إيران كان منتظرا على ضوء ما سبق، وتوجيه خامنئي “لعناته” الدينية. غير أن أيان بريمير، رئيس مجموعة “يوروآسيا” الاستشارية، يرى أن هناك دوافع داخلية بكل بلد قد تشرح سبب اشتداد الأزمة بينهما.
ويرى جوش أن السعودية تحت ضغوطات اقتصادية بسبب تراجع أسعار النفط وتحديد مستقبل الخلافة على العرش، بينما إيران من جانبها تحاول الحد من المكاسب التي نالها التيار الإصلاحي والغرب بسبب الاتفاق حول الملف النووي، ما يشرح سعي كل طرف لتسجيل النقاط داخليا.
ماذا نتوقع خلال الأيام المقبلة؟
يرى المحللون أن وتيرة الصراع بين البلدين واللغة العالية في الخطاب بينهما لن تتراجع في الأيام المقبلة، ويرى جوش أن السعودية ترغب من خلال تصرفاتها القول بأنها “خلعت القفازات” في حلبة المواجهة. أما جرجس فيعتقد أن نتائج التصعيد ستظهر على الساحة في دول الشرق الأوسط، وخاصة في الملف السوري حيث ستتبدد فرصة التوصل إلى حل سياسي قريبا.
ويضيف جرجس: “كنا نأمل بحل دبلوماسي في اليمن، الآن علينا نسيان ذلك، فنحن الآن في مرحلة نشهد فيها مواجهة مباشرة بين أقوى دولتين في الشرق الأوسط بعد سنوات من المواجهة غير المباشرة، ولذلك علينا أن نتنبه لتصاعد المواجهة.”