“خاص- وطن”- كتب شمس الدين النقاز- لم يعد قادة الغرب يخفون معتقداتهم تجاه المسلمين في كل مكان، فلو استعرضنا تصريحاتهم وأقوالهم لذهل القارئ من حجم الحقد الذي يكنه هؤلاء للمسلمين، لكن في الحقيقة من خبر القوم بيسارهم وبيمينهم المتطرف لن يتعجّب من هذه الأقوال الّتي كانوا يسرّون بها في مجالسهم الخاصة واجتماعاتهم المغلقة، أمّا الآن وبعد كل هجوم إرهابي يسارع هؤلاء إلى اتهام الإسلام والمسلمين بأنهم ارهابيون ومتطرفون.
في خضم أزمة اللاجئين السوريين رفضت بعض الدول الأوروبية استقبال المسلمين منهم في حين رحبت بالمسيحيين وفتحت لهم أبوابها ولم يعلم هؤلاء أنّ قراراتهم كانت متناقضة مع القانون الدولي الّذي دعا الى عدم التفريق بين البشر على أساس ديني أو عرقي.
وعقب الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس بساعات ظهرت دعوات من قبل ثلّة من المتطرّفين الفرنسيّين لطرد المسلمين من فرنسا لأنهم السّبب فيما حدث ولكن نسي هؤلاء أن الإرهاب الّذي يعيشه العالم اليوم تتحمّل فرنسا وغيرها من الدّول العربية والغربيّة أوزاره وكفا بما حدث في العراق دليلا.
في الأسبوع الماضي وفي أعقاب إطلاق زوجين مسلمين النار في مركز لذوي الاحتياجات الخاصة بسان برناردينو في كاليفورنيا بأمريكا ومقتل 14 شخصا، أصدرت حملة المرشّح الجمهوري دونالد ترامب الانتخابية بيانا بعنوان “بيان دونالد ترامب لمنع الهجرة الإسلامية”، جاء فيه أن “ترامب يدعو إلى وقف تام وكامل لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة حتى يفهم نوابنا ما جرى”.
لم يكن مستغربا أن يتفوّه ترامب ولا غيره من السّياسيين الغربيين المتطرّفين بهذه الكلمات لأنّه وكما سبق القول في أول المقال إنّ هؤلاء القوم لا يخفون مشاعرهم وحقدهم تجاه المسلمين في أوّل فرصة تسنح لهم بذلك، بل لا يمكننا لوم دونالد ترامب وهو أمريكي أبا عن جد ويعيش في بلده لأنّ بلداننا العربيّة فيها متطرّفون أخطر من هذا المرشّح الجمهوري للإنتخابات الرئاسية الأمريكيّة.
في بلداننا العربيّة يوجد ألف ألف ترامب وألف ألف مارين لوبان بل لا نبالغ إن قلنا إنّ ترامب ولوبان يبدوان أكثر رحمة وشفقة وإنسانية من المتطرّفين العرب لأنّهما لم يخفيا مواقفهما تجاه المسلمين في أوروبا وأمريكا بدعوى مصلحة الأمن القومي أمّا المتطرّفون العرب فهم يدعون لاجتثاث كلّ ما له علاقة بالهويّة العربية الإسلاميّة من أجل عيون الغرب.
القيادة الأمريكيّة تعلم علم اليقين أنّ من مصلحة الولايات المتّحدة احتضان المسلمين وكسبهم في محاربة الإرهاب لا التّحريض ضدّهم ليصبحوا ارهابيّين، لذلك سارع المتحدّث باسم البيت الأبيض جوش إرنست الثلاثاء إلى القول ” إن نوعية حملة ترامب الرئاسية فيها خطاب مكانه “مزبلة التاريخ”، وإن “تصريحاته مسيئة وتسمم الأجواء، ولا تمنحه أهلية شغل منصب الرئيس كما أنّها منحطة أخلاقيا وسيكون لها عواقب على أمننا الوطني”.
البيت الأبيض لم يندّد وحده بتصريحات المرشّح الجمهوري بل اعتبر كلّ من الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومستشاره بن رودس ووزير خارجيته جون كيري ووزير الأمن الداخلي جي جونسون تصريحات ترامب بأنّها تتعارض مع القيم الأمريكيّة.
يمكننا القول إنّ تصريح دونالد ترامب المرشّح الجمهوري للإنتخابات الرئاسية في الولايات المتّحدة لن يخدم إلّا تنظيم الدّولة الإسلاميّة الّذي طال انتظاره لمثل هذه التّصريحات لأنّها ستظهره في ثوب المدافع عن المسلمين في وجه المتطرّفين الغربيّين وهو ما يضفي شرعيّة على هجماته في الدّول الغربيّة.
الرئيس أوباما ووزير خارجيته جون كيري أوضحا بصريح العبارة أن تصريحات ترامب “غير بناءة” في الحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية لأن التنظيم يسعى بالتحديد إلى إعطاء الانطباع بأنها “حرب بين الولايات المتحدة والمسلمين”.
في الأخير، يبدو أنّ قائد “الدّولة الإسلاميّة” أبو بكر البغدادي منتش بتصريحات دونالد ترامب وعينه في الوقت نفسه على الإنتخابات المحليّة الفرنسيّة الّتي يتمنّى أن يفوز بجولتها الثّانية حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرّف الّذي تصدّر الجولة الأولى الأحد الماضي بفضل أحداث باريس الأخيرة لأنّ فوز اليمين المتطرّف في فرنسا وتواصل التّصريحات العنصريّة للقياديين الغربيين ستكون سفينة نجاة للبغدادي ولتنظيمه.