“خاص- وطن” كتب حمزة هنداوي- لم يتوقف إعلام النظام السوري ومن يدور في فلكه من قنوات وصحف “الممانعة والمقاومة” منذ انطلاق الثورة في مارس/2011 عن وصف معارضي الأسد بالإرهابيين والتكفيريين، الذين يسعون إلى تأسيس إمارات إسلامية متطرفة.
وجاء خطاب النظام الإعلامي استكمالا لما صرح بشار الأسد لصحيفة أجنبية قبيل الحراك الشعبي بأن سوريا ستتحول إلى أفغانستانات وليست أفغانستان واحدة، في رده على سؤال الصحفي حول احتمال اندلاع ثورة في سوريا على غرار ما حدث في تونس ومصر رائدي “الربيع العربي” قبل أن يتعرض جنينا الثورة في البلدين للإجهاض.
البداية الاكثر وضوحا جاءت من مدينة حماه التي أطلقت الصحفية اللبنانية “غدي فرنسيس” عليها وصف “قندهار سوريا”، أيام كانت تحافظ على الحد الأدنى من موضوعيتها ومهنيتها الصحفية، قبل أن تنحاز إلى نظام القتل وتعلن ولاءها غير المنقوص لإعلام الولي الفقيه تحت إغراءات المال والشهرة ولو على حساب دماء السوريين، ولنا في هاشتاغ “دوما مشوية” أسوة سيئة، وهو الهاشتاغ الذي أطلقته بالتزامن مع أفظع المجازر التي ارتكبها جيش الأسد بحق أطفال ونساء في البلدة التي سماها السوريون “أم الشهداء” لكثرة ما فقدت من أبنائها نتيجة المجازر المستمرة.
ومن حماه “قندهار سوريا” التي شهدت أفظع مجازر القرن العشرين 1982 حين قتل رجال الأسد أكثر من 40 ألف مدني، إلى إدلب “تورابورا سوريا” التي تلوح إحدى الأذرع الإعلامية لحلفاء النظام بالهجوم عليها ممهدة بمعلومات ادعت أنها حصلت عليها من مصدر “شرعي مرتبط بالنصرة” ومصادر أخرى يرجح بأنها تكهنات استخباراتية، خاصة وأن للصحيفة علاقة وثيقة بمخابرات النظام.
وكانت الصحيفة المذكورة ضمن جوقة المنذرين بتحويل إدلب إلى رقة ثانية بعد تحريرها أواخر مارس/2015، تذرعت بأن الفصائل التي سيطرت على إدلب إسلامية متطرفة، لا سيما “النصرة” التي عملت تحت لواء “جيش الفتح” الذي نجح بطرد النظام من ثاني مركز محافظة بعد الرقة التي سيطر عليها “داعش” بعد طرده فصائل الجيش الحر منها.
وتقول صحيفة “الأخبار” اللبنانية التي يتهمها معارضون وناشطون بأنها ساهمت بتشويه صورة الثورة السورية منذ انطلاقتها، إنه “خلال السنوات الماضية أطلقت بعض وسائل الإعلام تسمية “تورا بورا السورية” على كثير من المناطق”، مؤكدة أن “تلك التسميات كانت محض اجتهاد إعلامي قائمٍ على بعض المقارنات”.
وتضيف الصحيفة التي تستقطب أقلاما شبهها مثقفون سوريون بـ”خناجر الغدر” قائلة “اليوم، يمكن الحديث بثقة عن قرار جهاديّ جرى اتخاذه قبل فترة بتهيئة محافظة إدلب لتكونَ نسخةً سوريّة عن المنطقة الأفغانيّة الشهيرة”.
وتوضح أن “القرار المذكور جاء أشبه بخطة طوارئ جهاديّة اصطُلح على تسميتها فعلاً “تورا بورا سوريا”.
ونقلت عن مصادر عدة تكشف بعضاً من خلفيّات القرار، وتفاصيل التحضيرات، وما يدور في كواليس “الجهاديّة” خلال الشهرين الأخيرين في هذا الصّدد”.
وتلحظ المعلومات أن “الورشة التي انطلقت منذ قرابة الشهرين في مناطق عدّة من محافظة إدلب تختلف عن الإجراءات الروتينيّة التي اتّخذتها مكوّناتُ “جيش الفتح” منذ سقوط مركز المحافظة في آذار الماضي”.
وحسب “الأخبار” فإنه “رغم أنّ (حكم الشريعة الإسلاميّة) كانَ الخيار الذي أعلنته مكوّنات (جيش الفتح) منذ ذلك الوقت غير أن مستجدات الشهرين الأخيرين نقلت العمل من مرحلة “تهيئة الإمارة” عبر إجراءات شرعية وإدارية، إلى مرحلة التحضير لتحويل إدلب إلى ميدان جهاد مديد يتصدى لطواغيت الأرض من روافض ونصيرية وعباد صليب تكالبوا على الجهاد الشّامي”.
ولم يفت معد التقرير أن يُقحم تشكيلات وكتائب “جهادية” قال إنها قادمة من دول إسلامية كانت تابعة للحكم السوفييتي، في تساوق مع الخطاب الروسي الحالي الذي تذرع بداية تدخله الجوي في سوريا بأنه يحارب متطرفين يهددون مستقبل روسيا ودول رابطة الدول المستقلة التي نتجت عن تفكك الاتحاد السوفييتي.
كما ربط التقرير بين معلوماته عن “تورا بورا سوريا” وقائمة التنظيمات والكتائب “الإرهابية” التي تم تكليف الأردن بتصنيفها، وبعد أنباء عن تسليم عمان لموسكو قائمة تضم 163 تنظيما تضمنتها لائحة “الإرهاب” في سوريا.