للعام الثاني على التوالي يغيب الشيخ خليفة بن زايد، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة عن احتفالات اليوم الوطني لبلاده، كما يغيب أيضًا عن تمثيل بلاده في المحافل الدولية والإقليمية، فيما حل محله الرجل القوي في إمارة أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي أشرف على كل مظاهر احتفاليات اليوم الوطني، وقام هو باستقبال الضيوف العرب والأجانب.
ووفقًا لمصادر مطلعة في دبي، فإن الشيخ خليفة بن زايد قد تعرض لأزمة قلبية تسببت في إصابته بجلطة دماغية في عام 2014، بعد مشادة حامية مع شقيقيه من الأب محمد بن زايد ولي العهد، وشقيقه عبد الله بن زايد وزير الشؤون الخارجية، بعدما وسعا من سيطرتهما على السلطة في الإمارات.
ومنذ ذلك الوقت يقضي الشيخ خليفة معظم وقته في مقر إقامته الفاخر في منطقة “ماكسيلي ليمان” بالقرب من مدينة “إيفيان” جنوب شرق فرنسا، والذي ورثه عن والده الشيخ زايد بعدما اشتراه في سنة 1991.
الإخوة الأعداء
وجاء اختفاء الشيخ خليفة من المشهد في الإمارات بعد الخلافات الكبيرة مع إخوته بشأن سوء تصرفاتهم في عائدات النفط الكبيرة، التي يستخدمونها في التأثير على السياسات الإقليمية بشكل غير مناسب، وخاصة في مصر وسوريا واليمن. كما كان الشيخ خليفة يعارض بشدة تقارب محمد بن زايد مع رئيس الحرس الوطني السعودي الأمير متعب نجل الملك الراحل الملك عبد الله بن عبدالعزيز.
وأضاف المصدر أن الشيخ خليفة الذي يبلغ عمره 67 عامًا، هو الأكثر خبرة بين أشقائه وأكثرهم معرفة بخبايا تعقيد التوازنات القبلية في دول الخليج، وأكثر إدراكًا بمخاطر التدخل في شؤون الدول العربية الأخرى وخاصة المملكة العربية السعودية.
ولكن الخلاف الأكبر الذي تسبب في حالة الانفصال بين الشيخ خليفة وشقيقه محمد كان بشأن الموقف من ثورات الربيع العربي، التي انطلقت في عام 2011 في كل من تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا. فكان رئيس دولة الإمارات مرحبًا بوصول الإسلاميين إلى السلطة في تلك البلاد ولا يرى فيها غضاضة. بينما يرى شقيقه الأصغر سنًا والأكثر تأثرًا بالأفكار الغربية عكس هذا الرأي، ويرى أن صعود الحركات الإسلامية يشكل تهديدًا خطيرًا للأنظمة الملكية في الخليج، والتي تسيطر على ثروات ضخمة وتنفق منها بلا مبالاة وبلا تفرقة بين أموال الموازنة العامة للدولة والأموال الخاصة بالعائلة المالكة، حيث تغيب وسائل المراقبة والمحاسبة الشعبية عن تصرفات هؤلاء الأمراء.
دحلان يقود محمد بن زايد
وأكد المصدر أن من يقف وراء سياسة محمد بن زايد هو من أسماه “عبقري الشر” محمد دحلان، المدير السابق لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، المنفي في دبي حاليًا بعد تلقيه هزيمة قاسية من حركة حماس عام 2007، ولكن محمد بن زايد قربه إليه وأوكل إليه وضع المخططات التي تسير عليها الإمارات في سياساتها الأمنية محليًا وإقليميًا.
وقام محمد بن زايد بعزل رئيس الدولة الشيخ خليفة بناء على تعليمات محمد دحلان المعروف بعلاقته الوثيقة مع إسرائيل، واستغل محمد بن زايد نفوذه داخل العائلة الحاكمة، حيث إنه متزوج من ابنة عمه حمدان آل نهيان، وهو واحد من أغنى أغنياء الخليج. كما رسخ محمد بن زايد سلطاته على حكم الإمارات مستغلًا قوة عشيرة والدته الشيخة فاطمة بنت مبارك الكتبي، وتحالف مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ونائب رئيس دولة الإمارات الذي أعطاه دعمه الكامل لتنفيذ مخططاته.
واليوم، بات محمد بن زايد هو المتحكم في الإمارات وتوجيه سياساتها بمساعد محمد دحلان، بعدما تمكن من الانقلاب على شقيقه الأكبر الذي لم يعد له وجود في الإمارات إلا على الأوراق والمكاتبات الرسمية فقط، وأصبح الشغل الشاغل لمحمد بن زايد هو إعادة رسم الخريطة السياسية في الشرق الأوسط، ودعم القوى وأنظمة الحكم الموالية له في مصر وسوريا واليمن، وذلك كله بهدف العمل على توطيد أركان حكمه للإمارات، بسياسات موالية للغرب، ومعادية للحركات الإسلامية، ومناهضة لثورات الربيع العربي.
موند أفريك – كريم دويشي
ترجمة: محمد بدوي