رصد تقرير معلوماتي لمعهد واشنطن أسرار خطة روسيا العسكرية وبخاصة الجوية في سوريا والميزانية الضخمة المرصودة لها وصعوبة تحملها وسيناريوهات زيادة قواتها البرية، وأهم الأسلحة وقدراتها وطرق الإمداد.
قال الجنرال الأمريكي كولونيل جون بارنيت إن الجهد الحربي الذي تبذله روسيا في حملتها الجوية بحربها في سوريا ستكلفها حوالي المليار دولار في السنة، باستثناء خسائر الطائرات المحتملة.
وأكد بارنيت أن الرقم بحسب تقديرات أخرى ربما يتضاعف لثلاث مرات، وذلك لأن موسكو نشرت أصولا إضافية للدفاع ضد الصواريخ بما أنظمة “S-400” التي تستلزم المزيد من المركبات والأفراد.
وبحسب مقالة له نشرها “معهد واشنطن” الأحد، أشار الجنرال الأمريكي إلى أنه في الأشهر الأخيرة، تقوم روسيا باختبار مهاراتها في العمليّات العسكرية، الأمر الذي يقتضي تنفيذ نشاطات عسكرية بعيدا عن القواعد الثابتة وتفصيل قوّة ترتكز على أهداف محدّدة. فمنذ غزو أفغانستان، لم تختبر موسكو قدرتها القتالية بهذه الطريقة – أي بين عام 1989 وتدخّلها هذه السنة في سوريا، كانت جميع انخراطاتها العسكرية ضدّ أعداء على طول الحدود الروسية أو داخلها أو في الاتحاد السوفياتي سابقا.
وكشف “بارنيت” أن نشر القوّة العسكرية في إدارة الدعم اللوجستي اللازم للإبقاء على العمليّات بعيدا عن منطقة الراحة المعتادة الخاصة بها، سيكون أمرا مكلفا على روسيا.
كلفة عالية للحملة
وعن سبب الكلفة العالية للحملة الجوية الروسية أشار الجنرال الأمريكي، إلى أنه حتّى الآن، نشرت القوات الجوية الروسية أكثر من ثلاثين طائرة مقاتلة متطوّرة لشنّ ضربات، ودعم هجمات الجيش السوري البرّية من قاعدة “حميميم” الجوّية على الساحل الغربي الملاصقة لمطار باسل الأسد الدولي بالقرب من اللاذقية.
عدد القوات الروسية
ولفت بارنيت إلى أنّه من الصعب تحديد مجمل عدد الأفراد بدقّة، قدّر “المعهد الملكي للخدمات المتحدة” في بريطانيا في شهر نوفمبر أنّه ما بين 1200 و1350 طاقم من القوّات الجوّية الروسية موجودون حاليا في سوريا لدعم العمليّات الجوّية من بينهم طيّارون، وملّاحون، ومشرفون، ومراقبون للحركة الجوّية، ومدراء مطارات، ومراقبون للأحوال الجوّية، وضبّاط استخبارات. ومن خلال إضافة الوحدات البحرية والبرّية المعنيّة مباشرة بالحملة العسكرية في سوريا، سيزيد هذا العدد ثلاثة أضعاف ليصل إلى حوالي 3500 شخص.
مليار دولار في السنة
وشدد بارنيت، على أنه وفقا لأرقام ذُكرت بكثرة نشرتها مجموعة “آي آيتش أس جاينز” في أكتوبر، إنّ الجهد الحربي بكامله – بما في ذلك النشاطات البحرية والبرّية والجوّية – ستكلّف روسيا حوالي مليار دولار في السنة، هذا باستثناء خسائر الطائرات المحتملة. ويقدّر البعض عددا مضاعفا يبلغ حاليا ثلاث مرّات ذلك الرقم. كما أنّ موسكو قد نشرت أصولا إضافية للدفاع ضدّ الصواريخ منذ تقرير “جاينز”، بما في ذلك أنظمة “S-400” التي تستلزم المزيد من المركبات والأفراد.
مقاتلات جديدة
قال الجنرال الأمريكي إن عدّة مصادر أشارت إلى أنّ موسكو قد تنشر خمسين طائرة مقاتلة أخرى أو أكثر في سوريا في المستقبل القريب. إنّ الإبقاء على العمليّات الجوّية بحوالي ثلاثين طائرة مقاتلة تُستخدم بكثرة في بيئة عسكرية هو جهد كبير جدّا، كما أنّ العبء سيزيد مع وصول المزيد من الطائرات. ووفقا لمقالة نُشرت في صحيفة “يو أس أي توداي” تذكر وزارة الدفاع الأمريكية ومسؤولون في القوّات الجوّية، أنّ حوالي ثلث طائرات روسيا في سوريا قد توقّفت عن الطيران في وقت معيّن في غضون أسابيع من بدء العمليّات، وذلك إمّا بسبب المناخ المحلّي (الذي يختلف كلّيا عن المناخ في روسيا) أو بسبب نقص في قطع [الغيار] السهلة التوفر. وفي المقابل، إنّ معدّلات جهوزية طائرات القوّات الجوّية الأمريكية المقاتلة تتخطّى الـ80 في المائة كمعدّل عام.
قاعدة الشعيرات الجوية
ورصد أنّ نشاطا مؤخرا في “قاعدة الشعيرات الجوّية” التي تقع على بعد عشرين ميلا تقريبا جنوب شرق حمص، يشير إلى أنّه يتم ملؤها بالمعدّات الروسية وتحصينها، كما يتمّ تحسين مدرجها، ربّما لدعم الطائرات ثابتة الأجنحة. وبالرغم من أنّ التقارير تشير إلى أنّ بعض القوّات الروسية تستخدم قاعدتَي “حماة” و “التياس” السوريتَين لعمليّات الدعم المروحية والبرّية، إلّا أنّ توفّر قاعدة جوّية للطائرات ثابتة الأجنحة تحت تصرّفهم سيؤمّن ما يزيد عن الحاجة إذا ما واجهت قاعدة “حميميم” عوائق تشغيلية، وسيسرّع ذلك زمن الردّ على أهداف الفرصة. إلّا أنّ نقل المعدّات من مرفأ طرطوس واللاذقية إلى “الشعيرات” قد يعني المرور بمواقع قريبة من المتمرّدين وليست بعيدة عن الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم “الدولة الإسلامية (داعش)، الأمر الذي يزيد من احتمال تقطّع العمليّات.
مضاعفة القوات المشاركة
ونبه بارنيت إلى أنه بالنسبة إلى التكاليف، فإنّ إضافة قاعدة ثانية لزيادة الطلعات القتالية قد يضاعف بسهولة الكلفة العسكرية للحملة التي تقوم بها موسكو حاليا. كما يعني أيضا زيادة عدد الأفراد الروس إلى حوالي ستّة أو سبعة آلاف شخص، إن لم تستطع القوّات السورية أو الإيرانية الدفاع كما ينبغي عن “الشعيرات” وطريق إمدادها – مما يُعتبر غير مرجّح؛ لأنّها ملتزمة بشكل كبير بتشكيلها عنصر الهجوم البرّي في الحملة. وبالإضافة إلى ذلك، سيحتاج الطاقم والطائرات الروسية إلى تبديل في النهاية، مما سيزيد من تكاليف العمليّات.
للاستعراض
أشار الجنرال الأمريكي، إلى أن الضربات بعيدة المدى مثل إطلاق صواريخ كروز من نوع “26 كاليبر” من بحر قزوين تقول أنّ روسيا تتمتّع بالقدرة على التخفيف من العبء عن طائراتها وذخائرها في سوريا بين الحين والآخر إذا دعت الحاجة لذلك.ولكن ستشكّل الذخائر نفقة حاسمة، إذ تكلّف حوالي 750 ألف دولار في اليوم للضربات في سوريا فقط. ومع ذلك، فإن الخيار بعيد المدى هو مكلف أيضا: إذ يتراوح سعر كل صاروخ كروز من نوع “3M14E” يتمّ إطلاقه من البحر ما بين 1.2 و 1.5 مليون دولار، مما يجعل منه خيارا عرضيا فقط. وإذا ما احتاجت روسيا شنّ هجمات مكثّفة بعيدة المدى، ستزيد النفقات العمليّاتية أضعافا مضاعفة.
خسائر روسية
وانتهى بارنيت إلى أنه: “يبدو أنّ إظهار القوّة العسكرية قد ثبت أنه إستراتيجية فعّالة لفلاديمير بوتين على المدى القصير، إلّا أنّ هذا العرض يأتي بثمن أعلى ممّا يدركه العديد من المراقبين. وتدرك روسيا جيّدا أنّ تمديد العمليّات سيكبّدها تكاليف أكبر. كما أنّ المتطلّبات اللوجستية لقوّة عسكرية في الخارج قد تجبر موسكو على زيادة وقع وجودها في سوريا، مما قد يزيد من خطر تكبّد خسائر روسية.