سيصل عدد اللاجئين والنازحين في العالم، بنهاية العام الحالي، إلى مستوى قياسي جديد ليتخطى حاجز الـ60 مليونا، وهو الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية.
وحسب تقرير صدر حديثا عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فإن عدد اللاجئين الذين تشرف عليهم رسميا، تجاوز 20 مليون (20,2 مليون) للمرة الأولى منذ عام 1992، وهو رقم لا يمثل سوى ثلث المجموع الكلي للاجئين.
النزاعات المسلحة
وتؤكد هذه الأرقام المهولة أن واحدا من كل 122 إنسانا هو شخص أجبر على ترك موطنه، فيما يجبر 4600 على الفرار من بلادهم كل يوم، لكن الأخطر هو أن فرص العودة إلى الوطن صارت أقل مما كانت عليه منذ 30 عاما.
وتعتبر الـ10 أعوام الأخيرة الأكثر مأساوية بالنسبة للاجئين. ففي حين كان عددهم ينحصر في 19,4 مليون شخص سنة 2005، قفز هذا الرقم إلى 59,4 مليون شخص بنهاية العام الماضي، ليتجاوز 60 مليونا هذا العام.
وبشكل بديهي، كانت الحروب السبب الرئيسي في موجة النزوح التاريخية هاته. وأحصت المفوضية السامية 14 صراعا مسلحا، في السنوات الخمس الأخيرة، كانت وراء ارتفاع أعداد اللاجئين بطريقة استثنائية: ثمانية منها في أفريقيا (ساحل العاج، جمهورية أفريقيا الوسطى، ليبيا، مالي، نيجريا، الكونغو، جنوب السودان، وبورندي)، وثلاثة في الشرق الأوسط (سورية، العراق، واليمن)، ونزاع واحد في أوروبا (أوكرانيا)، وثلاثة في آسيا (كازاخستان، بورما، وأفغانستان)، إضافة إلى تداعيات حربين أهليتين في كولومبيا ونيبال.
من أين يأتي اللاجئون؟
هل حقا وصل عدد اللاجئين في العالم إلى أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية؟
إحصائيات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين، التي بدأت منذ سنة 1951، تقول إن الإجابة هي: نعم. لم يحدث أن وصل عدد اللاجئين إلى مثل هذه المستويات منذ 60 عاما.
وكما هو منتظر، سورية، التي تمزقها حرب داخلية طاحنة منذ 2011، هي أكبر مصدر للاجئين في العالم. وتقدر إحصائيات المفوضية الأممية عدد اللاجئين تحت وصايتها بـ4,2 مليون لاجئ. أما بحساب المجموع الكلي، من لاجئين وطالبي اللجوء ونازحين داخليين، فإن الرقم يصير مهولا: 11,7 مليون شخص، أي أكثر من نصف سكان البلد البالغ عددهم 23 مليون نسمة.
وتأتي في المرتبة الثانية أفغانستان بـ2,6 مليون لاجئ تحت إشراف المفوضية الأممية، وهو رقم استقر فيه البلد منذ سنوات ليست بالقصيرة. أما باعتماد المجموع الكلي (بمن فيهم من هم خارج وصاية مفوضية اللاجئين)، فإن المرتبة الثانية، وبشكل غير متوقع، تنتقل إلى كولومبيا، إذ أدت مخلفات الصراع بين الحكومة والحركات المسلحة إلى نزوح أكثر من ستة ملايين شخص، أغلبهم نزحوا داخل البلاد.
المرتبة الثالثة حسب إحصائيات المفوضية هي للصومال بـ 1,1 مليون لاجئ، أما باعتماد المجموع الكلي فالمرتبة الثالثة يحتلها العراق بـ 4,1 مليون، ثلثهم نزحوا داخل الأراضي العراقية.
أين يذهبون؟
بلغت عدد الدول المستقبلة للاجئين، خلال هذا العام 160 دولة. والجديد في قائمة الدول الـ10 الأولى المستقبلة للاجئين هو دخول السودان إلى القائمة محل الصين. والسبب هو الصراع الداخلي في دولة جنوب السودان الذي دفع مواطنيها إلى النزوح شمالا نحو السودان الذي انفصلوا عنها قبل سنوات قليلة. وبدخول السودان إلى القائمة، فإن خمسة من الدول الـ10 الأكثر استضافة للاجئين توجد في أفريقيا جنوب الصحراء. أربعة من هذه الدول من بين الأقل نموا في العالم.
إذا اعتمدنا المجموع الكلي للاجئين، بما في ذلك الهجرة الداخلية، فإن ترتيب الدول المستقبلة لن يتغير: سورية أولا، ثم كولومبيا، ثم العراق.
أما بحساب اللاجئين الموجودين تحت وصاية المفوضية الأممية فقط، فتركيا هي أكبر بلد مضيف في العالم على الإطلاق إذ وصل عدد اللاجئين على أراضيها إلى مليون و840 ألف شخص حتى منتصف العام الحالي.
في الواقع، لم تكن تركيا، قبل سنة 2012، حتى ضمن قائمة الـ20 بلدا الأكثر استضافة للاجئين، فحوالي 98 في المئة من اللاجئين في هذا البلد قدموا من سورية.
وتأتي باكستان في المرتبة الثانية، بواقع مليون ونصف لاجئ، غالبيتهم من أفغانستان، دفعتهم الحرب منذ سنوات إلى الرحيل إلى الجارة الجنوبية. وجاء لبنان في المرتبة الثالثة متكفلا بـ1,2 مليون لاجئ، أغلبهم من سورية.
وفيما يلي قائمة الدول الأولى المصدرة والمستضيفة للاجئين في العالم، علما أن اللوحة ستزداد سوداوية إذ إن الإحصائيات السابقة لا تشمل اللاجئين الفلسطينيين البالغ عددهم 5,4 مليون والموجودين تحت رعاية وكالة “الأونروا”.