نشر موقع “المونيتور” الأمريكي تقريرا خصصه للحديث عن أوضاع اللاجئين السوريين في مصر لافتاً إلى أن السوريين في مصر يعانون من أزمات عدة، تأتي على رأسها، صعوبة توفير المأكل والمشرب والمأوى, وذلك في ظل عدم قدرة المفوضية السامية لشؤون اللاجئين على توفير حاجاتهم الأساسيّة، وضعف الدعم الّذي تقدمه إليهم منظمات الإغاثة الدولية، ما أوقعهم فريسة لمكاتب السمسرة للإتجار بفتياتهم وتزويجهن زواجا عرفيا من أجل المتعة فقط، في مقابل حصولهم على عمولات.
ونقل الموقع في تقرير له عن يسرا الدالي، وهي فتاة سوريّة، لم يتجاوز عمرها الـ24 عاماً، انها تزوجت من رجل كهل يتجاوز عمره الـ50 عاماً، حتى توفر حاجاتها من مأكل ومشرب ومأوى.
وعن الأسباب الّتي دفعتها إلى الزواج قالت: “جئت إلى مصر أنا وأمي منذ عامين، هرباً من الموت المنتظر في سوريا، بعدما قتل جيش بشار والدي، ولم يكن لدينا أيّ أموال للعيش، سوى 7000 جنيه مصري، بعد أن فقدنا أمتعتنا ومنازلنا في سوريا، وكنا نحتاج لمن يطعمنا”.
وعن الطريقة التي تعرفت بها على الرجل، قالت: “إحدى جاراتنا السوريات توسطت في الأمر، وعرضت علي الزواج منه، كنوع من المساعدة، باعتبارها من أبناء بلدتنا وتخشى علينا من المخاطر الّتي تهددنا في مصر، ثم اكتشفت بعد ذلك أنّها حصلت على “عمولة” من زوجي، وتقاضت منه 1000 جنيه”.
أضافت: “اشترط الرجل أن نتزوّج عرفيّاً، على أن يعطينا كلّ شهر مبلغ 1500 جنيه للنفقات، واستمرّ هذا الزواج لمدّة 6 أشهر، وتركني الرجل ومضى ولم أعلم عنه شيئاً حتّى الآن”.
أمّا فضيلة السيّد، وهي امرأة، يبلغ عمرها 56 عاماً، فقالت: “بعض المصريين هنا يستغلون ضعفنا وقلة حيلتنا، ويبررون لأنفسهم الزواج من بناتنا بهدف المتعة فقط، فأنا وزوجي وبناتي الثلاث وابني، نحتاج إلى المال كي نعيش. وهنا، في مصر، لا يوجد عمل، فزوجي يعمل في أحد المحال التجاريّة براتب زهيد، ممّا اضطرّني إلى الموافقة على زواج ابنتيّ إحداهنّ 17 عاماً والأخرى 19”.
أضافت: “العيب ليس علينا، بل على من يستغلّ حاجتنا”.
وتابعت: “أتينا إلى مصر لأنّها فتحت أبوابها للسوريّين، وعلمنا أنّ الأسعار فيها أرخص بكثير من الدول العربيّة، ولكن ما لا نعلمه، هو ضعف فرص العمل، واستغلال العديد من المصريّين لحالنا وشدّة حاجتنا وضعفنا”.
ومن جهته، قال أحد المصريّين، 45 عاماً، وهو متزوّج من سوريّة، رافضاً ذكر اسمه: “تزوّجت من سوريّة لمدّة 3 أشهر فقط، وتركتها ولم أنقطع عن مساعدتها. أنا لم أخالف القانون في شيء، فالموضوع عرض وطلب، أنا أريد الزواج، وهي تريد المأكل والمشرب، ومن يستطيع توفير ذلك، فله حقّ الزواج”.
أضاف: “تعرفت عليها عن طريق مكتب سمسرة في منطقة الحصري بأكتوبر، وعرضوا عليّ ثلاث سوريّات، على أن أختار من بينهن، وتزوجتها، ثمّ تركتها لأنّي متزوّج من مصرية ولدي أبناء”.
وتوجه “المونيتور” إلى المسئولة عن أحد مكاتب السمسرة في منطقة أكتوبر، بمحافظة القاهرة، لكنها رفضت الحديث أو الإدلاء بأيّ معلومات، واكتفت بترديد: “نقوم بالتوسط بين المصريين والسوريات فقط من دون الحصول على أي عمولة” .
وطبقاً لتقرير المفوضيّة، فإن عدد اللاجئين السوريين إلى مصر في تزايد مستمر، بحيث بلغ في عام 2013 مائة ألف لاجئ، بزيادة 50 ألف لاجئ عام 2014 ليصبح 150 ألفاً، ثم ازداد ليصل إلى 160 ألفاً بحلول عام 2015.
وبدورها، قالت الأمينة العامة للهيئة العامة السورية للاجئين غيدا شفيق : “قبل أن نتحدّث عن زواج الفتيات السوريّات القاصرات، علينا أن نبحث عن أسباب المشكلة أصلاً، والّتي تعتمد بشكل أساسيّ على احتياجاتهنّ، من مأكل ومشرب وملبس وحماية، في بلد هن غريبات فيه”.
أضافت: “إذا نجحنا في توفير هذه الاحتياجات الأساسيّة للاّجئين السوريّين، فلن نجد تلك الظواهر المريبة والخطيرة.
وتابعت: “علينا أن نعالج أساساً الأزمة حتى نستطيع التخلص منها”.
أما المتحدثة الرسمية باسم المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مروة هاشم فقالت: “إن المفوضية لا تستطيع أن تساعد لمدة زمنية طويلة، فالثورة السورية قاربت الخمس سنوات، وهذا الأمر بات مقلقاً للغاية في ظل التحديات التي تواجه كافة منظمات الإغاثة في العالم ، بعد الزيادة الضخمة في عدد اللاّجئين”.
أضافت: وجدنا حالات كثيرة من اللاجئين يمارسون أنماطاً سلوكية خاطئة، ومن بينها الزواج المبكر للفتيات السوريات في مصر، وتشغيل الأطفال في الشوارع والطرقات في أعمال تتنافى مع آدميتهم وأعمارهم الصغيرة”.
وختمت حديثها قائلة: نقدم دعماً إلى 31 ألف شخص من اللاجئين السوريين في مصر، وهو أقصى ما نستطيع تقديمه في تلك الآونة، حيث نقوم بدفع مبلغ شهري لكل أسرة، يتراوح بين 400 و2200، حسب عدد الأسرة ومدى حاجتها.
وعزا صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة “يونيسيف”، في تقرير أصدره في 5 ديسمبر من عام 2014، سبب انتشار تلك الظاهرة، إلى وقف المعونات الغذائية الّتي تقدمها الأمم المتحدة إلى نحو 1.7 مليون لاجئ سوري بسبب نقص الأموال -بحسب الموقع.