كشف الناشط وائل غنيم، كواليس بداية الشقاق الوطني مع جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أن الرئيس المعزول محمد مرسي وعده في بداية حكمه برفض تمرير دستور 2012 طالما لم يوافق عليه سوى الإسلاميين.
وقال “غنيم”، في تدوينة له على موقع “فيس بوك”، إنه قبل أيام من الإعلان الدستوري الذي صدر في نوفمبر 2012، اجتمع الرئيس مرسي وقتها مع الدكتور محمد البرادعي، وكيل مؤسسي حزب “الدستور”، والمرشحين الرئاسيين السابقين عمرو موسى وحمدين صباحي وأيمن نور، زعيم حزب غد الثورة، مؤكدًا أن اللقاءات كانت إيجابية، في ظاهرها، حيث وعد الرئيس بإصلاح الأخطاء السياسية ومحاولة حل أزمة الدستور الراهنة (بعد انسحاب حوالي ٢٥٪ من أعضاء التأسيسية اعتراضا على مسار عملية كتابة الدستور)، وتشكيل حكومة ائتلافية.
وأكد “غنيم” أن مرسي قال بشكل واضح إن الدستور لن يخرج للاستفتاء الشعبي قبل التوافق عليه بين القوى السياسية وعودة أغلب المنسحبين للجمعية، موضحًا أنه سيعترض على تمرير الدستور طالما لم يوافق عليه غير الإسلاميين فقط. وأضاف: “قبلها بعدة أيام، وبسبب المخاوف من تبعات إصدار دستور من تيار واحد، اتفقت مع د. سيف عبدالفتاح على إننا نقنع نائب رئيس الجمهورية حينها (المستشار محمود مكي) على ضرورة إن الرئاسة تحاول عقد اجتماعات لحل الأزمة.
المستشار مكي وافق ورحب بالفكرة، تواصلت مع كل اللي انسحبوا من الجمعية التأسيسية واتفقنا على مشاركة عدد منهم في اجتماعات بيرأسها نائب الرئيس وممثلين من الأزهر والكنيسة وهيحضرها السلفيين والإخوان، عشان نحاول نوصل لحل”.
وأوضح “غنيم” أن تلك الاجتماعات باءت بالفشل، حيث حضر عشرة أشخاص من المنسحبين بالإضافة لممثل من الكنيسة والأزهر، وحضر من الإخوان محمد البلتاجي بينما رفض السلفيين الحضور، وفي الاجتماع الثاني تغيب الدكتور البلتاجي وأرسل عنه الدكتور أميمة كامل، وفي الاجتماع الثالث تغيبت.
وأضاف: “تمت دعوتي للقاء الرئيس، حكيتله اللي حصل في الاجتماعات، وسألته: بشكل واضح هل حضرتك شايف مصر بعد 10 سنين على نفس الصورة اللي د. ياسر برهامي شايفها بيها؟، فرد علي بالسلب والتأكيد على اختلاف رؤيته مع رؤية السلفيين على شكل الدولة، فقلتله لو الكلام ده صحيح فأنا على تواصل مع أغلب القوى المدنية وشايف إن التوافق على دستور مش مهمة مستحيلة، وإن العائق قصادها هو التعنت اللي كان بيمارسه السلفيين فيما يتعلق بمواد الشريعة (زي المادة 219) وبعض المواد المتعلقة بالحقوق والحريات”، مؤكدًا أن “مرسي وعد المجموعة بسعيه شخصيًا للتواصل مع أعضاء التأسيسية من الإخوان ومحاولة إقناعهم، كما وعد بأن الدستور لن يصدر بدون توافق.
وتابع: “لكن وللأسف فوجئنا كلنا بإصدار الإعلان الدستوري، واتصلت حينها بكل اللي أعرفهم في وزارة د. مرسي، بما فيهم مستشاره القانوني ونائب رئيس الجمهورية ووزير العدل وبعض مستشاريه الآخرين، وكلهم مكانوش يعرفوا أي حاجة عن الإعلان الدستوري، ووقتها المستشار محمود مكي كان متحرج جدا وهو بيقول لي إنه فوجئ بالإعلان زيه زيي بالضبط. شافه في التلفزيون يعني!، بعدها حصل التصويت على الدستور داخل الجمعية بالرغم من وعود د.مرسي، وتم تمرير الدستور في ظل حالة من الاستقطاب غير المسبوق في الشارع السياسي”.
واستكمل: “قيادات الإخوان وقتها كانت شايفة إن التوافق مع السلفيين ضروري عشان التنسيق معاهم على انتخابات مجلس الشعب أو على الأقل عشان ميقدروش يسحبوا منهم الكتلة الحرجة اللي كانت بتصوت للإخوان عشان شعارات تطبيق الشريعة، لأن ده بيعرضهم لمخاطرة خسارة الأغلبية البرلمانية”.
واستطرد: “ود. ياسر برهامي خرج في لقاء مصور في اجتماع مع مجموعة من قيادات العمل الإسلامي، بيقنعهم بدعم التصويت بنعم للدستور، وكان من ضمن اللي بيقوله: “الدستور ده يعتبر نجاح للإسلاميين لم يحدث في مصر من قبل. وإن من خلال بعض مواده هنقدر نقيد حرية الفكر والعقيدة وإبداء الرأي والإبداع”.
وأنهى “غنيم” تدوينته قائلًا: “أنا مش بقول الكلام ده عشان أشتم أو أتهم أو أتشفى، بالعكس أنا باكتب الكلام ده وأنا حزين على فرصة إقامة دولة الديمقراطية والحرية والعدل اللي ضيعناها، بس لعلنا نتعلم من أخطاء الماضي”.
تعليق واحد
كلام وتوضيح السيد غنيم مهم وكان من الضروري أن يخرجه ويوضحه للناس ، وأنا أثق في هذا الرجل ، وفي فكره المتطور وعقله الناضج ، ولكن ما لم يوضحه السيد غنيم وهو مطالب بتوضيحه هو :
أولاً : هل كانت القوى السياسية غير الإسلامية تريد حقيقة حكومة إئتلافية ، أم تريد تقليم أظافر الإخوان ، وسلب السلطة منهم والاكتفاء منهم بالرموز غبر المؤثرة .
ثانياً : لقد بالغ الإخوان في تعقيد الأوضاع وسد كل الآفاق نتيجة قلة خبرتهم بالسلطة والحكم ، وعدم اطلاعهم بشكل دقيق على ما يحاك ضدهم ، ورغبة الجيش والقوى غير الإسلامية في إسقاط النظام والقضاء عليهم .
ثالثاُ : بمنطق النظرية السياسية كل الأحداث والتطورات التي حكاها السيد غنيم هي في عداد “الممارسة السياسية “وكان يمكن احتواء كافة التطورات في هذا الإطار ، والسعي نحو حل سياسي وفق الطرح الديمقراطي .
رابعاً : ألا يعلم السيد غنيم أن القوى غير الإسلامية ساهمت أكثر من الإخوان في سد وإحكام الأفق السياسي حتى تتاح الفرصة للجيش لكي يتدخل ويحسم الأمور ثم يمنحهم حصتهم التي لم يتحصلوا عليها أبداً .
خامساً : ربما يعلم السيد غنيم أن القوى السياسية الإسلامية وغير الإسلامية أخطأت أخطاءً سياسية يمكن احتواؤها في إطار الممارسة الديمقراطية ، أما الجيش والأمن والإعلام والقضاء فقد أخطأت أخطاءً تاريخية مصيرية دمرت الوطن ومعه الديمقراطية ومعهما حلم السيد غنيم !!